النخبة تناقش تغيرات المفاهيم الاجتماعية واثرها في الزواج والطلاق

مريم القاسم
  ناقش أعضاء ملتقى النخبة-elite التغييرات في المفاهيم الاجتماعية واثرها في الزواج والطلاق بالاردن ، وبين المتحدثون ما اذا كان الزواج  التقليدي يحافظ على استمرارية الزواج اكثر من بناء علاقة تعارف وحب بين الطرفين.
  وسلطوا الضوء على المظاهر الاجتماعية التي تحدث عند الارتباط ، مشددين على دور مؤسسات المجتمع المدني والاعلام في انجاح هذه الرابطة واستمراريتها .
   وقال المهندس نواش حرب انه في القديم كانت حالات الطلاق بين الزوجين قليلة جدا ، اما اليوم نشاهد العجب بين الطرفين لان العلاقة قديما كانت متينة وتقوم على الأخلاق غالبا ، مبينا ان الجاهات والحفلات  عند الزواج معظمها استعراضية لا علاقة لها بتقوية العلاقة بين الطرفين .
    وشدد على تفعيل دور الاعلامي ليكون ايجابيا في هذا المجال ، بتوضيح ان العلاقة بين الرجل والمرأة قائمة على الخلق العالي وان الميثاق بينهما اقوى من الحب . 
وذكر محمد الغبابشة ان الزواج مثل طاولة مستديرة تقوم على أربع قوائم هي الحب والرحمة والسكينة والمال ، فإذا اختلت إحدى تلك القوائم اهتزت الطاولة بأكملها ووقع ما عليها ، فالزواج هو عقد بين القلوب قبل أن يكون عقداً على الأوراق وبين الأيدي وهو تآلف النفوس وسكينتها إلى بعضها. 
وبينت الدكتورة فاطمة عطيات ان المجتمع الأردني بمستوياته جميعا تأثر بعوامل التغيير السياسي والاجتماعي  والاقتصادي التي تحدث في المجتمعات العالمية ، فكل المجتمعات طرأ عليها تغيرات كانت كفيلة بتغييره ، موضحة ان من عوامل التغير  العوامل السياسية المتمثلة بالحروب والصراعات الدولية ، والمتغيرات في المنظومة الصحية والطبية ومفرداتهاو  كذلك الاقتصادية وارتفاع تكلفة العيش والحياة. 
وبين الدكتور عثمان محادين ان التغير يشمل ثقافة المجتمع بصورة عامة ومن جوانبها كافة ، مبينا أن مجتمعنا فيه مستويات اجتماعية واقتصادية وثقافية مختلفة ، فإذا ما كان الاختيار للزواج مراعيا ذلك قد يكون أكثر استقراراً ، مؤكدا ان العولمة لها تأثيرها في المجتمع، ولكنه محكوم نسبياً . 
وقال مهنا نافع ان التحاق المرأة بالعديد من ميادين العمل المختلفة كان له الأثر الواضح في اختلاف جزء من الطريقة التقليدية لتقدم الشاب لطلب الزواج من الفتاة التي يرغب الارتباط بها، فاليوم وبحسب طبيعة العمل يمكن للشاب رؤية أي فتاة خارج منزل ذويها وهذا الأمر كان من الصعب وربما من المستحيل حدوثه بالسابق. 
واشار الدكتور عيد ابو دلبوح من جهته الى ان مراحل الفوضى الاجتماعية وغياب الادراك الحكومي لمخاطرها بدأت من النزوح الفجائي من الكويت عند دخول العراق للكويت بداية التسعينيات ، وكانت المرحلة الثانية من بدايات 1999ولغاية 2004 نزوح المال العراقي غير المنضبط الى الأردن ، وبدأت المرحلة الثالثة منذ 2008  مع الازمة المالية العالمية ، في حين بدأت المرحلة الرابعة منذ2011 وهي مستمرة إلى  الان وهي مرحلة التدمير لمحيط الأردن.
   وأضاف ان المرحلة الرابعة ذ ورافقها انعزال الاثر الحكومي في  الشعب، و التضخم الهائل في الاسعار الرئيسة، وذلك لعدم الفهم الحكومي للاستثمار، لان اي استثمار لا ينعكس ايجابا على المواطن يعد استهتارا به وليس استثماراً ، وبسبب ذلك ارتفعت أسعار الأراضي والشقق التي هي الأساس في تشكيل الاسرة . 
وذكر الدكتور حسين البنا ان ثقافة المجتمعات وتقاليدها تتأثر بالتغيرات الاقتصادية ، كالبطالة والنمو الاقتصادي ومتوسط الدخل والقوة الشرائية والتضخم بالأسعار وتوظيف المرأة ، موضحا ان وضع التعليم أولوية مقدمة على الزواج أدى الى تأخر سنه، وازدياد العنوسة ، بالتالي صغر حجم الأسرة، إضافة الى ارتفاع  كلفة الزواج مما يمنع تكوين الأسرة ، موضحا انه يترافق مع ذلك تغيرات ديمغرافية شاملة للمجتمع ، ومن أبرزها طغيان القيم المادية والفردية، وتراجع القيم الجماعية والروحية. 
وبين هاني الصليبي الفاعوري ان الزواج في مجتمعنا يعاني مشاكل كثيرة كباقي الشراكات والعلاقات في المجتمع ، ويرى أن ذلك يعود لغياب المرجعية العليا  أو الدستور  الذي يحكم هذه العلاقات والشراكات ، ففي حالة الرضى والتراضي بين الشريكين نجد التنازلات وتبادل العواطف والمشاعر الجميلة ، و في حالة الخلاف لا يوجد  مرجع متفق عليه ، فطرف يعد الدين هو المرجع ، فيما يعد الآخر ان ما تعارفت عليه عائلته السابقة مرجعا أعلى ، موضحا عدم الاتفاق على المرجعية منذ البداية خطأ جسيم. 
واقترح زهدي جانبك مشروع مساعدة للتخفيف من حدة الخلافات بين الزوجين ، وهو تفعيل  المسؤولية المجتمعية، مبينا أن هذا الموضوع من أفضل واكبر الميادين لإظهارها ، ومساهمة الشركات في مساعدة  المقبلين على الزواج ، مشيرا الى ان  جاهة طلب العروس، أصبحت بلا معنى تقريبا ، وجاء الوقت ليتحمل الوجه الذي يترأس الجاهة بعض المسؤوليات والالتزامات ، ويكون كفيلا للوفاء بها ، وان يتحمل الوجه الذي يتصدر الجاهة ويوافق على زواج البنت بعض المسؤوليات أيضا ويكون كفيلا للدفا . 
وبين محمود ملكاوي ان من أسباب ارتفاع نسب معدلات الطلاق في المملكة حسب بعض الدراسات عدم تحمل المسؤولية ، والجفاف العاطفي ، وسوء الطباع ، والخيانة الزوجية ، واختلاف طباع الزوجين ، وتدخل الأهل وغيرها ، موضحا ان هذه التغيرات والمفاهيم التي طرأت على طبيعة ومعنى وأنماط ووظائف العلاقة الزوجية في مجتمعاتنا ، تحتاج إلى دراسات معمقة للمساعدة على رفع كفاءة البناء الأسري وقدرته على أداء الوظائف والأدوار المتوقعة. 
 واكد ابراهيم ابو حويله ان المنظومة الأخلاقية حماية للأسرة القائمة والأسر المستقبلية ، وعليه فإن تعزيز الأخلاق هو حماية للأسر واستمرارها وديمومتها ، وما تتناقله اليوم مواقع التواصل من أخبار تندى له الجبين لما لها من أثر كبير في نشر الصور السلبية والتركيز عليها وتضخيمها لجذب مشاهدات وأعداد ، فيما  في الحقيقة نشر مثل هذه الأخبار يسهم في زعزعة الصورة النمطية للأسرة وأظهارها بصور سلبية مبالغ فيها أو حتى غير حقيقية. 
وقال الدكتور عديل الشرمان ان الكثير من الشباب يستمدون ثقافة الزواج من شبكة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، التي تعمل على رفع مستوى التوقعات والطموحات لدى الشباب ذكورا واناثا، وتصور بعض الشباب ان النساء على هذه المواقع أكثر جمالا وأنوثة من زوجاتهم ، مشيرا الى إقامة العلاقات خارج إطار الزوجية ، وذلك من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وبالتالي فإن وسائل التواصل الاجتماعي اوجدت  حالة من الشك بين الأزواج وكشفت الكثير الأسرار، ونشرت الفضائح، وكسرت حواجز العيب والخجل . 
واشار المهندس احمد العدوان الى ان الرجوع الى الدين، إضافة الى ترسيخ مفاهيم كيف يعامل الزوج زوجته وكيف تعامل الزوجة زوجها ، هو الاساس في السعادة الزوجية واستمرارها ، موضحا ان المجتمع تغير ووصلنا الى مرحلة فيها نوع من الانحلال فلا كثرة المال تضمن سعادتك الزوجية ولا قلتها كذلك ، مضيفا ان المعاملة الحسنة هي الأساس وهي بحاجة الى عقل راجح من الطرفين، وان يدرك كل منهم ان بناء الاسرة امر مهم في ديننا وحياتنا . 
وبين ياسر الشمالي ان المحبة والمودة الحقيقية بين الزوجين تنشأ بعد الزواج ، وهي صمام الأمان لاستمرار الحياة الزوجية السعيدة ، مضيفا ان هناك من يقول لابد من الحب قبل الزواج ، واخر  يقول التعارف قبل الزواج ، ولعل القول بالتعارف بمعنى أن يعرف شخصيتها وعقلها وسلوكها اجدى وأنسب ليكون الزواج مبنيا على أسس وقواعد متينة وليس نتيجة حب موهوم وخيالات واحلام تكون بعدها اليقظة . 
وذكر الدكتور خالد الجايح ان المشكلة الأساسية في تغيير المفاهيم الاجتماعية، يعود الى دور الاعلام السلبي من خلال عرض الأفلام والمسلسلات وبعض البرامج المشوهة التي خربت المرأة ولم تصلح الرجل ، مضيفا ان هناك دعوات متكررة شبه يومية عن حقوق المرأة، وحرية المرأة، واحترام المرأة ، وفي الوقت ذاته لم يذكر الإعلام  شيئا عن واجبات المرأة ، فلعبوا في عقل المرأة ولم يحاولوا تصحيح مفاهيم الذكورة. 
وقال موسى مشاعرة ان الزواج فريضة أصلها التواد والتراحم لتعزيز تماسك البنية المجتمعية وتعزيز أواصر المحبة والتراحم ، مبينا ان المشكلة ليست في الزواج التقليدي الذي يتسم بالبساطة ، ولكن في العادات الدخيلة من حيث التشبه بالآخرين وغلاء المهور والجاهات بالمئات ، والبحث عن أرقى الصالات و الفنادق وشهر العسل ، كل ذلك أدى الى التباعد الاجتماعي ، وارتفاع نسبة العنوسة والطلاق الذي يحدث معظمه في الشهور الأولى من الزواج. 
وبين حاتم مسامرة ان هناك  عددا لا بأس به من شبابنا وبناتنا يتصور الحياة الزوجية كما ما يبثه التلفزيون او وسائل التواصل الاجتماعي ، فالكثير منهم لم يتعلم او يتعرض لمواقف تصقل شخصيته ، بحيث يكون التفكير بالطلاق أول الحلول أو أسهلها ، فان كثيرا من مظاهر الحياة اليومية تتداخل وتؤثر بشكل مباشر في  تفكير الشباب ، وان لم يجد لها رادع يقومها بالتربية او الاقتداء بالقدوة الايجابية، ستتضارب العواطف ، ويحصل الشقاق.