شرق آسيا تتقدم وكرتنا مكانك سر!!
ميناس بني ياسين
تتردد في أصداء الساحة الكروية الأردنية منذ فترة قصيرة أخباراً حول احتراف الكثير من لاعبي الكرة الأردنية في الدوريات الماليزية والتايلاندية في الآونة الاخيرة، وهذا ما جعل الشارع الرياضي الأردني يقف لوهلة ويتساءل عن أسباب الفجوة الحاصلة بشكل كبير بين الكرة الأردنية والكرة الشرق آسيوية بعد أن كانت المواجهات التي تجمع الطرفين تميل لكفة القدم الأردنية، وسيطرة الملعب الأردني على مجريات اللقاء وفي ضوء ذلك أجرت "الأنباط" مقابلة مع عدد من الرياضيين والمحللين لـ البحث والمحاولة لإيجاد إجابات للتساؤلات المطروحة.
بدوره بين اللاعب بهاء عبد الرحمن المحترف السابق في الدوري الماليزي، أن الكرة الأردنية تملك خامات ومواهب مميزة، إلا أن الأمكانيات التي تمتلكها دول شرق آسيا استطاعت إحداث فرق كبير والوصول إلى كرة القدم الحديثة، مثل البنية التحتية وتوفير المنشآت والمرافق الصحية ومراكز اللياقة البدنية والمسابح، وسعوا بذلك لتطبيق الاحتراف الحديث وكأن اللاعب له وظيفة عليه تأديتها فقط، رغم أن الخامات الأردنية اقوى وموهوبة أكثر ولكن نفتقر للاحتراف الحديث بمعناه الحرفي، إضافة لـ أن دول شرق آسيا في اولى خطواتها نحو كرة القدم الحديثة كانت باعتماد مدارس أوروبية حديثة، وتعلم لعب مدرسة معينة.
وأضاف أنه ينقصنا كـ كرة قدم أردنية الاهتمام بالاندية، لافتاً أن كل نادي يعاني بالبحث عن نادي رياضي ليدرب لاعبيه فيه ، عدا عن عدم وجود ملعب لكل نادي، وأكمل أن المنتخب الفيتنامي تطور لعبه بشكل كبير، واغلب المدارس الكروية المعتمدة في ماليزيا هي مدارس اوروبية.
وأضاف أن على الجهات المختصة أن تعمل على رسم خطة بعيدة المدى، موضحا أن الدعم المادي مهم جداً في عملية الاحتراف وهذا ما يشكل فرق بيننا وبين الكرة الخليجية أو الشرق آسيوية وهو عدم تخصيص ميزانية محددة لتطوير الكرة الاردنية، رغم اننا في كل موسم نخرج ما يقارب الخمس مواهب اردنية تشكل اسماً في الدوري الاردني والمنتخب.
من جهته قال المحلل الرياضي معتصم يونس لـ"ألأنباط" أنه لا يعتقد أن هناك فجوة بقدر ما هي مشكلة في الاستقرار والهدوء الفني والعمل على التكوين القاعدي للناشئين بل على العكس، إنما كانت الكرة العربية مسيطرة على الكرة الشرق آسيوية، منذ الثمانينات حتى مطلع الألفية وحتى اللحظة لا يزال هناك سيطرة عربية على المستوى القاري، ولكن لا بد أن يكون هناك احتراف وانفتاح أكبر على المدرسة الأوروبية وهذا ما فعلته دول شرق اسيا حيث قللت الفرق من خلال ارسال الناشئين وفتح المزيد من الاكاديميات والتشبع من دوريات غرب أوروبا، فنجد الآن أن الكرة الشرق آسيوية تملك منظومة احتراف كاملة، ودورياتهم بشكل احترافي عالي.
وتابع أن على الكرة الاردنية زيادة الثقة بالمدرب المحلي، واعطاءه فرصة أكبر وحتى لا نكون ظالمين بالاجابة، هناك فارق في حجم الامكانيات المادية وبشكل واضح، وهذا ما يعطي فرصة أكبر للتطور وخلق الاستمرار والاستقرار، مشيرا إلى أنه لا يتكلم عن منتخب فقط او نادي وإنما عن منظومة كاملة بدءاً من المدارس والفئات، وصولا الى مراحل الشباب وتهيئة اللاعبين لـ تكوين دوري مستقر منافس لا فجوة بين أنديته، بحيث يكون تجمع اللاعبين المميزين في اندية الدوري بأكملها وليس أندية معينة، بحيث لا تصبح حجم أمكانياتها التنافسية أقل من الاندية التي في المقدمة.
وأضاف أن أحد الاسباب التي أحدثت الفرق بشكل كبير هو تغير تثبيت الاجندة واعادة جدولة البطولات في الكرة المحلية عدا عن جائحة كورونا التي أثرت كثيراً، وأن الدعم المالي أهم الاسباب ولطالما كان هناك مشكلة في إيجاد رعاة لـ البطولات المحلية، مبيناً أن كل دوري في شرق آسيا يعتمد على مدرسة معينة محددة ويتم تطبيقها، بينما ما زالت الكرة الأردنية تعتمد على علاقات وكلاء اللاعبين و المدربين وقوتهم، وأضاف أن العديد من المدربين من بلدان مجاورة نجحوا في الكرة الاردنية واخرين لم يوفقوا وكذلك الحال مع المدرب الأوروبي، أي انه من الصعب الحكم على اختيار المدربين بالمطلق، وأضاف أن دور القيمة الاحترافية والخبرة التدريبية هي التي تخلق الفارق بالتجربة، لذا لا يمكن التعميم، وبالنسبة له هو مع اعطاء المدرب المحلي الفرصة الأكبر لا سيما أننا نملك مخزون كبير من المواهب والخامات.
وأضاف أن المسؤولية تشاركية سواء من اتحاد كرة القدم والاندية واللاعبين والوسائل الاعلامية، وهذا واجب على الجميع بأن يتكاتفوا من اجل الوصول للهدف وارساء القواعد الاساسية لـ نجاح منظومة كرة القدم وهذا يتطلب خطة طويلة الامد، ويجب العمل على بناء جيل يكون نواة لـ المنتخب الأول، والأهم من كل ذلك هو ايجاد رعاة قادرين على الإمداد المادي وبالتالي تسهل المهمة وهذا ما طور الكرة في شرق أسيا.
وفي السياق ذاته رأى المدرب عثمان الحسنات أن الفكرة هي وجود الاهتمام في الدولة نفسها بالكرة ليس كرياضة فقط وانما أكثر، وبالفعل بدأت دول شرق آسيا بتطوير الكرة من خلال بناء خطط عشرية وعشرينية، والبدء بالخطط الفنية فـ عملوا على استقطاب مدارس أوروبية في كل نادي واعتمادها، واحضار الكفاءات والمدربين من هذه المدرسة وهذا ما عملوه بدءا من الفئات العمرية.
وأضاف لـ"الأنباط" انهم اصروا في بناء خطتهم على الوصول لمرحلة كرة القدم الحديثة وتشرب كل ما فيها من جوانب سواءً داخل الملعب او خارجه، مثل التسويق والتخطيط وبناء نظام للدوري والمحترفين وايجاد الرعاة للدوري والبطولات، ولكن الفرق أن الكرة الأردنية لا تملك بنية تحتية، وتفتقر للاحتراف بمعناه عدا أن استقطاب المدربين ليس بالمستوى المطلوب، وأن الاستثمار في كرة القدم ضعيف وتحتاج لاهتمام اكبر بـ التسويق والتخطيط والتنفيذ، وهذه الجوانب جميعهاغير مستقرة.
وبيّن حول الخطوة الاولى أنه يجب أن البدء من الدولة وزيادة اهتمامها بالرياضة الاردنية وتقديم الدعم الحكومي، وبناء مخطط واسترتيجية طويلة المدى، وإجبار الاندية على بناء فئات عمرية بشكل صحيح والاهتمام بها.
وتابع أن كرة شرق آسيا اعتمدت على استقطاب مدرسة كاملة، وبناء اكاديميات تدريبية حتى لتدريب المدربين المحليين لديهم، إضافة لاهتمامهم بالتكنولوجيا الحديثة وإدخالها في كرة القدم، وأوضح أن حاجة كرة القدم الأهم هي توفر الملاعب وهذا ما تفتقر له الكرة المحلية فنحن نملك 3 ملاعب عشبية فقط للتدريب، وباقي الملاعب التدريبية ملاعب ترتان وهذا أكثر ما يؤذي اللاعبين، إضافة لأهمية ولزوم وجود المراكز التدريبية والتاهيلية والبدء في التخصص في كرة القدم دراسة في الجامعات حتى لا تكون الكرة المحلية مجرد هواية، ولـ ألا يكون العاملين فيها متطوعين لا أكثر.