خبير: البيانات الضخمة وعلم البيانات يشكلان مستقبل الأعمال والمجتمع
تشكل البيانات الضخمة وعلم البيانات مستقبل الأعمال والمجتمع، ويرتبطان
بشكل كبير وينموان بسرعة فائقة ويحولان طريقة عمل الشركات والمنظمات
والمؤسسات الحكومية والخاصة بشكل جوهري وغير مسبوق.
وقال مدير عام شركة
التحليل النقي للاستشارات الإدارية والتكنولوجية الدكتور معتز محمد الدبعي،
إن البيانات الضخمة كمفهوم يعكس التقنيات والأطر والمنصات والمنهجيات
المختلفة التي تزود المؤسسات بقيمة وفوائد كبيرة من خلال امتلاك القدرة على
إدارة مجموعات البيانات الضخمة التي يتم تجميعها من مصادر مختلفة وتأتي
بهيكليات متنوعة، وبفترات زمنية وترددات وسرعة مختلفة، حيث تعتبر أمرا صعبا
من حيث التخزين والمعالجة والتحليل باستخدام التقنيات والمنهجيات
التقليدية.
وأشار الدبعي في حديث لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إلى
أن الكمية الضخمة من البيانات التي تنتج عن مصادر مختلفة مثل وسائل التواصل
الاجتماعي وإنترنت الأشياء وأنظمة المدن الذكية والكاميرات ومراكز الاتصال
الصوتية والأنظمة الحاسوبية المختلفة، قدمت فرصة كبيرة لتلك القطاعات
لاستخراج قيمة عملية مهمة جدا لنجاح أعمالهم واتخاذ قرارات تعتمد على
البيانات بدلا من الاعتماد على الحدس والتوقعات والخبرات الشخصية.
وتابع،
أن من التطبيقات المختلفة في تقنيات وعلم البيانات في القطاع العام، إدارة
المعونات والمنافع الاجتماعية وتحصيل الضرائب ومراقبة أنظمة الصحة
والتعليم وتسجيل بيانات حركة المرور وإصدار الوثائق الرسمية.
وأشار إلى
أن استخدام تقنيات البيانات الضخمة يعد أمرا هاما في توفير قاعدة بيانات
شاملة ومركزية للحكومات بدلا من وجود البيانات في جزر معزولة عن بعضها
البعض وفي اغلب الأحوال غير مترابطة وغير جاهزة لعمليات التحليل والتنقيب،
مبينا إمكانية استخدام الحكومات للبيانات الضخمة والتحليلات لإطلاق
المعلومات الأساسية من خلال منصات البيانات المفتوحة وتحسين الشفافية
والكفاءة في الإدارة العامة وتحسين طريقة استخدامها لتكنولوجيا المعلومات،
وابتكار قدرات وخدمات جديدة وتحسين عملية صنع القرار، إضافة إلى عمليات
تحديد جيوب الفقر ومعرفة طرق واليات معالجتها.
كما أنه يمكن للحكومة من
خلال استخدام تلك التقنيات اكتشاف الاحتيال وزيادة التحصيل الضريبي إلى
أقصى حد، ومساعدة الإدارات الحكومية في الكشف عن الجرائم والأنشطة غير
القانونية، كما تتأثر أنظمة الإدارة وخوارزميات اتخاذ القرار بمفهوم "المدن
الذكية"، حيث تتجه الحكومات المحلية بشكل متزايد إلى تقنيات البيانات
الضخمة لأتمتة العمليات وتقديم الخدمات للمواطنين والمقيمين.
وبحسب
الدبعي، هناك خمس ركائز رئيسية في المدينة الذكية "التنقل الذكي، الاقتصاد
الذكي، الحوكمة الذكية، البيئة الذكية، الأشخاص الأذكياء"، ويمكن استخدام
كميات كبيرة من البيانات في المدن الذكية لزيادة المشاركة العامة، وتعزيز
النمو الاقتصادي، وتحسين كفاءة الطاقة لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس
الحراري، وتحسين الأمن وخدمات الطوارئ، وإدارة تلوث المياه العادمة.
وبشأن
الزلازل، أكد الدبعي أن تقنيات وعلم البيانات تلعب دورا محوريا في إدارة
الأزمات مثل الزلازل، حيث يمكن الاستفادة من أدوات البيانات الضخمة لمعالجة
كميات كبيرة من البيانات ذات العلاقة لتوفير نظرة ثاقبة للوضع سريع التغير
والمساعدة في تحقيق فعالية الاستجابة للكارثة.
وفي القطاع المالي
والبنوك، قال إن البيانات الضخمة يمكنها أن تحدث ثورة في كيفية عمل أسواق
الأسهم في جميع أنحاء العالم وكيف يتخذ المستثمرون قراراتهم الاستثمارية،
كما لها القدرة على إجراء تنبؤات دقيقة واتخاذ قرارات مالية مهمة وفي الوقت
السليم من خلال استحداث نموذج يراقب اتجاهات الأسهم في الوقت الفعلي
ويتضمن معرفة أفضل الأسعار الممكنة، ما يسمح للمحللين باتخاذ قرارات ذكية
وتقليل الأخطاء اليدوية.
وبين أن البنوك تستخدم تلك التكنولوجيا للكشف
المبكر عن عمليات الاحتيال أو حتى منع مثل هذه العمليات قبل حدوثها، من
خلال تطوير نماذج قادرة على تحديد أنماط الشراء وإجراء المعاملات البنكية
النموذجية للعملاء، كما تستخدمها في مجال إدارة مخاطر الائتمان من خلال
قدرات التنبؤ بالديون المتعثرة وتقديم اقتراحات آلية وفعالة للتقليل من حجم
تلك الديون المتعثرة أو منع حدوثها في أحسن الأحوال.
وفي قطاع
الاتصالات، لفت الدبعي إلى أن تلك البيانات توفر القدرة على التنبؤ بالموعد
المحتمل لمغادرة العميل، والتمكن من منحه الحوافز للبقاء لديها، حيث يتم
ذلك من خلال تطوير السيناريوهات والخوارزميات المعتمدة على البيانات
المتاحة التي تمثل طريقة وقائية لتقليل حجم الخسائر الناتجة عن مغادرة
العملاء، وتطبيق مثل هذه التقنيات ترفع درجة الإدراك المؤسسي لشركات
الاتصالات وتساعد على تطوير استراتيجيات الاحتفاظ بالعملاء.
وفي السياق
نفسه، أكد الدبعي أن قطاع الاتصالات بدأ في الاستفادة من تحليل البيانات
الضخمة لمراقبة سعة الشبكة وإدارتها بشكل فعال، وبناء "نماذج قدرة التنبؤ"
واستخدامها لتخطيط قرارات توسيع الشبكة، وهذا الأمر له أهمية عند الانتقال
بتكنولوجيا الاتصالات من جيل إلى آخر كالانتقال من الجيل الرابع إلى الخامس
الذي يعد من اهم أولويات شركات الاتصالات في وقتنا الحالي.
ومن خلال
تلك التقنيات، يمكن لمقدمي خدمات الاتصالات تحديد المناطق المزدحمة للغاية،
حيث يقترب استخدام الشبكة من عتبات السعة لإعطاء تلك المناطق الأولوية
للتوسع في السعة، واستنادا إلى التحليلات في الوقت الفعلي، يمكن لشركات
الاتصالات أيضا تطوير نماذج التنبؤ والتخطيط لقدرة إضافية في حالة
الانقطاعات.
وفي قطاع التعليم العالي، يمكن لمؤسسات التعليم العالي
الاستفادة من تحليل وعلم البيانات، بحسب الدبعي، في تحويل العديد من
الأنشطة بما في ذلك التسجيل ومتابعة الطلبة، والدعم ومشاركة الخريجين
وإدارة المساعدات المالية وغيرها من وظائف التعلم والتشغيل، حيث تعمل
التقنيات في إحداث تحسينات جوهرية على عملية القبول من خلال مطابقة الطلبة
للبرامج الاكاديمية بدلا من الاعتماد بشكل رئيس وجوهري على معدل الطالب في
الثانوية العامة في تحديد قبول الطالب في جامعة وبرنامج أكاديمي معين، حيث
يمكن بناء خوارزميات تعمل على رفع درجة المطابقة ما بين خصائص واتجاهات
الطالب مع البرامج الأكاديمية المتاحة في الجامعات المختلفة.
وأشار إلى
أن هذه الخوارزميات تحتاج حتى تعمل بشكل دقيق وفعال، إلى جمع وتخزين بيانات
شاملة عن تفضيلات الطلبة، ومعلوماتهم الديموغرافية واتجاهاتهم وسلوكهم
وخصائصهم الشخصية والتركيبة السكانية والإعداد ومكان السكن والظروف
الاجتماعية والاقتصادية وغيرها، كما يجب جمع وتخزين بيانات شاملة وموحدة عن
مؤسسات التعليم العالي وبرامجها الأكاديمية وطرق ومناهج التعليم، والبيئة
التعليمية والمرافق والبنية التحتية والنشاطات والمرافق غير الأكاديمية،
والموقع الجغرافي وطبيعية الحياة الجامعية داخل الحرم الجامعي وغيرها من
البيانات ذات العلاقة، لتعمل بعد ذلك على تقديم توصيات حول البرامج
الأكاديمية والجامعات التي يحظى فيها الطالب باحتمال كبير للنجاح والتفوق.
وفي
الإطار ذاته، تساهم التقنيات في تحسين نسبة الطلبة الخريجين وتحديد مواطن
الضعف العلمي والأكاديمي عند كل طالب وإعداد مسار تعلم شخصي يهدف لإضفاء
الطابع الشخصي على تجربة الطالب والعمل على تحسين نتائج الطلبة من خلال
المستشارين والمعلمين الأكاديميين الافتراضيين.
وقال الدبعي إن هذه
التقنيات تساعد في تحديد أنماط التنبؤ بالطلبة الذين يمكن أن يصبحوا في
وضع حرج من النواحي الاكاديمية، ما يتيح الفرصة للجهات المختصة في الجامعة
بالنظر وتقديم المساعدة اللازمة لهم في الوقت المناسب وبشكل استباقي.
يذكر
أن قسم البيانات الذي يندرج من قسم البنية التحتية في وزارة الاقتصاد
الرقمي والريادة يعمل على دارسة تنقيح البيانات الحكومية وتحسين جودتها،
وتحديث قواعد بيانات المؤسسات الحكومية، وبناء مستودعات البيانات الحكومية
وتخزينها بشكل يراعي أمن المعلومات وتبادل البيانات الحكومية بشكل آمن
وموثوق وتحليلها وتجهيزها للدراسات ومساعدة متخذي القرار بالاعتماد على
بيانات معالجة.
-- (بترا)