د.أنور الخُفّش يكتب : تساؤلات حول سيناريوهات الأردن للتعامل مع حكومة اليمين الإسرائيلية ؟

السياسة الخارجية الأردنية أمام تحديات مصيرية أمام سيناريوهات تنتظر الأردن عند التعامل مع حكومة اليمين المتطرفة في إسرائيل ، تبدأ من إلتزام الأردن بالثوابت التي أعلنها جلالة الملك عبدالله ، والإنسحاب من مشاريع "التكامل الإقتصادي" مواجهة إسرائيل سياسياً وإعلامياً ، السيناريو الأفضل العمل على إحياء فرص "حل الدولتين" مع إستمرار تأكيد تعزيز الضغوط في إتجاه عمل السياسة الأردنية حتى الآن بهذا الإتجاه .
أمريكيا ، قام مستشار الأمن القومي جايك سوليفان بزيارة إسرائيل والضفة الغربية من 18 إلى 20 كانون الثاني/يناير ورافقه نائب مساعد الرئيس ومنسق شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بريت ماكغورك. إجتمع السيد سوليفان في القدس برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وكبار أعضاء فريق الأمن القومي بما فيهم وزير الخارجية إيلي كوهن ووزير الدفاع يوآف غالانت ووزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر ومستشار الأمن القومي تزاشي هانيجبي ورئيس جهاز الإستخبارات (الموساد) ديفيد بارنيع ورئيس الأركان العامة في جيش الدفاع الإسرائيلي هرتسي هاليفي.
وشدد السيد سوليفان في كافة مناقشاته على إلتزام الرئيس بايدن بتعزيز المزيد من التكامل والإزدهار والأمن في منطقة الشرق الأوسط وبطريقة تعود بالفائدة على كافة شعوب المنطقة، لزيادة التنسيق في مجالات الطاقة النظيفة والتكنولوجيا الناشئة والأمن الإقليمي والعلاقات التجارية. كما شدد على أن الإدارة ستواصل دعم حل الدولتين وتثني عن إتباع سياسات تعرض للخطر قابلية هذا الحل للحياة. وشدد السيد سوليفان أيضاً على الحاجة الملحة إلى تجنب إتخاذ أي طرف خطوات أحادية الجانب قد تؤجج التوترات الميدانية، مشيراً بشكل خاص إلى ضرورة الحفاظ على الوضع التاريخي الراهن في الأماكن المقدسة في القدس.
واجتمع السيد سوليفان برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في رام الله لإعادة التأكيد على اهتمام الإدارة الأمريكية بتعزيز التواصل مع السلطة الفلسطينية وتعميق العلاقات مع الشعب الفلسطيني. وناقش المجتمعان دعم الولايات المتحدة للسلام والحفاظ على إمكانية التفاوض على حل الدولتين وتعزيز تدابير متساوية من الأمن والازدهار والحرية للإسرائيليين والفلسطينيين. واستعرض السيد سوليفان الإلتزامات الأمريكية تجاه الشعب الفلسطيني ، كما ناقش ضرورة قيام القادة الفلسطينيين بالمساعدة في تهدئة التوترات في الضفة الغربية وتعزيز المؤسسات الفلسطينية. وتبادل المجتمعان أيضا وجهات النظر حول إجراءات بناء الثقة وتعزيز الأمن وتهيئة الظروف لأفق سياسي.
من الجدير بالذكر مع ضرورة الحذر والتنبّه من الجانب الأردني بأن الحلول تجاوزت إطار إتفاقات السلام الموقعة من كامب ديفد وأوسلو وإتفاقية وادي عربة من حق الأردن أن ينتابه القلق في ظل كل المتغيرات والخطوات القادمة من حكومة نتياهو - بن غفير.
هناك مسار جديد يُحضَّر له ، مطروح بجدية في مراكز التفكير الدولية في عواصم الولاية والقرار ، حيث أصدر مركز بروكنجز دراسة تحليلية 29 ديسمبر2020 (حلٌّ كونفدرالي لإسرائيل وفلسطين ) وطرح تساؤلاً ، لما لا يكون الحل دولة واحدة ؟ هل من حل ثالث ؟ وتم تقديم الحجة لإقامة كونفيدرالية في إسرائيل وفلسطين من تشابك العلاقة في الحكومة والعلاقات الخارجية ، الجنسية والحدود ، ومسألة الديموغرافيا واللاجئين والمستوطنين ، والقدس والأمن ، والإجابة لخيار الإندماج أو الخروج وصولاً الى المصالحة التاريخية .
في هذا السياق ، إعترف صانعو السياسات الدولية بأن المفاوضات لم تعد خياراً صالحاً لتسوية سلمية وإنهاء الصراع ، بل بات من المستحيلات ، دون إحداث تغيرات جوهرية وكبيرة وخارجة من الصندوق الحاوي للسلام ، لإستحداث مكونات جديدة في الديناميات الإجتماعية والسياسية الداخلية لدى إسرائيل وفلسطين ، بشكل أكثر عمقاً من أجل توسيع الخيارات المتاحة لصانعي السياسات والجهات الفاعلة برؤية مشتركة من الداخل في السنوات المقبلة .
النموذج الوصول الى دولة ديموقراطية وضمان السيادة المتشاطرة (التشاركية) واحدة على المدى البعيد على أساس أن تكون دولة مفيدة ونافعة لجميع الأطراف دون تمييز، بذلك تكون مجدية من حيث الإمكانية لتشكيل نموذج حوكمة قابلاً للتطبيق بشكل متبادل يحرر الفلسطينين من واقع القمع والإستبداد والإستعمار الإستيطاني والفصل العنصري ليعالج التطلُّعات الفلسطينية والإسرائيلية بطريقة عملية تناغمية وعادلة ويحافظ على حق تقرير المصير والتعبير الوطني للجانبين ، الكونفدرالية قد تكون الحل الإجباري في نهاية المطاف ، حلاً للصراع أو يتم تجميد الصراع .

إن نظام الحكومة الكونفيدرالي من شأنه أن يتوسّع مع الزمن الفرص العادلة للطرفين ، يتجاوز الفرص المتخيّلة في معادلة حل الدولتين الكلاسيكية أو الدولة الواحدة الإسرائيلية الدينية وحقيقتها الغير عادلة والغير ديموقراطية ضمن مفهوم الديموقراطيات في دول الغرب ، التي تفرض شروطها على إسرائيل كدولة إحتلال مقلقة ومضرة للطرفين وهي لا تقدم حلولاً جذرية لحل الصراع بشكل جذري وشامل وستستمر حالة عدم الإستقرار في الداخل ومنطقة الشرق الأوسط وبل تعتبر فرصة ونموذج تستحق التجربة لإرساء أسلوب جديد للعيش في فلسطين تجمع الفلسطينيين والإسرائيليين بشكل أكثر عدالة على أرض موحدة يتشاركون العيش معاً ، فليكن إسمها دولة فلسطين .  إن تطوير إطار العمل هذا يستحق التفكير والتجربة. أين السياسة الخارجية والداخلية الأردنية من كل هذه المشاريع التي تُطبخ على نار هادئة وفي الظلام؟ والله من وراء القصد .



الرئيس التنفيذي / مرصد مؤشر المستقبل الإقتصادي
anwar.aak@gmail.com