د.أنور الخُفّش يكتب :التنمية في أزمة ، أليس كذلك ؟

في الإقتصاد السياسي والمجتمع
د.أنور الخُفّش

التنمية في أزمة ، أليس كذلك ؟

الصورة العالمية تشهد زيادة التوقعات القاتمة لكل من معدلات الفقر ، نقص المواد الغذائية وإرتفاع أسعارها ، صدمات الطاقة والمياه وتفاقم أزمات الديون الهامة والأفراد خاصة في الإقتصادات الناشئة ، بالإضافة الى تفاقم مظاهر تغيُّر المناخ وتبعاتها الإقتصادية وكُلفها الإجتماعية والتضخُّم والرُكود يجعل من الحروب حلاً ، في مقالتي هذه أجدها فرصة لأَدُق ناقوس الخطر إزاء هذه المخاطر، أستذكر معكم ما قاله رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس في كلمة ألقاها قبل الإجتماعات في جامعة ستانفورد" إن سلسلة من الأحداث القاسية وسياسات الإقتصاد الكلي غير المسبوقة تتضافر لدفع التنمية إلى أزمة ، والنتيجة الإنسانية لهذه الأزمات المتداخلة كارثية."

غنيٌّ عن الذكر أن الأولويات الإستراتيجية تجعل من بناء نموذج جديد يحسِّن إستخدام آفاق التنمية الاقتصادية العربية المستدامة (الأردن والإمارات وفلسطين نموذجاً) من بوابة تجميع القدرات المالية لتعزيز الإستجابة للتحديات الإنمائية في العالم وتوسيع نطاقها ، كما أن التنمية الإجتماعية المستدامة في نهاية المطاف من أهم إنجازات الإصلاح السياسي ، الذي يرتكز على تحقيق محركات إقتصادية تُعزِّز معدلات نمو الإقتصاد الوطني مصحوباً بإرساء قواعد العدالة والتوازن والإستقرار في المجتمع ، التي تلتزم سياسات تنموية وتكفل حسن أداء وإقتصاد المجتمع ، وعن طريق وضع التشريعات والنُظم والضوابط الكفيلة بحفظ مُقوِّمات الإستقرار والنمو على الصُعد الإقتصادية والإجتماعية والتعليمية ، وتطوير البُنى التحتية وحسن إدارة وتطوير الموارد الطبيعية والبشرية من منطلقات ومحفزات وتوظيفها إقليمياً ودولياً ، المسألة هنا تحديداً أين العرب من مواجهة تحديات التكتلات الإقتصادية والسياسية الإقليمية والدولية ، وهل يمكن جلب الإستثمارات إلى بلد ما لا يتمتع بالإستقرار السياسي ؟ وهل يمكن للإستقرار السياسي أن يتحقق في ظل الإستبعاد الإجتماعي والقطري أيضاً ؟ هل السوق العربية الموحدة ممكن تجاهلها بعد الآن ؟

وهل من بديل عن نظام قوامة الديموقراطة والمواطنة الفاعلة وحماية الحقوق الأساسية للأفراد السياسية والإقتصادية يمكنه أن يؤهل للتنمية المستدامة السياسية والإجتماعية ، هذا المسار الذي يعزِّز التعاون الإقليمي والدولي بعيداً عن المحاربة وإرساء علاقات دولية وإقليمية متوازنة تكفل من ضمان حرية سوق التجارة والإستثمار والتوسُّع في الحريات الإقتصادية ، وفي نفس السياق هناك تلازم بين السوق العربية الموحدة والإصلاح والتنمية ؟ كما أن إمكانيات تحقيق التنمية ستبقى محدودة الموارد والإستخدامات مهما بذلنا من جهد ووظفنا لها من طاقات مادامت تُدار من مُنطلقات قطرية محدودة الإستخدامات والموارد . ألا يستدعي إرساء التشاركية والتعاون الإقتصادي التجاري بين الأردن والإمارات وفلسطين كسوق واحدة ؟ أليس السودان سلة الغذاء للوطن العربي وتكون ملاذاً لتوظيف الأموال والإستثمارات بتجميع وتكامل وتوظيف قوى المال والسوق والموارد البشرية ؟ والأردن كنز العالم ومركزه للطاقة الكهرومائية ؟ ودولة الإمارات بقيادتها الديناميكة الطموحة والراغبة بدور ريادي في إدارة مستقبل المنطقة ولمواجة التحديات الإقتصادية التي تواجه الشرق الأوسط والدول العربية .
إن الحاجة الملحة تستدعي من المخطط الإقتصادي في الأردن أن يفكر بأن هناك مشاريع صناعية أساسية وتكميلية يمكن بناؤها، عندما توجد الطاقة في الأردن بتكلفة تنافسية ، بذلك تكون الأردن من احد أكبر الدول في صناعة الحديد والتعدين كون أهم مدخلات الانتاج هو الطاقة ، وكذلك مصانع الإسمنت ، وبالإمكان تكوين قاعدة صناعات ثانية تكميلية وتشغيلية من الخدمات اللوجستية قابلة للتصدير ، وذلك من بوابة تهيئة المجال الحيوي السياسي وتحديداً لبناء تجمع أو تكتُّل جيوسياسي وإستثماري وتجاري يجمعهم بمشروع مستقبلي ومن خلال بناء منطومة إقتصادية ومالية تشاركية تجمع الإمارات والأردن وفلسطين،على إعتبار كونها المدخل الإستراتيجي للتناغم والتفاعل مع النظام العالمي الجديد عنوانه الشراكة الإقليمية وأساسه العمل الجماعي ومشاركه التجمع الثلاثي مع كل من العراق ومصر في مشاريع جنوب الأردن ومشاريع سوريا في شمال الاردنبانشاء سوق حره مشتركه مع سوريا لاعاده تصدير المنتجات والصناعات السوريه . مع التفكيركما يستوجب أن يتم دراسة أدوارهما وهيكلهما الرأسمالي والإستثمارات المشتركة في مشاريع التعدين والطاقة والمياه والتجارة البينية في الإقليم والأسواق الدولية ، كما أن يتم تطوير وسائل التصدِّي لتغير المناخ ومعالجة المنافع العالمية بشكل أفضل من المشاركة في حوار لتعزيز الرؤية المشتركة مع وضع خارطة طريق لتقييم كل توصية ومناقشتها لبناء مستقبل أفضل .
الرئيس التنفيذي / مرصد مؤشر المستقبل الإقتصادي
anwar.aak@gmail.com