الدولة بحاجة لـ بناء رعيل سياسي جديد

خليل النظامي
يبدو أن الدولة بـ مفهومها السياسي ما زالت غافلة عن إنتاج رعيل سياسي جديد يعمل على إكمال المسيرة التي بدأها الرعيل السياسي العتيق، الأمر الذي له من الأهمية والأولوية ما له في عمليات التصحيح السياسي والاقتصادي لـ المنحدرة من فلسفة النظام السياسي، وصولا إلى تصحيح مسار الفكر السياسي لـ البنية الاجتماعية ضمن معايير التنوير والحداثة.
ومن الواضح أن هذه الغفلة ليست بـ المنهج المقصود، وإنما تسارع الأحداث والأزمات الإقتصادية والإجتماعية على الصعيد المحلي، وإرتباطات النظام السياسي بـ أوضاع الإقليم والعالم، وقلة خبرة رجالات المطبخ السياسي أو ما يعرف بـ "الدولة العميقة" التي تبني الإستراتيجيات والخطط وترسم خارطة الطريق بعيدة المدى لـ مسارات النظام السياسي، كانت العوامل الأبرز في إنشغال الدولة عن خطة بناء رعيل سياسي جديد لها.
وتبرز خطورة هذه الغفلة على الدولة على المدى المتوسط والبعيد، خاصة أن عمر الرعيل السياسي الذي يقود المرحلة في الوقت الحالي، أوشك معظم رجالاته على الإنتهاء سياسيا وإجتماعيا نظرا لـ تقدمهم الكبير في العمر من جهة، ونمطية العقلية السياسية العتيقة لديهم من جهة أخرى، حيث باتت هذه النمطية لـ تعاطيهم مع قضايا الشأن المحلي لا تنسجم بالغالب مع التطور الذي حدث على ذهنية الشباب الأردني الباحث عن قنوات متحررة يمارس من خلالها حريته السياسية وطريقته الخاصة في تعاطيه مع قضايا ومجريات الشأن المحلي ليشعر بكل فعالية أنه مكون رئيسي وهام من مكونات الدولة العامة.
والخطورة في هذه القراءة تتمحور حول الحالة السياسية المظلمة التي تتعرض لها الدول وأنظمتها حين تفغل عن بناء رعيل سياسي يكون كـ دعائم تثبيت وحماية ومسانده لـ شكل وطبيعة النظام السياسي فيها، ما يتسبب بـ حالة من الفوضى والتشابك غير السليم صحيا بين مكوناتها والنظام وينتج عنه عمليات إهتزاز لـ الدولة بشكلها العام وهذا ما يعرف بـ "الفراغ السياسي".
وهذا المشهد ليس حصريا فقط على فلسفة بناء الدولة من الناحية السياسية، وإنما يتمد لـ معظم القطاعات العامة في الدولة ومكوناتها، فـ الكثير من القطاعات خاصة قطاع الاعلام لم يعتمد على فلسفة بناء رعيل إعلامي جديد يواكب آخر مستجدات العصر الرقمي، ونظرياته وخططه الحديثة، الامر الذي ساق المنظومة الإعلامية الرسمية والخاصة إلى قواقع العشوائية والفوضى في نمطية المخرجات الاعلامية وأساليب وأشكال المخاطبة والإتصال بين المكونات بعضها ببعض.
وبرغم كل ما تم ذكره أعلاه، فما زال لدى مطبخ الدولة الوقت الكافي لـ إعادة النظر في منهجية بناء رعيل سياسي جديد يعمل على مواكبة مستجدات وتطورات العصر ودول العالم على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ليكون الطريق مريحا وممهدا أمام أي تطورات ستحدث على النظام السياسي في المستقبل المتوسط والبعيد.