العمل معًا لبناء "الحزام والطريق" والمضي قدمًا في مسيرة التحديث الجديدة
(بقلم سعادة السفير الصيني لدى الأردن تشن تشوان دونغ)
في الشهر الماضي، شهد الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو معا التشغيل التجريبي لخط سكة الحديد عالي السرعة بين جاكرتا وباندونغ الذي تم بناؤه بشكل مشترك بين البلدين. وبعد اكتماله، ستصل سرعة السير فيه إلى 350 كيلومترًا في الساعة، وسيتم تقصير وقت السفر بين المدينتين من 3 ساعات إلى 40 دقيقة تقريبا.
خلال زيارته لإندونيسيا في عام 2013، طرح الرئيس شي مبادرة "طريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين"، والتي شكلت مبادرة "الحزام والطريق" بالتكامل مع مبادرة "الحزام الاقتصادي لطريق الحرير" المطروحة خلال زيارته اللاحقة إلى كازاخستان.
في السنوات العشر الماضية، تحول البناء المشترك لـ "الحزام والطريق" من الفكر إلى الواقع، وأصبح منتجًا عامًا دوليًا ومنصة مهمة للتعاون الدولي. بفضل الجهود في مظلة مبادرة "الحزام والطريق"، أصبحت الصين شريكًا تجاريًا رئيسيًا لأكثر من 140 دولة ومنطقة، وبحلول نهاية يوليو 2022، بلغ حجم الاستثمار الصيني في الخارج قرابة تريليون دولار أمريكي.
تلبي "الحزام والطريق" احتياجات البنية التحتية العالمية وتعكس التطلعات التنموية المشتركة لجميع البلدان، وخاصة البلدان النامية. وأشار تقرير البنك الدولي إلى أنه في حالة اتمام جميع مشاريع البنية التحتية للمواصلات في إطار "الحزام والطريق" بحلول عام 2030، فمن المتوقع أن تنتج سنويا 1.6 تريليون دولار أمريكي من العائدات للعالم، وأكثر من تستفيد منه البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. ونتيجة لذلك، سيتم القضاء على الفقر المدقع ل7.6 مليون شخص، والفقر المعتدل ل32 مليون شخص.
تتسم مبادرة "الحزام والطريق" بمبادئ التشاور والتعاون والمنفعة للجميع، وتتبع القواعد المقبولة دوليًا، وتدعم مفهوم الانفتاح والشمول والشفافية. ترحب الصين بجميع المبادرات لتعزيز البنية التحتية العالمية وتعارض المجموعات الصغيرة والدوائر الصغيرة. كما تقدم قروضًا تفضيلية بأسعار فائدة منخفضة ومدة استحقاق طويلة للبلدان النامية وفقًا لاحتياجاتها، مع التركيز على المجالات الاقتصادية والمعيشية، لمساعدة البلدان النامية على تعزيز قدراتها التنموية المستقلة، وبالتالي تحقيق التناغم بين القدرة على تحمل الديون والنمو الداخلي. بادرت الصين بإنشاء منصات تمويل واستثمار متعددة الأطراف مثل البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية (AIIB) الذي قد أصبح ثاني أكبر مؤسسة إنمائية متعددة الأطراف في العالم بعد البنك الدولي، مع أخذ البساطة والنظافة والازدهار كثلاثة مفاهيم أساسية. فإن البناء المشترك لـ "الحزام والطريق" لن يكون بمثابة "فخ ديون"، وإنما سيساعد الشركاء على التخلص من "فخ الفقر"، ويجب أن نرفض "فخ الخطاب" الذي يشوه بشكل خبيث مبادرة "الحزام والطريق".
يعتبر الأردن "واحة استقرار" في الشرق الأوسط وبوابة مهمة في الإقليم، وشريكا طبيعيا للصين في بناء "الحزام والطريق".
سيمرر البناء المشترك لـ "الحزام والطريق" شعلة المودة بين البلدين من جيل إلى جيل. كان طريق الحرير القديم منذ ألفي عام يربط الصين بشكل وثيق بالعالم العربي الشاسع. حيث كانت مدينة البتراء القديمة عندئذ محطة تجارية مهمة على طريق الحرير، واستقرت فيها مجموعات من قوافل الجمال الصحراوية المحملة بالحرير والشاي الصيني وتوابل الشرق الأوسط، مما كتب آيات تبادلات ودية بين الصين والأردن. فيما يقارب نصف قرن، وتحت الرعاية الاستراتيجية قيادتي البلدين، استمر البلدان في المضي قدما، متمسكين بروح طريق الحرير، لتعزيز التبادل على جميع الأصعدة، ورفع مستوى التعاون في كافة المجالات، الإرتفاء بها الى شراكة استراتيجية، ومواصلة كتابة فصل جديد من صداقتهما.
سيحقق البناء المشترك لـ "الحزام والطريق"تكامل الاستراتيجيات التنموية بين البلدين. شرعت الصين في مسيرة جديدة لبناء دولة اشتراكية حديثة بطريقة شاملة، وتأخذ التنمية عالية الجودة كمهمتها الأساسية وتسعى الى بناء نمط تنموي جديد وتعزز فيه الدورات المزدوجة المحلية والدولية بعضها البعض. ويعمل الأردن على تعزيز الإصلاح السياسي والاقتصادي والإداري بشكل متكامل، مع طروح "رؤية التحديث الاقتصادي" وإصدار "قانون البيئة الاستثمارية" الجديد. يعتبر كل من الصين والأردن من المؤيدين والمؤمنين بالعولمة، وكلاهما يعارض الأحادية والحمائية، والأردن عضو مؤسس في البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية. إن الصين على استعداد لتعزيز تلاقي الاستراتيجيات التنموية والتواصل السياسي مع الأردن، والاستفادة من المزايا التكميلية، وايجاد جوانب جديدة للتعاون، ومساعدة بناء البنية التحتية وتحسين القدرة الإنتاجية في الأردن مع التصنيع الصيني والبناء الصيني.
سيوفر البناء المشترك لـ "الحزام والطريق" آفاق واسعة لتحقيق المنفعة المتبادلة للبلدين. في السنوات الأخيرة، حقق التعاون بين الصين والأردن في مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار والمقاولات نتائج مثمرة. وفقًا للإحصاءات الصينية، وصل حجم التجارة بين البلدين إلى مستوى قياسي بلغ 4.415 مليار دولار أمريكي في عام 2021 و5.380 مليار دولار أمريكي في الفترة من يناير في الأشهر الـ 10 الأوائل عام 2022، بزيادة سنوية تزيد عن 50٪. وبلغ الاستثمار الصيني المباشر في كافة القطاعات الأردنية 20.24 مليون دولار أمريكي، بزيادة سنوية قدرها 30٪، وزادت الاستثمارات الأردنية في الصين 7 مرات على أساس سنوي في عام 2021. كما تطور تعاون المقاولات بين الصين والأردن بزخم جيد، وأصبحت الطاقة، وخاصة المشاريع التي تستخدم الموارد المحلية والطاقة الجديدة، ميزة بارزة. ستواصل الصين تزويد الأردن بفرص جديدة من خلال التنمية الجديدة.
يصادف هذا العام الذكرى السنوية الـ 45 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والأردن. على مدى السنوات الـ 45 الماضية، تعززت وتعمقت الصداقة التقليدية والتعاون العملي بين البلدين رغم متغيرات الأوضاع الدولية. تتطلع الصين إلى اغتنام فرصة دخول البلدين المئوية الثانية، سعية الى معايير عالية واستدامة وإفادة معيشة الشعب، من أجل البناء المشترك لـ"الحزام والطريق" بجودة عالية، وتحفيز إمكانيات التعاون بشكل أقوى، وتحقيق نتائج تعود بالفوائد على الشعبين بفعالية، بما يفتح مستقبلا أكثر إشراقا.