خبراء يدعون الحكومة لمحاربة عمالة الاطفال وتوفير بيئة حاضنة لهم

شذى حتامله 
   انتشرت في هذه الايام  ظاهرة "عمالة الاطفال" التي تهدد سلامة حياة العديد منهم وتحرمهم من  طفولتهم وحقهم في التعليم والعيش في حياة كريمة خالية من المخاطر، تاركة لديهم  اضرارا جسدية ونفسية على المدى البعيد، على الرغم من أن قانون العمل الأردني يحظر  تشغيل الحدث دون السادسة عشرة من عمره بأي شكل من الاشكال ،  كما يحظر  تشغيله في اعمال  خطرة أو مرهقة أو مضرة بالصحة قبل بلوغه الثامنة عشر من عمره، وبشرط ا أن لا تزيد ساعات عمله على 6 ساعات، وألا يعمل  ليلاً وفي الأعياد والعطل الرسمية والأسبوعية . 
  واكد تقرير صادر عن مركز بيت العمال أنه لا يتوفر حاليا سوى أرقام المسح الوطني لعمل الأطفال عام 2016،  اذ بلغ عددهم من الفئة العمرية (5-17 سنة) نحو 76 ألف طفل، 80% منهم أردنيون، وأكثر من 45 ألف من الأطفال العاملين يعملون في أعمال تصنف بأنها خطرة وفق معايير العمل الدولية وقانون العمل. 
وبين التقرير أن متوسط أجور مجمل الأطفال العاملين يبلغ 171 دينارا شهريا وما يقرب من خمسة دنانير يوميا، وأنهم يتعرضون لمخاطر متعددة على صحتهم وسلامتهم من أهمها الغبار والدخان، والضجيج، والحرارة العالية، والأدوات الخطرة، والمواد الكيماوية، إضافة إلى الإيذاء النفسي والبدني، والإهانات المتكررة والصراخ والانقادات.
  كما بين أن ما يقرب من 47% من الأطفال العاملين  أعمارهم تقل عن 14 عاما، 28% منهم يعملون في أعمال خطرة، وأن فئة الأطفال في الأعمار (16 -17 عاما) وهي فئة مسموح لها بالعمل في أعمال لا تشكل خطرا على سلامتهم وصحتهم وأخلاقهم، يعمل معظمهم أكثر من ساعات العمل المسموح بها (أي أكثر من 36 ساعة أسبوعيا)، فيما الكثير منهم يمارسون أعمالا خطرة. 
الخبير العمالي محمود امين الحياري قال لـ"الانباط "  ان عمالة الاطفال ترجع اسبابها إلى انتشار  الفقر وتراجع المستويات المعيشية للاسر الاردنية ،وغياب برامج الحماية الاجتماعية لها الامر الذي يساهم  بدوره في انتشار عمالة الاطفال ، مبينا ان الاطفال من المفترض ان يكونوا على مقاعد الدراسة ولكن ضعف رقابة  الجهات المعنية وعدم قدرة الاهالي على ارسال ابنائهم للمدارس يدفعهم لدخول سوق العمل بدلا من الدراسة . 
واضاف أن هناك العديد من الاطفال يعملون في مهن وقطاعات مختلفة  دون وجود اي شكل من اشكال الحماية القانونية ؛ لان القانون لا يعترف بعمالة الاطفال ، مضيفا أن اكثر المهن التي يشغلها الاطفال هي صيانة  السيارات وقطاع الخدمات العامة والبيع بالتجزئة واعمال صيانة المنازل .
وتابع الحياري  أن  الجهات المعنية لم تقم بالاجراءات الرادعة لتوفير الحماية اللائقة لهولاء الاطفال مع ان الدستور الاردني يضمن لهم  الحق في التعليم ، مؤكدا ان من واجب الدولة ان تسعى لحماية هذا الحق للاطفال  وتوفير البيئة المناسبة الحاضنة لهم ، مشيرا إلى أن  هناك ضعف وتقصير  من قبل وزارة العمل  في رقابة سوق العمل الاردني . 
وقالت المديرة التنفيذية لمركز تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الانسان ليندا الكلش ، ان عمالة الاطفال مرتبطة بالبطالة والفقر والبيئة التعليمية إضافة إلى اسباب اخرى ترتبط بالاهل لبناء شخصية الابناء ، مبينة ان عمالة الاطفال تكثر في قطاع الزراعة و الورش والبائعين المتجولين . 
 وللقضاء على عمالة الاطفال اقترحت الكلش تحسين البيئة التعليمية وتفعيل الحماية الاجتماعية للاسرة والقيام بحملات تفتيشية وانجاز المشاريع الوطنية التي تهدف للتشغيل . 
واوضح مسؤول الاعلام والاتصال في المرصد العمالي الاردني مراد كتكت ، أن ابرز الاسباب لانتشار عمالة الاطفال هو الفقر ، مبينا ان اغلب الاطفال العاملين اسرهم تعاني الفقر ، إضافة إلى أن جائحة كورونا زادت من معدلات الفقر وبالتالي زادت من عمالة الاطفال. 
واشار كتكت الى ان ابرز القطاعات  التي يعمل بها الاطفال هي القطاعات التي تستبعد اطر الحماية الاجتماعية كالعاملين في المقاهي حيث لا توجد عليها رقابة قانونية ، إضافة إلى العاملين قطاع السيارات . 
واقترح كتكت  للحد من  عمالة الاطفال اعادة النظر في السياسات الاقتصادية التي نفذتها الحكومات المتعاقبة والتي ساهمت بارتفاع معدلات الفقر ؛ لان ارتفاع معدلات الفقر تسهم في زيادة معدلات عمالة الاطفال ، داعيا لتفعيل منظومة  الحماية الاجتماعية لتوفير الحماية الاجتماعية و حياة كريمة لجميع الاشخاص وبالاخص الفقراء .
وطالب  الحكومة باعادة النظر في سياسيات الاجور لخفض من معدلات الفقر ، ومراجعة سياسة التعليم للحد من تسرب الاطفال  من المدارس .  
واكدت ممثلة اليونيسف بالانابة في الاردن شيروز موجي ، ان عمالة الأطفال هي نتيجة عوامل معقدة كثيرة بما في ذلك الفقر  والمعايير الاجتماعية، وقلة فرص العمل اللائق للبالغين والمراهقين والحالات الطارئة لمعالجة عمالة الأطفال بفاعلية.
 وبينت  أن  من المهم النظر إلى المجموعة الكاملة من مواطن الهشاشة التي يواجهها الأطفال وأسرهم لمعالجة الأسباب الجذرية ودمج الاستجابة عبر سياسات الحماية الاجتماعية والتعليم والعدالة وسوق العمل.
وذكرت أن  اليونيسف في الأردن تعمل مع الحكومة  والشركاء للقضاء على عمالة الأطفال من خلال سياسات وبرامج وطنية قوية ، مضيفة انها تقوم بتوفير خدمات إدارة الحالات للأطفال المعرضين لخطر عمالة الأطفال .
ولفتت موجي الى أن عمالة الأطفال تسلب الأطفال طفولتهم، وتحرمهم من حقوقهم وتعرضهم للعنف والأذى البدني والعقلي، وتوقعهم في دوامة من الفقر عبر الأجيال.