أحداث الإحتجاجات الأخيرة بين تساؤلات وأجوبة

جلالة الملك يؤكد أن "الظروف الاقتصادية التي يمر بها المواطنين صعبة، والتعبير عن الرأي حق لهم بـ الوسائل السلمية"

ويؤكد "أن الاعتداءات وأعمال التخريب مساس خطير بأمن الوطن، ولن يهدأ لنا بال حتى ينال المجرم عقابه"

ويشدد : "أننا لن نقبل التطاول أو الاعتداء على نشامى أجهزتنا الأمنية"



خليل النظامي 

من البديهي جدا عندما تتعرض الممتلكات العامة والخاصة لـ التخريب، ان تتدخل الدولة وأجهزتها لـ حماية هذه الممتلكات، ومن البديهي جدا في كل دول العالم ؛ عندما تحاول فئة ضالة الفكر والسلوك الثأر من الدولة وسيادتها من خلال إستثمار الإعتصامات السلمية لـ مواطنيها أن تغضب الدولة وترد هذا الإستثمار الغادر لـ جحره خائبا، وتخلعه من جذوره لـ يعود المواطن لممارسة حقه الطبيعي والمكفول من قبل الدستور العام لـ الدولة في إبداء رأيه وتنفيذ الإحتجاجات السليمة الصحية على القرارات التي يشعر ويعتقد أنه صحية لها متضرر.

وهذا ما وجه به جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله حين قال مشددا أن التعامل سيكون بحزم مع كل من يرفع السلاح في وجه الدولة ويعتدي على الممتلكات العامة وحقوق المواطنين، مؤكدا أن الإعتداءات وأعمال التخريب تعتبر مساس خطير بـ امن الوطن مشددا أننا لن نسمح بذلك، ومؤكدا أن مؤسسات الدولة ستتخذ كل الإجراءات لمحاسبة الخارجين عن القانون.

وأضاف جلالته، أننا لن نقبل التطاول أو الإعتداء على نشامى أجهزتنا الامنية الساهرين على أمن الوطن والمواطنين، مؤكدا القول :"أن الشهيد الدلابيه إبني وإبن كل الأردنيين، ولن يهدأ لنا بال حتى ينال المجرم عقابة امام العدالة على جريمته النكراء". 

وأشار جلالة الملك إلى الظروف الاقتصادية الصعبة اللي يمر بها المواطنون، مؤكدا حقهم في التعبير عن الرأي بالوسائل السلمية ضمن القانون. 

ويجدر بنا كـ قيادات لـ الرأي العام أن نضع مجموعة من الأسئلة قبل الولوج في تحليل مشهد الإحتجاجات التي نتج عنها إضراب عام اثر ارتفاع اسعار المحروقات في الأردن، وزادها الأمر حتى وصلت لـ أعمال عنف وتخريب في بعض مناطق المملكة خاصة ما حدث في منطقة الحسينية في محافظة معان، والتي راح ضحيتها الشهيد العقيد الدكتور عبد الرزاق الدلابيح نائب مدير شرطة محافظة معان إثر رصاصة غادره. 

السؤال الأول والأهم الذي يجب أن نطرحه على الطاولة، ما ذنب المواطن الذي إحتج واعتصم وأضرب بالطرق السلمية التي كفلها الدستور له إثر تضرره من قرارات الحكومة،,!!! 

أعتقد أن الخاسر الوحيد في تحول الإحتجاجات السلمية لـ اعمال عنف وتخريب هو المواطن بشكل عام، والمواطن المتضرر من قرارات الحكومة بشكل خاص، لأن أعمال التخريب شأنها حرف بوصلة الإحتجاجات السلمية في وجهة نظر الدولة والحكومة لـ وجهة تحمل ألف علامة إستفهام، والدليل على كلامي هذا، أن الحكومة ومنذ اليوم الأول لـ الإحتجاجات السلمية التي نفذها أصحاب الشاحنات قامت بـ الإجتماع معهم وتلبية مطالبهم كافة، وعملت الأجهزة الأمنية على حمايتهم وحماية ممتلكاتهم الخاصة خلال عملية الإحتجاج في كافة المناطق. 

الآن أصبح لدى المواطن المتضرر الذي إحتج بسلمية وبما كفل له الدستور من حقوق هاجس الخروج والإعتصام والإبداء برأيه حول الضرر الذي وقع عليه، نتيجة ما فعله الغادرين وأصحاب الفكر الضلالي من عمليات تخريب لـ الممتلكات العامة والخاصة، وضاعت قضيته الرئيسية وبالتالي حقه ضاع جراء ما صنع هؤلاء الخونة. 

السؤال الثاني ويتمحور حول التفسير المنطقي والصحي لـ عمليات التخريب لـ الممتلكات العامة والخاصة والإعتداء على رجال الأمن العام من قبل فئة مندسة على المحتجين السلميين،..!!!

دعونا بداية نقدم العقل في تشخيص وتحليل هذا السلوك، ونتسائل أليست الممتلكات العامة سواء أعمدة الكهرباء أو مباني البلديات والراكز الصحية وغيرها من المباني والممتلكات التي تم تخريبها خلال الإحتجاجات موجودة لـ خدمتنا كـ مواطنين، وهل إيقاع الضرر عليها سيؤثر على الحكومة أو على الدولة, على العكس تماما فـ إيقاع الضرر عليها لن يضر سوى المواطن المتلقي لـ خدماتها، فإنقطاع الكهرباء عن مسن مريض يتعالج بـ البنسلين المخزن في ثلاجة بيته خطر يهدد حياته، وإنقطاعها عن طالب المدرسة والجامعة يحد من قدرته على الدراسة، ولا أعتقد أن هناك عاقل في الدنيا يعتبر الإضرار بـ الممتلكات العامة سلوك صحيح، إلا إن كان شخص فاقد لـ الأهلية أو شخص مندس هدفه التخريب وتوسعة رقعة الفتنة في أردننا الحبيب. 

أما مسألة الإعتداء على نشامى وشباب الأمن العام، فهذا أمر يجب التوقف عنده قليلا خاصة أن الأمن العام لم يأتي لـ إرهاب المواطنين المعتصمين والمحتجين على قرار الحكومة، وإنما جاء لـ حمايتهم وحماية ممتلكاتهم، والحفاظ على سير عمليات الإحتجاج بما كفل الدستور وضمن الأطر القانونية. 

وما حدث في قضية إستشهاد الدلابيح أمر لا يحتاج الكثير من التحليلات، فهو لـ العاقل واضح وضوح الشمس خاصة أن الأردني الأصيل ليس في سياسته رفع السلاح على الدولة أو إزهاق روح من أرواح نشامى الأمن العام، ومؤمن تماما أن أبناء الأجهزة الأمنية والعسكرية هم أبناءه وأبناء عمه وأصدقاءه، ومتضررين من القرارات كما تضرره، الأمر الذي يشير إلى ان ما حدث مع الشهيد رحمه الله أمر لم يخرج من عباءة الإرهاب والدعشنة الفكرية الضلالية الحاقدة على الأردن والمواطن الأردني بشكل عام، وإستغلت وإستغلت وإستثمرت الإحتجاجات الحاصلة مستخدمة إسلوب الغدر وقتلت الشهيد الدلابيح بهدف خبيث يرمي إلى توسعة رقعة الخراب بين المواطنين المحتجين سليما وبين الدولة وأجهزتها. 

السؤال الثالث الذي يجب طرحه على الطاولة، هل بيد الحكومة القدرة على تخفيض أسعار المحروقات أم أن الأمر خارج عن قدرتها على التحمل في حال خفضت الأسعار،, !!!

وهذا السؤال قد أجاب عليه وزير الداخلية خلال المؤتمر الصحفي اليوم بكل بساطه وعفوية وبـ إختصار شديد عندما قال : "المسألة ليست أن الحكومة لا تريد ان تخفض، وإنما ليس لديها القدرة على التخفيض"، وهذا ما يجب على المواطن ان يدركه ويتعايش معه ولو لفترة مؤقته على حد قول الفراية، خاصة أن العقل الحكومي يفكر بطريقة جمعية تخدم المواطنين كافة والدولة، ومن البديهي أن يفكر عقل المواطن بطريقة فردية مرتبطة بـ مصالحة الخاصة.

وما زالت الحكومة تحمل من الشفافية الكثير أمام الرأي العام، فقد إعترفت بـ كافة الأضرار التي قد تلحق بـ المواطنين جراء هذا القرار، وقامت بـ مصارحتهم حول الـ 2 مليار التي يجب أن تتحصل في كل عام كـ رواتب وغيرها، والتي بدونها سيحدث ضررا مضاعف عن الضرر الذي سيلحق بـ المواطن جراء رفع أسعار المحروقات وهذه هي فلسفة العقل الجمعي الحكومي الذي لا يريد الكثير إدراكه. 

الدولة والحكومة لم تنكر على المواطن حق الإعتصام والإضراب وتنفيذ الإحتجاجات ما دامت في إطار ما كفله الدستور، ولدينا نموذج أحداث الرابع التي كانت تعبر عن مثال ديمقراطي حديث وأسفرت عن نتائج كان الجميع سعيدا بها عندما تم إقالة حكومة الدكتور هاني الملقي، أما عمليات التخريب لـ الممتلكات فهذا أمر لا يعبر عن ثقافة ديمقراطية وحرية وإنما يعبر عن فتن وحقد أسود يعشش في قلوب الكثير من الخلايا النائمة في الأردن، والتي تحاول استغلال الكثير من الثغرات لـ الإطاحة بـ منظومتنا الأمنية والإجتماعية، ويحتم على الدولة أن تتدخل بالطرق التي تراها مناسبة.