إرجاء جلسة الموازنة خوفاً من الصدام الحكومي النيابي واستبداله بـ اجتماع لحل أزمة الاضرابات

سبأ السكر
‎  بين الناقد والمعزز لمفاصل الموازنة للسنة المالية 2023؛ توجهت الانتقادات والتساؤلات حول مشروع قانون الموازنة في وقت الإعلان عنها، فبعضهم رأى أنها مثلما ما عهدتها الموازنات السابقة تواجه التحديات دون طرح الحلول لها، في حين أن بعضهم الآخر وضع تساؤلات على طاولة الحكومة عن الأسس التي وضعت لاعداد الموازنة .
‎  وهل خصصت مبالغ كافية لتنفيذ البرنامج التنفيذي للتحديث الممتد لثلاث سنوات 2023 -2026، فيما ان عدم وضع مخصصات كافية لن يساعد على تطبيق الإصلاح الاقتصادي المطلوب.
‎وبناء على بيانات الموازنة وما تضمنته من اطفاءات وقروض جديدة، فإن صافي الدين الداخلي سيزداد بمقدار 1350.38  مليون دينار، في حين سيزداد الدين الخارجي بنحو 953.8 مليون دينار. وبذلك فإن التغير المتوقع في اجمالي الدين العام للعام 2023 سيكون على شكل زيادة بنحو 2304.1 مليون دينار أو 2.3 مليار دينار.
‎    هذا يعني أن الدين العام سينمو بأكثر من معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي الاسمي عام 2023 وفقا لبلاغ اعداد الموازنة، مما يعني مضاعفة العبء على الموازنة من حيث ارتفاع حجم فوائد الدين بقيمة 149 مليون دينار لتصل الى نحو 1.577 مليار دينار عام 2023 .
‎   في حين يتساءل بعض الخبراء عن سعر النفط العالمي الذي بنت الموازنة افتراضاتها عليه، وما تأثير التحركات المتذبذبة لأسعار النفط عالمياً في ظل الأزمات وفرض سقف على سعر النفط الروسي في الاسواق عند مستوى 60 دولارا للبرميل، وحالة عدم الاستقرار الذي يعيشه الاقتصاد العالمي.  
‎والسؤال المطروح هنا: هل لدى الحكومة سيناريوهات بديلة في حال عدم تحقق الايرادات من حيث اللجوء للاقتراض من الاسواق العالمية؟ كما إن لجوء الحكومة للاقتراض الداخلي بهذا الحجم يعني مزاحمة القطاع الخاص على السيولة المتوفرة في الجهاز المصرفي واغراء للبنوك ولصندوق استثمار أموال الضمان لاقراض الحكومة بدلا من الاستثمار بمشاريع رأسمالية مجدية  توفر فرص عمل جديدة مستدامة والاقتصاد بأمس الحاجة لها.
‎وبين بعض المعززين أن ما يميز موازنة 2023؛ هو دمج موازنات الوحدات الحكومية في الموازنة العامة، التي يقدر مجموع إيراداتها للسنة المالية الحالية 860 مليون دينار، ومجموع النفقات للسنة نفسها بمليار و 454 مليون دينار، في حين يقدر صافي العجز قبل التمويل لعام 2022 ولجميع الوحدات الحكومية بنحو 594 مليون دينار، وفقًا لقانون موازنات الوحدات الحكومية للسنة المالية 2022.
‎وتتزامن جلسة مناقشة الموازنة مع الإضرابات التي شهدتها كل محافظات المملكة اثر ارتفاع اسعار المحروقات التي نتج عنها شلل شبه عام في حركة نقل البضائع والسلع وتضرر الكثير من طلبة الجامعات والمدارس وموظفي الحكومة والقطاع الخاص ايضا. 
‎والاضرابات التي حصلت كان من أبرز اسبابها المشادات الكلامية والصورية بين الحكومة ومجلس النواب التي اثارت وشجعت الكثير من المواطنين على الوقوف موقف النواب من قرار رفع الاسعار ضد الحكومة، الأمر الذي اوجد سيناريو جديدا غير متوقع قبل جلسة مناقشة الموازنة. 
‎ومن الواضح أمام الجميع ان حالة من الاحتقان تسود غالبية اعضاء مجلس النواب اثر ردة فعل رئيس الوزراء على تعليقاتهم على قرار رفع الاسعار، الأمر يدعونا للترجيح  بان مشهد جلسة المناقشة التي تم تأجيلها سيكون أشبه بـ "معركة داحس والغبراء"، حيث سيستثمر كل نائب المناسبة ويصب غضبه على الحكومة. 
‎وفي الضفة المقابلة يبدو أن نقاش الموازنة من حيث الناحية العلمية والرياضية والسياسية لن يكون حاضرا بالجلسة نظرا لما ذكرناه ، وسيحل محله العصبية والشعبوية في الخطابات الموجهة من النواب للحكومة، النقطة التي ربما تستفيد منها الحكومة وتمرر ما تريد في الموازنة دون نقاش. 
‎وبالاعتقاد إن تأجيل الجلسة المزعم عقدها اليوم الثلاثاء جاء بسبب من الخوف للاصطدام بين الحكومة ومجلس النواب، واستبدالها باجتماع ما بين الحكومة ومجلس النواب للخروج لحل سريع لملف الاضرابات حول ارتفاع اسعار المشتقات النفطية في المملكة ومن المتوقع أن يخرج هذا الاجتماع بعدة قرارات أبرزها تخفيض سعر الديزل والكاز نحو 3.5 قرش لمادة الديزل.
في حين ستكون الجلسة التي تم تأجيلها مختلفة من حيث الشكل والمضمون عن جميع جلسات الموازنة السابقة في الحكومات كافة ، وربما ستكون تأسيسا لمرحلة مفصلية جديدة في علاقة مجلس النواب مع السلطة التنفيذية التي وصفها بعضهم بأنها علاقة تبادل مصالح وتصبح علاقة مجلس نواب وسلطة تنفيذية كما هي موصوفة في الدستور ونظريات الفكر والعمل السياسي.