ياسين بونو يصنع التاريخ مع المغرب في المونديال

أسهم العديد من نجوم كرة القدم المغربية في كتابة تاريخ عريق لمنتخب بلادهم خلال نهائيات بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، ومن هؤلاء النجوم الحارس العملاق "ياسين بونو" المولود في كندا عام 1991 لأبوين مغربيين.

وسطّر بونو تاريخاً ناصع البياض لنفسه ولمنتخب بلاده خلال مونديال قطر بعدما لعب دوراً محورياً في تحقيق المغرب إنجاز التأهل إلى الدور ربع النهائي للمرة الأولى في تاريخه، كأول منتخب عربي ورابع منتخب إفريقي (الكاميرون والسنغال وغانا) يحقق هذا الإنجاز.

وقدّم الحارس المغربي مستويات مميزة في مونديال قطر، فاستطاع الحفاظ على شباكه نظيفة في أولى المباريات أمام كرواتيا وصيفة العالم، وأثبت أنه يصعب اختراق شباكه، وكان ضمن التشكيلة الأساسية لمباراة بلجيكا التي انتهت لصالح المغرب (2- صفر)، ووقف مع زملائه خلال عزف النشيد الوطني، لكنه شعر بالدوار عقبها، فقرّر المدرب عدم المجازفة بمشاركته، والدفع بحارس مرمى الوحدة السعودي، منير المحمدي.

وعاد بونو لحراسة مرمى المنتخب المغربي في مباراة كندا، التي انتهت بفوز المغرب (2- 1) ، ولكن مُني مرماه بهدف من نيران صديقة بأقدام زميله المدافع نايف أكرد، وهو الهدف الوحيد الذي هز شباكه في المونديال حتى الآن، ليحسم المغرب صدارة المجموعة ويتأهل لمواجهة إسبانيا في الدور ثمن النهائي.

وفي مباراة إسبانيا تألق بونو وحافظ على شباكه نظيفة طوال الوقتين الأصلي والإضافي، وواصل تألقه في ركلات الترجيح بعد التصدي لثلاث ركلات ترجيح بطريقة مبتكرة في مواجهة المنافس، ليفوز بجائزة أفضل لاعب في المباراة ويقود منتخب بلاده إلى التأهل للدور ربع النهائي ومُلاقاة البرتغال السبت.

ووصف بونو قيادته لمنتخب بلاده للفوز على إسبانيا والتأهل إلى ربع نهائي المونديال، في اللحظة التاريخية في مسيرته الكروية وسط الجماهير الضخمة التي ساندت اللاعبين في المدرجات، معتبراً أن منتخب المغرب تعامل مع مواجهة إسبانيا بذكاء، وسيّر المباراة لصالحه.

فيما اعتبر بادو الزاكي الحارس الأسطوري للمغرب، أن ياسين بونو خليفته في الملاعب، مؤكداً أن مونديال قطر أثبت قدراته واستحقاقه للدفاع عن عرين الأسود بصفة أساسية.

ولد بونو في مدينة مونتريال الكندية، لكنه لم يستمر طويلاً هناك حيث عاد في طفولته مع أسرته إلى المغرب، واستقروا في منطقة مرس السلطان بمدينة الدار البيضاء، أكبر مدن المغرب، وهناك بدأت رحلته الرياضية.

واستهل الحارس المغربي مشواره الكروي عام 1999 في سن الثامنة بمدرسة نادي الوداد البيضاوي المغربي، وتدرّج في كل الفئات العمرية للنادي، حتى وصل إلى الفريق الأول الذي فاز معه ببطولة الدوري المحلي موسم 2010/2009، كما بلغ معه نهائي دوري الأبطال عام 2011.

وبرز بونو في الفئات السنية مع الوداد، وحصل على عقد احتراف من نادي نيس الفرنسي، لكن الصفقة لم تكتمل لأسباب مالية، ليلتحق بعدها بالفريق الأول لفريق الوداد وهو في التاسعة عشر من عمره، ويُسهم كحارس ثان خلف نادر لمياغري في إحراز لقب الدوري المغربي، وخاض مباراته الأولى مع الوداد عام 2011، في مباراة العودة لنهائي دوري أبطال إفريقيا في ملعب رادس، ضد الترجي التونسي، وذلك بعد إصابة الحارس الأساسي للفريق، وانتهت بفوز الفريق التونسي بهدف نظيف.

وفي يونيو عام 2012 استهل بونو مشوار الاحتراف الأوروبي، بعدما وقّع عقداً لمدة عام واحد مع نادي أتلتيكو مدريد الإسباني، مقابل مبلغ 360 ألف يورو، مع خيار عامين إضافيين، بصفة حارس ثالث خلف البلجيكي تيبو كورتوا، والإسباني دانييل أرانزوبيا.

ولعب "بونو" أغلب مبارياته في الفريق الرديف لنادي أتلتيكو مدريد، لكنه قضى معظم وقته على مقاعد البدلاء في الفريق الأول، وحصل مع الفريق على لقب الدوري الإسباني موسم (2013- 2014) ، كما كان ضمن البدلاء في مباراة الفريق ضد نادي ريال مدريد في نهائي دوري الأبطال الأوروبي.

وغادر (كورتوا و أرانزوبيا) أتلتيكو مدريد خلال فترة الانتقالات الصيفية لعام 2014، وصعد بونو إلى الفريق الأول حارس مرمى ثانياً بعد الحارس السلوفيني يان أوبلاك، لكنه لم ينل فرصة اللعب مع الفريق، الأمر الذي جعله يبحث عن فرصة للرحيل إلى ناد يوفّر له فرصة اللعب حارساً رسمياً.

ولعب الحارس المغربي معاراً مع ريال سرقسطة الإسباني خلال موسمي 2014- 2015 و 2015- 2016، وخاض معه قرابة 40 مباراة دوري الدرجة الثانية، ثم انتقل إلى جيرونا في يوليو 2016 بعقد لمدة 3 سنوات، وأسهم بصورة كبيرة في صعود النادي إلى دوري الدرجة الأولى بعد 87 عاماً على تأسيسه.

وفي عام 2019، أُعير "بونو" إلى نادي إشبيلية لمدة موسم واحد مع خيار شراء عقده، ليلعب بصفة حارس ثان للفريق بعد الحارس الأساسي التشيكي توماش فاكليك، وعندما أصيب الأخير أتيحت الفرصة أمامه للعب حارساً أساسياً للفريق، وأنهى موسمه الأول مع إشبيلية في المركز الرابع في الليغا، الأمر الذي أتاح له فرصة اللعب في دوري أبطال أوروبا موسم 2020-2021.

واشترى إشبيلية عقد "بونو" مقابل 4 ملايين يورو في سبتمبر 2020، وقاد بتمديده حتى يونيو 2025 مع زيادة الراتب، وذلك بعد المستويات الكبرى التي بات الحارس الدولي المغربي يقدمها برفقة النادي الأندلسي.

وعلى صعيد المنتخبات المغربية، خاض بونو عدة مباريات دولية مع مختلف الفئات العمرية في الفترة بين 2011 و2012، وشارك في دورة الألعاب الأولمبية سنة 2012 في لندن مع المنتخب الأولمبي المغربي.

وفي نوفمبر 2012، استدعي لأول مرة إلى المنتخب الأول، من طرف المدرب رشيد الطاوسي، استعداداً لمواجهة توجو يوم 14 نوفمبر 2012، لكنه ظل على مقاعد البدلاء، ومن ثم خاض أول مباراة مع المنتخب المغربي يوم 14 أغسطس 2013 ضد منتخب بوركينا فاسو على ملعب ابن بطوطة في مدينة طنجة، وكانت مباراة وديّة خسرها أسود الأطلس بنتيجة (1- 2).

ومع مرور الوقت صار بونو الحارس الأساسي للمنتخب المغربي، وشارك مع المنتخب في عدة منافسات، فخاض معه 3 نسخ من مسابقة كأس أمم إفريقيا في الأعوام 2017 و2019 و2022، ونسختين من كأس العالم في عامي 2018 و2022.

ويملك الحارس المغربي العديد من الألقاب خلال مسيرته، منها الدوري المغربي (الوداد)، والدوري الإسباني وكأس السوبر الإسباني (أتلتيكو مدريد)، ولقب الدوري الأوروبي (إشبيلية)، فضلاً عن العديد من الألقاب الشخصية . أبرزها جائزة أفضل حارس مرمى في الدوري الأوروبي (2019-2020) ، وأفضل لاعب إفريقي في الدوري الإسباني موسم (2021- 2022) ، وجائزة زامورا عام 2022.

وحقق بونو العديد من الأرقام القياسية، ففي فبراير 2021، دخل تاريخ نادي إشبيلية بعدما حافظ على نظافة شباكه لمدة 528 دقيقة في الدوري الإسباني، متجاوزاً الرقم القياسي الذي كان بحوزة الحارس البرتغالي بيتو بـ 516 دقيقة، خلال موسم (2014- 2015).

وبات الحارس المغربي أول حارس مرمى عربي يفوز بلقب الدوري الأوروبي، وأول حارس مرمى عربي وإفريقي يسجل هدفاً في الدوريات الخمسة الكبرى، وأول حارس مرمى في تاريخ إشبيلية يسجّل هدفاً في الدوري الإسباني "الليغا"، أول حارس مرمى في تاريخ إشبيلية يفوز بجائزة زامورا، وأكثر حارس مرمى إسهاماً في صناعة الأهداف في الدوري الإسباني في القرن الـ21 برصيد 3 أهداف، وأكثر حارس مرمى حافظ على نظافة شباكه في أوروبا عام 2021 في 32 مباراة.

قنا