المرصد العمالي الأردني يدعو لتحسين بيئات العمل لذوي الإعاقة وزيادة تشغيلهم


أكد المرصد العمالي الأردني استمرار ضعف تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة، ذكورا وإناثا، في القطاعين العام والخاص، رغم التشريعات التي تُلزم بتشغيلهم.
وبين المرصد أن بيئات العمل في العديد من مؤسسات القطاع الخاص "غير جاذبة" لذوي الإعاقة، حيث تكثر فيها التحديات والعوائق مثل عدم تناسب الوظائف مع خبراتهم ومؤهلاتهم العلمية، وعدم توفير شروط العمل اللائق والبيئة المكانية المناسبة.
جاء ذلك في بيان أصدره المرصد التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية بمناسبة اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة الذي يُصادف الثالث من كانون أول من كل عام.
وأشار البيان إلى تدني نسبة تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة في القطاع العام (الوزارات والمؤسسات الحكومية) عن النسب المحددة في قانوني العمل وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث بلغ عددهم (1834) عاملا وعاملة، وفق أحدث الأرقام الصادرة عن المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة عام 2019، أي بنسبة تُقارب الـ3 بالألف من مجمل العاملين في القطاع العام البالغ عددهم أكثر من 550 ألفا، ما يدلل على عدم التزام القطاع العام بتعيين أشخاص من ذوي الإعاقة وفق النسب المحددة بالقانون.
إذ ألزم قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في الفقرة (ه) من المادة (25) مؤسسات القطاعين العام والخاص التي لا يقل عدد العاملين فيها عن 50 عاملا بتشغيل عامل واحد من ذوي الإعاقة، وإذا زاد عدد العاملين في أي منها عن 50 عاملا فيجب تشغيل ما لا يقل عن 4 بالمئة من عدد العاملين فيها، شريطة أن "تسمح طبيعة العمل" في تلك المؤسسات بذلك، وتوافقت معها المادة (13) من قانون العمل الأردني المعمول به.
ولفت المرصد إلى عدم توافر إحصاءات رسمية حول نسب تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة في القطاع الخاص، رغم أنه بدأ يتجه أخيرا نحو تشغيل المزيد من ذوي الإعاقة، وأصبح أكثر تفهّما في هذا الجانب.
وأرجع المرصد تدني نسب تشغيل ذوي الإعاقة في الأردن إلى وجود فجوات وغموض في بعض النصوص القانونية والأنظمة والتعليمات التي تتيح لأصحاب العمل في القطاعين العام والخاص التهرب من الالتزام ببعض النصوص التي تُعطي الحق في العمل للأشخاص ذوي الإعاقة.
وضرب مثلا لذلك بوجود نص في أكثر من قانون ونظام وتعليمات يشترط بأن "تسمح طبيعة العمل" بتوظيف ذوي الإعاقة، وهو ما يشكّل مهربا للمشغلين في كلا القطاعين ويحرم العديد من الأشخاص ذوي الإعاقة القادرين على العمل من حقهم في العمل، وفق البيان.
كما لاحظ المرصد أن بيئات العمل في العديد من مؤسسات القطاع الخاص غير جاذبة وملائمة لذوي الإعاقة، حيث تكثر فيها التحديات التي تعيق انخراطهم في سوق العمل؛ مثل عدم توفير شروط العمل اللائق وبيئة العمل المناسبة وعدم تناسب الوظائف مع الخبرات والمؤهلات العلمية.
ومن ذلك، وفق البيان: عدم توافر المصاعد والنظام الناطق فيها وعدم توافر وسائل نقل عام مناسبة لذوي الإعاقة الحركية والسمعية، وعدم توافر اللوحات الإرشادية بلغة بريل، وعدم القدرة على الوصول الإلكتروني للمصنفات والمعلومات لذوي الإعاقة البصرية، ما حرم العديد منهم من الدخول إلى سوق العمل رغم وجود كودة للبناء تحدد المتطلبات الدنيا الواجب توافرها في المباني بحيث تمكن الأشخاص ذوي الإعاقة من استخدامها بسهولة.
ولاحظ المرصد أن منظومة التعليم والتدريب في الأردن ما تزال قاصرة عن تأهيل ذوي الإعاقة بما يُمكّنهم من الانخراط في سوق العمل كما ينبغي.
أما بالنسبة إلى العاملين في القطاع الخاص من الأشخاص ذوي الإعاقة، وبخاصة في المصانع، فبيّن المرصد أن عددا كبيرا منهم يعانون ظروفا صعبة تتمثل في انخفاض جودة الوظائف التي يعملون فيها، وانخفاض معدلات الأجور عن المعدلات العامة لها، وغياب الشعور بالأمان والاستقرار الوظيفي، وعدم ثقة أصحاب العمل بقدراتهم، رغم أن إنتاجية معظمهم لا تختلف عن إنتاجية زملائهم من غير ذوي الإعاقة.
وأشار المرصد إلى تعرض هؤلاء إلى ضغوطات نفسية كبيرة في أماكن عملهم، إذ يُنظر إليهم بشفقة وإحسان دون مساواة أو حقوق.
وحذر المرصد من انسحاب العاملين من ذوي الإعاقة من سوق العمل بسبب تلك الظروف الصعبة، وما قد ينتج عن ذلك من ازدياد في معدلات البطالة بعامة وفي صفوف ذوي الإعاقة بخاصة.
وأوصى بضرورة إنفاذ قانونَي العمل وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة فيما يتعلق بتشغيلهم بدون أي تمييز في الحقوق أو بين الجنسين.
كما أوصى بتحسين بيئة العمل في القطاع الخاص وفق شروط العمل اللائق لتصبح ملائمة وجاذبة لذوي الإعاقة، وإلزام المؤسسات بتوفير بيئة تيسيرية لعمل وحياة الأشخاص ذوي الإعاقة، وتدريب المتعطلين منهم بشكل فعّال وتأهيلهم إلى سوق العمل.
وشدد المرصد على ضرورة توفير قاعدة بيانات شاملة ودقيقة للأشخاص ذوي الإعاقة في الأردن، لتساعد في رسم الخطط ووضع البرامج لتنفيذ سياسات تضمن تشغيلهم.