منتجات إنقاص الوزن غير المرخصة.. الواقع والتحديات

مظفر بنات
أدى الطلب المتزايد والرغبة في الحصول على الجسم المثالي إلى تطبيع علاجات التجميل وتعزيز الأدوية التي يمكن أن تحقق غاية نحت الجسم بما يتماشى مع التوقعات الاجتماعية، حيث أظهرت دراسات عالمية أن 75 مليون من المختصين بالحميات أنفقوا نحو 61 مليار دولار على منتجات إنقاص الوزن خلال 2010 في حين أن ميزانية أسواق إدارة الوزن قدرت بنحو 158.2 مليار دولار في عام 2015، وبناءً عليه تم توقع الوصول إلى 259.8 مليار دولار بحلول 2022.
و ساهمت العديد من المسببات في تكوين الصور الذهنية عن هذه التوقعات وبخاصة لدى النساء وحاجتهن لإنقاص الوزن ورسم محاور الجسم المثالي، كالسياق الاجتماعي والثقافي الأوسع المعاصر الذي فيه تجد النساء أنفسهن، ففي الثقافات الأكثر حرمانًا، كانت النحافة تعادل سوء التغذية وضعف الصحة والفقر، وأن زيادة الوزن تدل على الثروة.   
وكان لوسائل الإعلام دور هام في التركيز غالبًا على النحيفات وزيادة عدد الصور وتحريرها لتؤثر في أهداف المرأة في حاجتها لإنقاص وزنها بالضغط على جانب الثقة ورضاها عن نفسها، وتمثلت مخاوف صورة الجسد غالبًا في بعض الثقافات نموذج المتلازمات المقيدة التي تؤثر على النساء فقط والذي أكده فحص استخدام أدوية إنقاص الوزن، حيث تمثل استخدامها بحوالي 6٪ من النساء و 1٪ من الرجال الذين استخدموا النظام الغذائي بديلا عن حبوب الدواء، ما أكد أثر هذه الضغوط المتزايد لتتوافق مع الجسم المثالي في كيفية شعور المرأة تجاه نفسها. 
المواطن (ا. ك) أكد من خلال تجربته مع أدوية التنحيف غير المرخصة  ما سبق، حيث انه وبسبب حجم الترويج على مواقع التواصل لهذه الادوية أثارت رغبته في إخفاض وزنه بسرعة مما دفعه  لمراسلة أحد صفحات الانترنت المعنية في الترويج لهذا المنتج مع تأكيدهم انه ليس له أي تاثيرات جانبية وحاصل على شهادة المواصفات الألمانية، وبعد استخدامه لأسبوع بدأت التاثيرات تظهر كالجفاف الحاد، والتأثيرات الجنسية المختلفة.
وفي تجربة أخرى أوضح المواطن (م. ط) أنّ ما جعله يقبل على شراء منتجات التنحيف غير المرخصة إخباره بحصولها على براءة إختراع وعلى ترخيص منظمة الصحة العالمية ووجوده في الصيدليات، موضحا (م.ط) أنه عانى بعد تناوله للدواء بإسبوعين مشاكل مثل آلام الكلى والجفاف الحاد، وازدياد خفقان قلب وتغيرات جنسية.
المختصة بالتغذية السريرية اسراء السايق بينت لـ "الأنباط" أن الأضرار والأعراض الجانبية لأدوية إنقاص الوزن غير المرخصة أنها تعتمد على آلية عمل الدواء حيث أدوية تعمل كمسهلات، فيفقد الجسم العديد من المغذيات كالفيتامينات والمعادن، وبعضها يعمل على كبح الشهية وهذه نتائجها وإن كانت غير صحية فهي قصيرة المدى إذ أنّ الشهية تعود بشكل أكبر بعد تركها، وتطرقت السايق للحديث حول أثرها السلبي على الصحة على المدى البعيد حتى إن ساعد بعضها على نزول الوزن، لكنه يبقى غير صحي وأن الطريقة الصحيحة هي الطبيعية من خلال نظام صحي متبوع الإلتزام بالرياضة كنظام حياة بدل تجارب تؤذي الجسم أو قد تؤدي إلى أعراض سلبية على المدى البعيد .
وبحسب دراسات أجريت في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي أشارت إلى أن بعض المجموعات العرقية الثقافية ربطت جسد النساء بقابلية الزواج والجاذبية والخصوبة، علاوة على أن "النموذج الرفيع" أصبح أكثر انتشارًا في العديد من الثقافات ومرتبطاً بالتحديث والوضع الاجتماعي والاقتصادي داخل كل ثقافة ومجتمع، وأن النحافة المثالية مرتبطة بالسعادة والنجاح والشباب والقبول كون زيادة الوزن تعادل الكسل وعدم وجود الإرادة.
وبينت نتائج استطلاع المواقف الاجتماعية البريطانية أن (63٪) راضيات عن شكلهن وحوالي ثلاثة أرباعهن شعرن أن هناك ضغطًا كبيرًا عليهن للحصول على مظهر نحيف و أن (87٪) من اللواتي تتراوح أعمارهن بين 11 و 21 عامًا أجبن بأنه يتم تقييمهن بشكل أكبر على مظهرهن الخارجي، وأن ما بين ثلث ونصف الصغيرات خائفات من السمنة، وأن واحدة من كل أربع في السابعة حاولت اتباع استراتيجية إنقاص الوزن مرة على الاقل. 
الانتشار الواسع لهذه المنتجات على شبكة الإنترنت ساعد في تسهيل عملية توفير منتجات التنحيف والأدوية غير المرخصة والمصنفة ضمن أدوية تحسين الجسم من خلال خدمات الشراء عبر منصاته وهو ما يسمى بالويب المظلم، وهو سوق سوداء عبر الإنترنت يمكن للمجتمعات المتكونة وبخاصة المنتديات النسائية في توفير مجموعة كبيرة من المعرفة والمعلومات المتعلقة بهذه الأدوية والتفاعلية بمناقشة التجارب حولها، بالإضافة لسهولة خدمات التوصيل والأسعار المتدنية والتنوع فيها، دون وجود ضمانات لدقة المعلومات المعطاة حول جودة الأدوية الموردة.
وتتضمن منتجات التنحيف غير المرخصة خلطات "طبيعية" أو "عشبية" تُباع عبر الإنترنت تميل شعبيتها إلى التقلب بحسب الغرض الموصوفه لهفمنها ما يؤثر على هرمونات الغدة الدرقية الاصطناعية المستخدمة لعلاج قصور الغدة الدرقية، ومنها يصل للتأثير على فقدان الوزن بتقليل وتغيير توزيع الدهون أو القدرة على تحلل السكر، وتقليل تدهور البروتين مما يجعلها جذابة للذين يسعون في وقت واحد إلى فقدان الدهون واحتباس العضلات أو التقليل الشهية وتعزيز حرق السعرات الحرارية.
وعن هذه الأدوية والمنتجات ؛ بينت مؤسسة الغذاء والدواء بأنها تقوم من خلال قسم الأغذية بإجازة استيراد وتداول المكملات الغذائية ذات العلاقة بضبط الوزن بحسب تعليمات إجازة أغذية الإستعمال الخاص لعام 2017 وتعليمات الإعلان عن أغذية الاستعمال الخاص 2011 ، موضحة أن هذه التعليمات تحظر استيراد أو تداول جميع منتجات الأغذية الخاصة إلا بعد الحصول على اجازة تداول لها حسب الأصول ، وأنها تعمل على دراسة طلبات الإجازة المقدمة لهذه المنتجات من خلال لجنة فنية متخصصة تضم أساتذة جامعات متخصصين في علوم الغذاء والتغذية، وأن جميع الموافقات الصادرة لهذه المنتجات والتي يتم إجازتها من خلال مديرية الغذاء لا تتضمن بطاقة بيانها أي إشارة إلى التنحيف وإنما إدعاءات عامة مثل المساعدة على ضبط الوزن ضمن برنامج غذائي متوازن أو لصحة الجهاز الهضمي فقط، كما أنه وعند إصدار كتاب الإجازة يتم تثبيت عبارة يمنع الاعلان أو الترويج لهذه المنتجات إلا بعد الحصول على موافقة خاصة حسب الأصول.
ومن جانب المتابعة والتقييم اوضحت المؤسسة أن القسم يقوم بمتابعة ما يتم نشره من إعلانات وما يتم من ترويج للمنتجات غير الحاصلة على موافقة إعلان حسب الاصول وخاصة عبر وسائل التواصل، ويتم مخاطبة مديرية البحث الجنائي للابلاغ عن المواقع الالكترونية التي تقوم بالاعلان والترويج لبعض المنتجات بادعاءات غير موافق عليها من المؤسسة واتخاذ الاجراء اللازم بحقها.
خلاصة الأمر انه بات يتوجب تأسيس قواعد جديدة للحماية وأنظمة واقعية للعقوبات حول جرائم الترويج لهذه المنتجات، والاعتماد على نشر الوعي الصحي حولها والحث على خلق تشريعات دوائية أردنية تكفل الحماية للمواطنين ضمن القانون المدني.