التبرع بالأعضاء ٠٠ ثقافة لم تر النور حتى الآن

مرام الحديد 
يعزو غياب ثقافة التبرع بالأعضاء لدى المجتمع الاردني والعجز المقلق في هذا المجال إلى العديد من الاسباب، التي تتوزع بين المسؤولية الفردية والجماعية، خصوصا قلة الوعي المجتمعي ونقص المعلومات، وهو نقص يشمل جميع الجوانب الطبية والقانونية ووجهة نظر الدين الإسلامي، ناهيك عن المعتقدات الخاطئة والخوف من هذه العملية، لذلك من الضروري استدراك هذا التأخر، وتكريس ثقافة التبرع في مجتمعنا، واعتبارها ضرورة قصوى.
وأوضح امين عام دائرة الافتاء الدكتور أحمد الحسنات أن حكم التبرع بالأعضاء مسألة من المسائل الفقهية الحديثة والمعاصرة التي لم تكن في العصور السابقة، وقد اجتهد فيها الفقهاء المعاصرون والمجامع الفقهية ودور الإفتاء العالمية، وتوصلوا إلى أن الإنسان يجوز له يتبرع بأعضائه بعد موته ووضعوا شروط لهذا التبرع لان الإنسان يتبرع بعضو من الأعضاء القابلة للنقل والاستفادة منها بعد الوفاة، يكون قد احيا نفسا ربما هي بحاجة الى هذا العلاج وهذا التداوي والله تبارك وتعالى يقول :" ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ."

ودعا الى العلاج وأن يفيد المسلم أخاه المسلم و النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولايخذله"، وبـ التالي ينبغي على المسلم أن يفيد إخوانه بالتبرع بأعضائه التي يمكن الاستفادة منها بعد الوفاة، شريطة أن يكون الشخص قد أذن بالتبرع في حياته، وجاز بعض الفقهاء أن يقبل الورثة أذ لم يكن هو قد أوصى في حال حياته أن يقوم الورثة بعد الوفاة أن يأذنوا بالتبرع بالأعضاء، وبالتالي العلماء اعتبروا أن التبرع بالأعضاء من المصالح الشرعية التي جاء الإسلام .

وراى ان  التبرع من المصالح العليا للإنسان مشروط بأن يكون التبرع فيها منفعة للطرف الآخر ولا يؤدي الى تشويه الطرف المتبرع، مؤكدا ان حكم التبرع بالاعضاء جائز بعد الوفاة وقد يثاب الانسان عليه ثواب الصدقة لأنه يكون قد انقذ مريض من الموت.

وفي السياق ذاته قال رئيس اللجنة الصحية النيابية الدكتور احمد السراحنة في حديثه مع "الأنباط"، أن الوعي الاجتماعي لدينا لم يصل ذروته الصحية بمسألة ثقافة التبرع بالأعضاء، حيث لا يوجد توجه من المواطنين للتبرع بالأعضاء، وهناك حالات ولكنها فردية ليس مثل الدول الاخرى .

وتابع،  يوجد لدينا مديرية زراعة الأعضاء بوزارة الصحة  وهي معنية اليوم بجميع الأمور المتعلقة بزراعة الأعضاء ومن سنوات قليلة تم تعديل القانون و أصبحت زراعة الأعضاء كلها تحت مسؤولية هذه المديرية، أي بمعنى انه لا يستطيع المريض أن يزرع في اي موقع في الاردن الا يجب عليه أن يراجع هذه المديرية وهذا من باب الحماية من الاتجار بالأعضاء .

ودعا إلى زيادة التوعية والتثقيف والاعلانات، مشيرا إلى أن هناك تقصيرا من الحكومة بتوعية المواطنين بالتوجه للتبرع بالأعضاء، لافتا إلى أن هناك عدة أسباب لتوجه المواطنين لدول اخرى لزراعة الأعضاء، من ابرزها التكلفة المالية وهي في الأردن مجانية لجميع المواطنين الذين لديهم تأمين صحي، وغير المؤمنين صحياعن طريق التأمين الصحي أو من خلال الاعفاء الطبي بالنسبة للتكلفة، ويأتي السبب الاخر انه ممكن لا يوجد متبرع من الدرجة الأولى أو الثانية من الأقرباء متطابق له. 

اختصاصي زراعة الكلى الدكتور محمد حسان الذنيبات قال، ان ثقافة التبرع بالأعضاء في مجتمعنا لا تزال ضعيفة، في المقابل مع العالم وذلك بالنسب العالمية للاسف متأخرة، كما أوضح انه لدينا 150-200 حالة متوفاة دماغيا بسبب حوادث السير سنويا، ويستطيع الشخص المتبرع بتبرع 8 أعضاء كـ (الكليتين ، القلب ، الرئتين ، الكبد ، البنكرياس ، و القرنيتين ).

وأشار، إلى أنه يوجد 7000 شخص مرضى يعانون الداء الكلوي وتكلفة علاجهم تقريبا 60-80 مليون دينار سنويا أي كل مريض يكلف نحو 9000 دينار ومع الاسف الارقام بتصاعد و التكلفة تتزايد أيضا. 

وتابع، أنه وللأسف ما زالت الثقافة ضعيفة على الرغم ان الاردن كانت السباقة في زراعة الأعضاء في الشرق الأوسط من عام 1972، حيث كانت أول زراعة للاعضاء تحصل في الاردن والشرق الاوسط، ولكن لم نطور هذه الثقافة ويوجد الامكانيات لتشجيع هذه الثقافة ونعلم أن الجانب الديني مؤثر في قرارات الناس بلا شك والآن يوجد فتوى من دائرة الافتاء بأن التبرع بالأعضاء جائز ، وايضا مستحب و يعتبر من الصدقة الجارية .

وحول الجانب القانوني أوضح أنه يوجد تشريعات خاصة بالتبرع بالأعضاء ، لافتا انه يجب أن يكون هناك مركز وطني للتبرع بالأعضاء لانه مع الاسف لا يوجد تنسيق بين المؤسسات ، اي بمعنى ان برامج زراعة الكلى تحتاج تنسيق ولغاية هذه اللحظة لا يوجد قائمة انتظار وطني على مستوى الأردن كله ، ومفتاح هذه الامر ان يكون هناك جهة مركزية تنظم هذه العملية. 

ومن خلال الإحصاءات نقوم بزراعة 100 كليه في السنة ولكن من متبرعين أحياء، وهذا لا يغطي كل الحاجة التي لدينا لأنه سنويا تزيد الحالات من 800-1000 حالة داء كلوي.   

وشدد ذنيبات، على ان هذه الثقافة تأتي من خلال مناهج المدرسية و من خلال مساقات في الجامعات ومن خلال الإعلام ، وقمنا بعمل حملة بعنوان ( التبرع حياة ) يوجد بهذه الحملة أطباء من مختلف التخصصات الذين يساعدون على الوعي المجتمعي للتبرع بالأعضاء والاجابة على اسئلة الناس وتساؤلاتهم.      

التغاضي عن مصير حياة الاشخاص لم يعد ممكناً بأي شكل من الأشكال ، خصوصا مرضى القصور الكلوي يعانون أو يموتونمن دون أن يحظوا بتلك الفرصة الثمينة للحياة بسبب قلة أعداد المتبرعين، على الرغم من عدم وجود أي موانع قانونية وطبية وحتى دينية.