الأمن الغذائي.. التخطيط ومراجعة السياسات المائية والتكيف طريق أمن لتجنب المخاطر

م. المصري: نسبة الإستيراد الزراعي سترتفع لـ100% اذا استمر الوضع الحالي

د. الزعبي: استمرار النقص في الإنتاجية الزراعية يهدد الأمن الغذائي

الانباط – سالي الصبيحات

تشير الدراسات والتقارير الصادرة عن منظمة الأغذية والزراعية (الفاو) إلى أن العديد من دول العالم العربي ومنها الأردن بحاجة إلى التعاون والتخطيط الاستراتيجي لإدارة وتوزيع مواردها المائية، ومراجعة سياساتها المتعلقة بالمياه والأمن الغذائي والطاقة، وصياغة خطة استثمار فعالة، وتحديث نظم الحوكمة وإدارة المؤسسات، والأخذ بعين الاعتبار المياه السطحية والجوفية والمياه الدولية المشتركة.

ونظرا لتفاقم الشح المائي وارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، فإن الأردن تحتاج إلى تبني الممارسات الجيدة والفعالة لوضع الحدود الآمنة التي تضمن استخدام المياه بشكل مستدام والاستفادة من كل قطرة مياه بما في ذلك مصادر المياه غير التقليدية.

وزير الزراعة الأسبق المهندس سعيد المصري، أوضح ان التغيرات المناخية التي نشهدها تكون متبوعة بعدم انتظام في الهطول المطري، ما ادى الى إنخفاض كميات الأمطار المستخدمة في عمليات الزراعة، وأثر على نوعية المياه الجوفية، مشيرا إلى ان معظمها أصبح رديء الجودة، ما جعل العملية بشكلها العام في غاية التعقيد من حيث جودة المياة وكمياتها.

وتابع، أن هذه التغيرات عملت على تراجع في الإنتاجية الزراعية في الأردن خاصة أن حجم الإستهلاك أكبر من حجم الإنتاج ما يضطرنا لـ فتح أبواب الإستيراد من الخارج، مشيرا إلى ان نسبة الإستيراد بلغت 85%، مرجحا ان ترتفع نسبة الإستيراد إلى 90 أو 100 % اذا استمر الواقع على ما هو عليه.

ودعا المصري، إلى تطبيق رؤية التحديث الاقتصادي التي جاءت بتوجيه من جلالة الملك عبدالله الثاني في شق الانتاج النباتي والحيواني والصناعات الغذائية ، وإستخدام التقنيات الحديثة التي تستهلك كميات مياه أقل ولم يتم العمل بها لغاية الآن.

وكان وزير الزراعة خالد الحنيفات أكد على ضرورة مراجعة مؤشرات الأمن الغذائي المستخدمة كونها في كثير من الأحيان لا تعكس الصورة الحقيقية لوضع الأردن الغذائي نتيجة تحميله كل أعباء ضيوف الأردن من اللاجئين، واشار الى ضرورة تزويد المستشارين المكلفين بإعداد الاستراتيجية بالتغذية الراجعة لتطوير الآلية المقترحة ووضع خطة تنفيذية واضحة وذلك استعدادا لأي أزمات مستقبلية قد تطرأ لا سمح الله نتيجة لجائحة الكورونا أو اي أزمات إقليمية.

من جهته، قال خبير الأمن الغذائي في مركز جنيف لـ الدراسات الدكتور فاضل الزعبي، أن التغيرات المناخية تؤثر على الانتاج الزراعي، مشيرا الى ان أبرز عوامل التغير المناخي تأثيرا على الإنتاج الزاعي الإرتفاعات المتوقعة في درجات الحرارة وتغير نمطها الموسمي الذي أدى إلى نقص في الإنتاجية الزراعية لبعض المحاصيل ما يهدد الأمن الغذائي، مشيرا إلى أنه من المرجح أن يستمر "الإجهاد المائي والحراري" ويؤثر على بعض المحاصيل.

وأكد أنه من دون إتخاذ التدابير اللازمة للتكيف بحلول العام 2050، فإنه من المتوقع أن يشهد إنتاج المحاصيل والثروة الحيوانية انخفاضاً كبيراً؛ فكل ارتفاع مقداره 2 درجة مئوية في درجات الحرارة يمكن أن يتسبب في انخفاض إنتاج الحبوب بنسبة 20%، مضيفا أن ارتفاع درجات الحرارة سيتسبب بحدوث خسائر في إنتاج الخضروات، وزيادة نسبة الملوحة مثلاً - انخفاضاً في عوائد إنتاج المحاصيل بنسبة تصل 32,2%.

ولفت إلى ان ابرز التحديات التي تواجه الدول المستوردة للغذاء ومنها انخفاض في إنتاج المحاصيل والثروة الحيوانية وصيد الأسماك، ما يشكل تحدياً إضافياً على الأمن الغذائي العالمي، ومن المرجح أيضاً حدوث المزيد من التقلبات في أسعار الغذاء، وارتفاع المخاطر المرتبطة بالحصول على الطعام في الأسواق العالمية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية بسبب زيادة تكاليف الإنتاج، حيث إنه من المرجح أن ترتفع تكاليف الإنتاج الغذائي بسبب ارتفاع تكاليف التكيف مع التغيرات المناخية والتدابير اللازمة للتخفيف من آثارها، وفي هذا الإطار، فإن ثمة توقعات أن ترتفع أسعار الأعلاف، بالإضافة إلى مشكلة ندرة المياه، ما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج.

وذكر الزعبي أن تغير مراكز إنتاج الغذاء في العالم: لتجنب ارتفاع تكاليف التكيف، فإنه من المرجح أن تنتقل مناطق الإنتاج الزراعي والحيواني إلى مناطق ذات ظروف مناخية أكثر ملائمة، وقد يقود ذلك إلى تغيير مناطق التوزيع العالمي لإنتاج وتصدير الغذاء، مع احتمال صعود بلدان جديدة على خريطة الأمن والإنتاج الغذائي في العالم باعتبارها مراكز لتصدير الغذاء، وظهور سلاسل جديدة لإمدادات الطعام، وبالتالي اختلاف ميزان القوى بين الدول المصدرة للغذاء والدول المستوردة له، وهو ما سيُلقي بتبعاته على العلاقات الإقليمية والثنائية بين الدول.

وكان الملك عبدالله الثاني أول من تنبه إلى أهمية الأمن الغذائي وإستشراف العمل للتعامل مع حالة ما بعد كورونا حيث لن يكون العالم كما قبله، وان الاردن يبذل مجهودا كبيرا في ظل الازمات المتتالية والممتده واهمها ازمة اللجوء الممتدة وان الانجاز في ظل هذه الظروف الاقليمية والعالمية والمحلية يشكل اعجازا .