المحامي بشير المومني :-انهم قلقون على مشاعر الاردنيين !
للعلم .. الأردنيون من أكثر شعوب العالم التي تمتلك أخلاقاً جمعية .. شعوراً وحساً مرهفاً بالأمة .. تفاعلا مع البشرية .. هم من أكثر الشعوب في العالم التي تظهر تعاطفاً .. وللعلم أيضا فإن علم الأخلاق هو ذلك الذي يبحث بالشعور لدى الكائنات الحساسة .. لا تجد قضية أممية أو قومية أو أقليمية أو وطنية إلا ويهتم بها الأردني ويظهر تعاطفاً عجيباً قلما نجده لدى شعوب أخرى .. لدينا مجتمع يهتز لحادث سير في مصر أو فيضان في سلطنة عُمان او طفل وقع في بئر بالمغرب او اطلاق نار في مدرسة بامريكا او معاناة لاجئين شتاءً على حدود تركيا او انتشار مرض في إسبانيا .. نحن شعب لدينا انسانية حقيقية وشعور بالاخرين ونتحرك ونهتز جميعا بسبب طفلة تعرضت لسوء او فتاة ناشدتنا من أجل أبيها أو حتى قطة علقت على شجرة ..
نحن شعب لم يتبلد .. لا زال يعج بالعاطفة والحياة بالنتيجة وتقودنا اخلاقنا الاساسية التي اصبحت قيمة وجودية ثابتة لا تُكسر ولا نتنازل عنها انعكست حتى على القيم الجوهرية للدولة فباتت تقوم سياساتها على اسس اخلاقية لا يعترف عالم السياسة بوجودها اصلاً .. ظروفنا القاسية ومحيطنا العدائي لم يخلق منا وحوشاً .. بل زادنا يقيناً بأهمية ما نقدمه للآخرين وأهمية دورنا في حفظ القيمة الحقيقية وهي ( الإنسان ) وباتت إغاثة الملهوف دين وديدن وبتنا ندرك بعمق أهمية المحافظة على الاستقرار والدولة ومن يستعرض تاريخ الاردنيين يدرك حقيقته وأهميته التاريخية وأنه كان مفصلاً في الاحداث التي غيرت وجه المنطقة وكان لأهل الأردن .. الباع والذراع ..
قبل أيام صدر تقرير غالوب كمؤشر للسعادة العالمي .. البعض قرأه كمؤشر للبؤس .. جاء ترتيبنا وفق المؤشر في ذيل قائمة السعادة .. او كما يحلو للبعض عرضه اعلامياً في مقدمة مؤشرات البؤس .. بالطبع لم يشر أحد الى أن التقرير تحدث في حقيقته عن قضية هامة وكان يبحث بها وكانت محور اهتمامه .. هي (( التعرض لمؤثرات البؤس )) .. طبعا جرى تقديم التقرير على أساس (( سياسي )) في حين انه كان يبحث بعملية التفاعلات للمحيط الفردي للانسان الاردني وقد اخذ عينات محددة باسئلة شخصية لا اكثر مثل (( هل تعرضت لضغوط في العمل الشهر الماضي ؟؟ )) .. بمقابل تذيلنا لقائمة السعادة هنالك دول وفق المؤشر نفسه تخوض الان حروبا مثل روسيا وتتكبد خسائر جسيمة وهنالك مناطق مهددة بالزوال بعمل عسكري مباشر مثل تايوان أعطى المؤشر تسيدها لقوائم السعادة او الاقل تعرضا للبؤس وخلت قائمة الاقل حظا من البؤس من دول اوروبا الغربية والوسطى ..
أن تعيش في الأردن .. ان تكون جزءا من مجتمع يتفاعل عاطفيا مع الدنيا كلها .. ان تجاور دولتين تعرضتا للاحتلال فواحد زال وترك خرابه والثاني جاثم وأن يدك الارهاب وتضرب الفتن محيطك كله وتبقى صامدا .. ليس بالأمر السهل أبدا .. تحتاج الى شعب عظيم قرر المحافظة على وطنه .. هذا ما نحن عليه ولو ورثنا بؤس العالم كله .. على أي حال نقول خففوا على الأردنيين .. نوصي إعلامنا بالتخفيف ونشر المبشرات واخبار الخير والطيب والمروءة والشهامة في وطننا .. صدقوني لا زلنا كمجتمع بخير .. نحتاج الى إعلام يكشف عن وجه الخير بشكل متوازن وموازي لما يكشفه من سوء .. غض الطرف عن الخير في بلدنا والاصرار على نشر كل سوءة لا يقل تأثيرا عن وضع الانسان في ظروف الحرب .. جرعة أمل لن تضر .. بلدنا بخير ..