"تحديث القطاع العام للسنوات العشرة القادمة" لقاء حواري باليرموك


استضافت جامعة اليرموك اللقاء الحواري الذي نظمه المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأردني بعنوان "تحديث القطاع العام للسنوات العشرة القادمة"، وتضمن عقد ثلاث جلسات حوارية ناقشت محاور الهيكل التنظيمي والحوكمة، والموارد البشرية، والخدمات الحكومية، وذلك ضمن سلسلة الجلسات النقاشية للحوار الوطني حول خطة تحديث القطاع العام.

وألقى رئيس جامعة اليرموك الدكتور إسلام مساد كلمة في بداية اللقاء أكد فيها على أهمية عقد مثل هذه الحوارات التشاركية بين مختلف المؤسسات الوطنية بما يعزز التواصل بين المعنيين ويفتح باب الحوار والنقاش وتبادل المعرفة والخبرات بما يمكننا من تحليل ودراسة الواقع وتحديد التحديات وتشخيص المشاكل التي قد تقف أمام عمليات التنمية والتطوير وبالتالي إيجاد الحلول المناسبة لها، تجسيدا لتوجيهات قائد البلاد بضرورة المُضي بقوة وبجدية في الإصلاح الإداري، وما يتبعُه من مُواكبة القطاع العام للمُستجدات الحديثة واللحاق بمسارات التطوّر والتحوّل العالمي نحو الأفضل والأجود.
وقال: من هنا تأتي أهمية الشراكة مع المجلس الاقتصادي الاجتماعي في عقد هذا اللقاء للتحاور والتحليل والمناقشة بهدف إيجاد إدارة عامة قادرة على إدارة الشأن الاقتصادي، وبالتالي تسهيل الإصلاح والتطوير بما يَرقى بوطننا ويُسهم بإيجاد بيئة سليمة تسمح بنماء المؤسسات وارتقائها، وإصلاح القطاع العام وتطويره الذي يعتبر من أهم القضايا الرئيسة في الأردن.
وأكد مساد خلال اللقاء على أن جامعةُ اليرموك باعتبارها إحدى مؤسسات التعليم العالي الأردنية الهامّة والرئيسة، تضطلع بدورٍ هام في ترسيخِ نظام تعليمي نوعيٍّ وخلاّق رغم كثرة التحديات والصعوبات، التي يتم تذليلها بالإرادة والمُتابعة والتطوير على مستوى الخطط الدراسية والبرامج والسياسات والاستراتيجيات، وذلك من أجل تحقيق أهدافها ولتُقدّم للوطن أجيالاً من الخريجين المُدعمّين بالعلم والمعرفة والمهارات، لافتا إلى أن اليرموك تمضي بخطوات واثقة في تطوير العملية التعليمية، وإعــداد الكفــاءات العلميــة فــي مُختلــف حقــول المَعرفــة وتقديــم تعليــمٍ مُتميــز، وإنتــاج بحـثي علمـي يخـدم المُجتمـع ويُسـهم فـي بناء اقتصـاد المعرفـة.
وأضاف أن اليرموك وضمن نهجها التطويري تقوم بوضع مؤشرات الأداء على مستوى الكُليات والمراكز والدوائر ومُتابعتها بشكلٍ حثيث، والمُضي بتطبيق معايير الجودة والنوعيّة في كافة مفاصل العمل الأكاديمي والإداري، وتفعيل نظام مُساءلة شفاف في جميع مُستويات الجامعة، وتَعيين القيادات الأكاديمية والإدارية الكفؤة، والاستمرار في التركيز على تحسين ورفع سوية الخدمات، ورفع كفاءة العُنصر البشري، وتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص، واستخدام التكنولوجيا وتطبيقاتها الحديثة في تقديم خدمات الجامعة كافة.

من جانبه القى محافظ اربد رضوان العتوم كلمة قال فيها ان جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين قد أكد على ضرورة وأهمية المضي بقوة وجدية في الإصلاح الإداري حيث قال جلالته "نريد إصلاحا إداريا يلمس المواطن أثره"، لافتا إلى ان جلالته قد دعا إلى تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين وأن يشعر المواطن بفرق حقيقي في نوعية الخدمات المقدمة له، وذلك بهدف تعزيز الثقة بكفاءة القطاع العام ومهنيته، وأن تكون الإصلاحات شاملة ومتكاملة وأن تترافق الإصلاحات الإدارية مع النهج الإصلاحي الذي انتهجه الأردن بقيادة جلالته وتتماشى مع مساري الإصلاحات السياسية والاقتصادية.
وأشار إلى أن هذا اللقاء الذي يأتي ضمن سلسلة اللقاءات والحوارات التي يعقدها المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأردني بالشراكة مع المؤسسات الوطنية ما هو إلا دليل واضح على النهج الحكومي الجاد والهادف إلى تعزيز النهج الإصلاحي والمضي قدما للأمام بكل قوة وشفافية لمواجهة كافة التحديات الصعبة التي يمر بها الوطن، سيما وأن جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين قد أكد بأن الغاية والهدف النهائي من تحديث القطاع العام هي تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين ورفع كفاءة الإدارة العامة، مشددا على أن نجاح تحديث القطاع العام ضروري لنجاح مسارات التحديث الأخرى وبخاصة الاقتصادي منها.

بدوره شكر رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي الدكتور موسى شتيوي جامعة اليرموك على استضافتها لهذا اللقاء الذي يعد اللقاء الأول الذي يتم عقده خارج العاصمة عمان، وتنبع أهميته من شمولية الحوار المبني على اختصاصات المشاركين ومعارفهم، ومشاركة فئات المجتمع المختلفة وأطيافه من رؤساء مجالس المحافظات والبلدية، ورؤساء غرف الصناعة والتجارة ومنظمات المجتمع الدولي والنقابات، إضافة إلى الأكاديميين والجامعيين، للخروج بتوافقات تُرفعُ إلى أصحاب القرار على شكل توصيات.
وأوضح أن تحديث القطاع العام هو أحد ركائز المشروع النهضوي الذي أطلقه جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم، والذي ركز على ثلاث أولويات رئيسة للإصلاح، تتمثل بالإصلاح السياسي، والإصلاح الإداري، والإصلاح الاقتصادي، وتحقيقا لرؤية جلالته بضرورة الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين وجودتها، وتحسين كفاءة الإدارة العامة ومعالجة الإجراءات البيروقراطية لما له انعكاس على الاستثمار وتجويد بيئته الحاضنة.
وقال أنه وفي الوقت الذي أنجزت فيه الدولة خطة تحديث منظومة الإصلاح السياسي والتحديث الاقتصادي، ووضعت الجهات المعنية خارطة من أجل التنفيذ، بات لزاماً أيضاً، لتكتمل حلقات التحديث والإصلاح وضع خارطة طريق للإصلاح الإداري، حيث قامت الحكومة بتقديم خارطة طريق شمولية لإصلاح القطاع العام والارتقاء بالإدارة العامة، من خلال تحقيق 33 هدف استراتيجي، تشكل بدورها خارطة طريق تحديث القطاع العام للأعوام العشرة القادمة.
ولفت إلى أن خارطة الطريق سيتم تنفيذها على ثلاث مراحل، إذ تُبنى كل مرحلة على إنجازات سابقتها تراكمياً، مستعرضا ما يقوم به المجلس من جهود وما ينفذه من خطط لتنفيذ خارطة تحديث القطاع العام.
وضمن فعاليات اللقاء تم عقد ثلاث جلسات حوارية، تم خلال الجلسة الأولى التي ترأسها الدكتور موسى شتيوي مناقشة محور الهيكل التنظيمي والحوكمة، حيث بين الشتيوي أن الهدف العام من خارطة تحديث القطاع هو الوصول إلى قطاع عام مُمكّن وفعال يعمل كوحدة واحدة لتنمية الأردن وتحقيق رفاه المواطنين، مستعرضا مكونات خطة تحديث القطاع العام وهي: الخدمات الالكترونية، والإجراءات والرقمنة، والهيكل التنظيمي والحوكمة، والثقافة المؤسسية، ورسم السياسة وصنع القرار، والموارد البشرية، والتشريعات،
واستعرض الترتيبات المؤسسية والمبادرات في مكون الهيكل التنظيمي والحوكمة، واهمها: إلغاء وزارة العمل، ونقل مهامها الى وزارة الصناعة والتجارة والتموين ووزارة الداخلية، ودمج كل من وزارة النقل ووزارة الأشغال العامة والاسكان في وزارة واحدة لتصبح وزارة خدمات البنية التحتية، وانشاء وزارة التربية وتنمية الموارد البشرية من خلال دمج وزارة التعليم العالي والبحث العلمي مع وزارة التربية والتعليم، وإلغاء مؤسسة التدريب المهني ونقل مهام التعليم والتدريب المهني والتقني إلى وزارة التربية وتنمية الموارد البشرية، بالإضافة إلى دمج وزارة الشباب مع وزارة الثقافة في وزارة واحدة لتصبح وزارة الثقافة والشباب، وإنشاء وزارة التواصل الحكومي، ونقل ارتباط كل من وكالة الانباء الأردنية ومؤسسة التلفزيون الى وزارة التواصل الحكومي، واعادة هيكلتها.
وترأس أمين عام المجلس الاقتصادي والاجتماعي الدكتور متري مدانات الجلسة الثانية التي نوقش خلالها محور الموارد البشرية والذي يتضمن ثمانية أهداف استراتيجية و35 مبادرة تنفيذية وضعت لتمكين القطاع العام من تطوير جهاز خدمة مدنية أكثر مرونة وفعالية واستجابة للتغيرات، وأن يكون هذا الجهاز قادرا على اختيار الكفاءات المطلوبة وتعيينها وتنويع مصادرها وفقا لمبادئ الاستحقاق والتنافسية والشفافية وتكافؤ الفرص، بالإضافة إلى تعزيز البيئة الداعمة للقيادات وتمكينها من تحقيق الأهداف والنتائج المتوقعة بمجرد توليها الوظائف، وتعزيز دور المرأة ومشاركتها في مختلف الدوائر والمؤسسات الحكومية، وتعزيز القدرة على اختيار المؤهلين لتولي المناصب القيادية.
واستعرض مدانات الترتيبات المؤسسية والمبادرات لمكون الموارد البشرية والمتمثلة في وضع إطار تشغيلي لترجمة التصور المستقبلي لهيكلة الموارد البشرية المعتمد، وتحديث منظومة تخطيط الموارد البشرية، ومنظومة الاستقطاب والاختيار والتعيين لموظفي القطاع العام، وتطوير منظومة متكاملة للدرجات الوظيفية والرواتب وادارة تقييم الاداء لموظفي الخدمة المدنية، واعتماد اطار الكفايات القيادية كاطار موحد ومبتكر يعكس مواصفات القائد الذي نريد، والانتهاء من اعداد نظام الكتروني متكامل لإدارة الموارد البشرية.
كما ترأس مدانات الجلسة الثالثة التي نوقش خلالها محور الخدمات الحكومية، مستعرضا أهم التحديات التي تواجه الخدمات الالكترونية والمتمثلة في تراجع مستوى تقديم الخدمات الالكترونية، والتقدم البطيء في أتمتتها ورقمنتها، وانخفاض مستوى رضا متلقي الخدمات الالكترونية، ووجود بيروقراطية عالية في تقديمها.
وأشار مدانات إلى الترتيبات المؤسسية والمبادرات المتعلقة بالخدمات الالكترونية كتحسين الخدمات ذات التماس المباشر مع المواطنين وبيئة الاعمال، والتحول الكامل للمدفوعات الرقمية عام 2024، والانتهاء من التحول الالكتروني للخدمات من خلال الوصول الى 100% من الخدمات الحكومية المرقمنة عام 2025، وتشغيل مراكز للخدمات الشاملة بمعدل مركز في كل محافظة، والبدء بإنشاء مراكز اضافية واتاحة الفرصة للقطاع الخاص بتشغيل 5 مراكز عام 2024.
وفي نهاية فعاليات اللقاء جرى حوار موسع ناقش خلاله الحضور جملة من القضايا والمحاور المتعلقة بخطة تطوير القطاع العام.
وفي مداخلة له خلال الحوار أكد رئيس الجامعة الدكتور إسلام مسّاد، على أهمية بناء الإنسان وفكره ومعارفه بوصفه أساس البناء والتنمية الحقيقة، ودعا إلى ضرورة تبني التكنولوجيا والرقمنة في جميع مناحي الحياة، لمواكبة التطورات المتسارعة.
وشدد في الوقت نفسه على ضرورة العدالة، في كل نواحي الحياة سواء أكان ذلك على صعيد الخدمات أو التعليم أو التوظيف.