الأثر الاقتصادي والمجتمعي على الشغب الجماهيري

عمر الكعابنة
شهدت ملاعب كرة القدم الأردنية مؤخرا حالات من الشغب الجماهيري، وصلت لمقتل أحد الأطفال الأبرياء بعد احتفال فوز ناديه في إحدى مباريات الكأس الأخيرة ٠٠ هذه الحالات لم تولد فجأة بل كان لها مقدمات، بدأت من خطاب الكراهية والعنصرية والتعصب الذي يبث على مواقع التواصل  من قبل بعض الجماهير المتعصبة وصولا للملاعب والشوارع العامة. 
الأمين العام لإتحاد العربي للصحافة الرياضية عوني فريج، أشار إلى أن شغب الملاعب متواجد في كل ملاعب العالم ، مبينا أن جمهور الكرة نسبة عالية منه تمثل الطبقة الفقيرة  وتأتي لـ الملاعب من أجل الهروب واقعها المعاشي الصعب، لأنها تجدها وسيلة للتفيس عن أنفسهم . 
وأضاف في حديث لـ"الأنباط" أن الحالة الاقصادية الصعبة للطبقة الفقيرة التي تمثل نسبة كبيرة من الجمهور ، بالإضافة لـ إنعدام الرقابة على مواقع التواصل  التي يبث من خلالها خطاب الكراهية والعنصرية والتعصب ينعكس على سلوكيات بعض الجماهير الرياضية داخل الملاعب وخارجه.
وأوضح أنه لا يوجد علاج لـمشكلة "الشغب الجماهيري " لكن من الممكن التخفيف من آثارها من خلال تشديد القبضة الأمنية من قبل درك الملاعب في مباريات، مشيدا في ذات الوقت بـ وحدة الجرائم الالكترونية التي تحركت مؤخرا للقبض على بعض المسيئين على مواقع التواصل الاجتماعي . 
من ناحيته، بين المدير الفني عثمان الحسنات أن أغلبية الجماهير تتبع شخص على إعتباره قدوة لهم، منوها أن هناك ضعف كبير في وعي وثقافة الجماهير الرياضية، الأمر الذي يؤثر على الأسلوب البعيد عن الانتماءات النادوية القيمة والتنظيم المتقن، مبينا أن الثقافة التشجيعية شبه منعدمة لدى الجماهير تحديدا فئة الشباب وصغار السن، مشيرا إلى أن عملية التهويل الجماهيري عملية مدروسة من قبل بعض المتنفذين. 
وأشار لـ"الأنباط"، إلى أن الحالة الخاصة لـ ناديي "الفيصلي والوحدات" تكمن على أنها حالة دائمة منقسمة، موضحا أن هناك أندية ذات انتماءات لمدن معينة مثل نادي الرمثا المنتمي لمدينته، مشيرا إلى أن الأندية تنظر فقط للمنافسة والألقاب، وليس لرفع إسم مدينة أو حضارة أو ثقافة.
وأضاف أن أبرز الحلول لهذه المعضلة تكمن بـ إلغاء مواقع التواصل الاجتماعي أو ضبطها من خلال مؤسسات الدولة، إضافة لتوعية المجتمع والجماهير توعية صحية، موضحا أن كبار مشجعي الأندية ليس لديهم وعي بكيفية التعامل الثقافي مع الجماهير، ومطالبا في الوقت نفسه بمحاسبة الفئة المخربة من الجماهير، لافتا إلى أن أمن الملاعب ساهم بشكل كبير في التخفيف من حدة الشغب والتعصب الجماهيري .   
وتابع، أن هناك دور كبير على إدارات الأندية واللاعبين والمدربين في عملية التوعية الجماهرية، إضافة إلى كيفية الإدلاء بـ التصريحات عبر وسائل الإعلام وتعاملهم مع منصات ومواقع التواصل التي غالبا ما تؤجج الجماهير وتثير الشغب داخل الملاعب.
في ذات السياق أوضح المحلل الاقتصادي زيان زوانه، أن سيكولوجية الجماهير حصيلة لـ عوامل كثيره أبرزها؛ العوامل الإقتصاديه والاجتماعيه والمعيشية والسياسية، تؤثر فيها أيضا وظيفة الفرد، إضافة إلى درجة وعي المجتمع ومنظومة القيم والاخلاق، فضلا عن دور الاعلام، مشيرا إلى أن كل عامل له وزن مختلف في عملية التأثير على الجماهير ، وتختلف من مجتمع لاخر ومن وقت لاخر في المجتمع نفسه.
وأضاف لـ "الأنباط"، أن ما شهدناه مؤخرا حول مباراة الفيصلي والوحدات، وقرار الحكومة المؤسف بـ معالجة الموضوع الذي كان مؤسفاً، على حد رأيه، مبينا أنه كلما أدرك المسؤولين والحكومات حجم المشكلة، كلما تمكنوا من اتخاذ القرار الحكيم، موجها أن يتم تعزيز دور " مركز إدارة الازمات " في مسألة الشغب الجماهيري ليكون خلية أزمة دائمة، وتعزيزه بـ المستشارين الدائمين أو اللجوء لهم عند الحاجه ، ليقدموا توصياتهم لصناع القرار.
بدوره، أشار دكتور علم الاجتماع حسين خزاعي، إلى أن هناك علاقة مرتبطة بين الحالة الاقتصادية والاجتماعية وبين الشغب الجماهيري، مشيرا إلى أنه عندما تكون الحالة متشابهة عند أغلب الشباب تؤدي لحشد وتشابك والمشكلات، خاصة في حالات الفقر والبطالة والعزوبية التي وصل فيها إرتفاع عمر الشباب عند الذكور فيها إلى 31 عام والإناث إلى 27 عام.  
وأضاف في تصريحات لـ"الأنباط" أن إرتفاع نسبة البطالة بين الشباب والراغبين منهم بـ الهجرة، تعمل وبكل تأكيد على صناعة حالة من النفور والغضب والعصبية بداخلهم، ما ينتج عنه تفريغها داخل الملاعب وبأشكال وسلوكيات مختلفة، موضحا أن شرارة العنف تبدأ عندما يواجه الإنسان ظروف إقتصادية ومعيشية صعبة توصله إلى حد اليأس في إيجاد حلول لها.