شجرة الزيتون المباركة سيدة السفوح المحتشمة

كتبت فرح موسى
تؤكد الدراسات والأبحاث العلمية إلى أن تاريخ شجرة الزيتون يعود إلى حوالي 7 آلاف سنة، وتشير إلى أن البشرية عرفتها منذ 5400 سنة قبل الميلاد تحديدا في قرية هضيب الريح في وادي رم.
ومحليا أكدت التحاليل الجينية بنفس الوقت إلى ان شجرة الزيتون موجودة في الأردن منذ أزل العصور، خاصة أن الأردن يعتبر من أكبر عشرة دول في إنتاج الزيتون على العالم، والرابعة عربيا بـ زراعة حوالي 570 ألف دونم تحتوي على 11 مليون شجرة زيتون، خاصة أن هناك الكثير من المحافظات والمناطق تشكلت بينها وبين الزيتون علاقة خاصة أبرزها محافظة جرش واربد وعجلون والسلط، خاصة أن حياة المواطن طبعت بـ الكفاح وحب الوطن عبر تجارب وخبرات تراكمت عبر التاريخ، وأفرزت تراثا ثقافيا حيّا مرتبطا ارتباطا وثيقا مع هذه الشجرة وما تضفيه من حركة اقتصادية واجتماعية وثقافية نظرا لإلتصاقها بـ المواطن من حيث الغذاء والعمل والدخل، وكذلك شبكة العلاقات التي تفرزها مع القطاعات الاقتصادية كـ الصناعة والتجارة والتأثير فيهما.
مزارع الزيتون خالد الفاضل قال، ان شجرة الزيتون شجرة مباركة يُستفاد من زيتها وخشبها وورقها، وثمرها، مؤكدا أن زيتها يعتبر أجود انواع الزيوت الصحية لـ الجسم، وخشبه القاسي الذي يدل على قوتها وتحديها لظروف الطبيعة فيه عروق جميلة، تسهل صناعة التحف  والمناظر التي تكتسب ميزة انها من خشب الزيتون الشجرة المقدسة، مضيفا أنه يستفاد من ما يخلفه الزيتون بعد عصره على درجات حرارة عالية في انتاج  زيت المطراف، المستخدم في صناعة الغار.
وتقول الفاضلة "ام السعيد" البالغة من العمر 60 عاما وتعيش في مدينة كفرسوم: "نحن نحب شجرة الزيتون كـ واحدا من افراد العائلة وفي موسم قطاف الزيتون تتجمع العائلة بعد رحلة الى الكروم والبساتين المليئة بـ الزيتون، وهم فرحين متحابين وأحيانا تقوم العوائل الكبيرة بـ مساعدة الصغيرة في القطاف، ونقم بـ توجيه النصائح لـ الأطفال والشباب بـ عدم إيذاء الشجرة وقطاف الثمار بطريقة سليمة. 
وأضافت، أنه وبـ الرغم من الإرهاق والتعب الشديد نتيجة إلا أن الحالة النفسية لنا تكون في أعلى مستوياتها الإيجابية خلال قطافنا لثمار الزيتون، مشيرة بنفس الوقت إلى أن الزيتون له عدة أنواع من أبرزها "الذهب الأخضر" الأكثر انتشار في المملكة، والنبالي والبلدي الرومي والنبالي المحسن وأسايدو الإسباني، ومؤكدة ان أفضلها لإنتاج الزيت هو البلدي الرومي.
تعتبر شجرة الزيتون شجرة مباركة ومعمرة، وتعد ثروة لـ الدول التي تعيش وتتكاثر فيها، لما لها من فوائد اقتصادية وبيئية، فثمرتها ذات منافع كثيرة، وهي غذاء كامل، متعدد الفوائد الصحية، والغذائية، والتجميلية، وهي تعتبر من فصيلة الزيتونيات، لها جذع صلب، به عقد، أوراقها خضراء شاحبة، تعطي ثمراً زيتياً، تختلف ألوانه وفق نضجه، وفترات قطفه من أخضر وأصفر إلى أحمر بنفسجي.
من الجدير الإشارة له هنا؛ أن شجرة الزيتون مباركة ولها قدسية خاصة في جميع الديانات السماوية، وذكرت في الكتب السماوية كافة، وورد ذكرها في القرآن الكريم حين وصفها الله تعالى بقوله : "شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ"، ووصفها سيد البشرية سيدنا محمد صل الله عليه وسلم بـ الشجرة المباركة ذات المنفعة العظيمة.  
ولها عدة دلالات في الديانة المسيحية، حيث يرمز غصن الزيتون في المسيحية إلى نهاية الطوفان، وانطلاقة الحياة بالبشر الصالحين وعلى رأسهم نوح الصديق،  بعد غرق الفاسدين. 
ووصفها الشاعر الكبير محمود درويش بـ قصيدة بعنوان "شجرة الزيتون الثانية" وقال فيها : شجرة الزيتون لا تبكي ولا تضحك هي سيدة السفوح المحتشمة بظلها تغطي ساقها ولا تخلع أوراقها خلال عاصفة.