رئيس النيابة العامة: ترشيد العقاب والحد من حالات التوقيف ما قبل المحاكمة أهم أولويات المُشرِّع الجنائي

قال رئيس النيابة العامة القاضي يوسف الذيابات، إنَّ النيابة العامة تدرك تماما حجم المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقها للوصول إلى ثقافة قانونية واجتماعية ترفض كل مظاهر التعذيب وتعزز حق المتهم بالحصول على محاكمة عادلة.
وأضاف خلال توقيع مذكرة تفاهم بين المجلس القضائي والمعهد الدنماركي لمناهضة التعذيب "ديجنتي" في الأردن، وإطلاق المرحلة السادسة من برنامج كرامة، اليوم الإثنين، أنَّ النيابة العامة تسعى دائما إلى بناء القدرات وتعزيز العمل المهني المتخصص في التعامل مع جريمة التعذيب سواء من خلال دورها الوقائي المتمثل في تفعيل رقابتها على أماكن الاحتجاز ومراقبتها بشكل مستمر، والدور القانوني من خلال التحقيق بهذا النوع من الجرائم.
وبين أن تأهيل أعضاء النيابة العامة وتدريبهم المستمر أمر مهم لتطوير قدراتهم وضمان جودة أكبر في مخرجات أعمالهم، وأن التعامل مع جريمة التعذيب يحتاج إلى تدريب متخصص، وهذا ما تم إنجازه بالتعاون مع المعهد الدنماركي، من خلال عقد الكثير من المؤتمرات والدورات وورش التدريب، وإعداد الدراسات والأدلة الإرشادية التي تظهر الممارسات الفضلى في التعامل مع هذه الجريمة، وبما يتوافق مع المعايير والمبادئ التي أقرها المجتمع الدولي في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، التي يحرص الأردن دائما على مواءمة تشريعاته الوطنية مع مضامينها وأهدافها.
وأشار إلى أن برنامج كرامة وبالتعاون مع الشركاء كافة، استطاع إنشاء السجل الوطني المركزي لقضايا التعذيب على نظام ميزان الإلكتروني، وتم التوجيه بتفعيله والالتزام به، ومن خلاله تمت دراسة وتحليل جريمة التعذيب ومتابعتها إحصائيا وتقييمها بشكل مستمر.
وأكد أنَّه وفي ظل ما تشهده السياسة الجنائية المعاصرة من انفتاح متسارع نحو العدالة التصالحية وبدائل العقوبات والتوقيف فقد أصبح ترشيد العقاب والحد من حالات التوقيف ما قبل المحاكمة من أهم أولويات المشرع الجنائي في كثير من الدول ومن بينها الأردن، حيث أتاحت التعديلات التي أجريت على نصوص قانون العقوبات وقانون أصول المحاكمات الجنائية فرض بدائل عن العقوبات في بعض الجرائم وبدائل التوقيف ما قبل المحاكمة في حالات معينة، لتجنب الآثار الخطيرة التي يخلفها التوقيف على مرتكبي بعض الجرائم غير الخطرة خاصة من فئة الشباب.
وأكد الرئيس التنفيذي للمعهد، راسموس كرستنسن أنَّ مذكرة التفاهم ستمهد الطريق للمرحلة المقبلة من برنامج كرامة الفريد من نوعه، مقدّما شكره لجميع الشركاء بهذا البرنامج، وانَّ التبادل المستمر للخبرات مفيد جدًا في مكافحة التعذيب على المستوى العالمي.
وأكد أنَّ "ديجنتي" هي منظمة بحثية تأسست قبل 40 عاما وخلال هذه السنوات تطورت وأصبحت منظمة دولية توثق انتهاكات حقوق الإنسان وتقوم بتأهيل من يتعرضون لها، مقدِّما شكره للدعم الذي قدمته الدنمارك لتنفيذ عملها المهم في عدد من دول العالم.
وأشار ممثل وزارة الخارجية الدنماركية اندرياس ثلسترب إلى أنَّ هذه مناسبة مهمة جدا ودليل على الشراكة المهمة بين المنظمة والمجلس القضائي، حيث قدمت الوزارة الدَّعم لعدة سنوات لـ"ديجنتي" وإتمام مشاريعها في الأردن، من حيث التدريب وتعزيز الرقابة في أماكن التوقيف وإصدار إرشادات خاصة لعملية التوقيف، وهذا العمل الهام لم يكن ليتم لولا الإرادة
ولفتت المديرة القطرية للمعهد يسار عبده إلى أنَّ المعهد دأب ومنذ تأسيسه في الأردن عام 2014 ومن خلال أنشطته وبرامجه المتعددة على فتح باب حوار وطني ودولي حول أهمية مناهضة التعذيب والحد من استخدام التوقيف ما قبل المحاكمة وتعزيز استخدام بدائل التوقيف، عبر تبنيه نهج المسؤولية المشتركة بما يكفل تعاون مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني والشركاء الوطنيين لتحقيق الأهداف المشتركة ومن ضمنها مساندة وتعزيز دور الأردن بكافة مؤسساته بالوفاء بالتزاماته الوطنية والدولية.
وأكدت أن توقيع المذكرة اليوم يأتي تتويجا لبرنامج كرامة في مراحله الخمس  الماضية، وشراكات استمرت لمدة 14 عاما، تولد خلالها نقاشات وطنية ودولية لمناهضة التعذيب للبحث الدَّائم عن كل ما هو جديد ومفيد بما يتماشى والتشريعات الوطنية والمعاهدات الدولية ذات العلاقة والتي آمن بها الأردن وصادق عليها.
وقالت مسؤولة البرامج الرئيسية للمعهد سماح أبو خليفة إن هذه المذكرة تهدف إلى تأسيس آليات تعاون بين الأطراف المعنية كافة، لتبادل المعارف والخبرات في هذا المجال وفقا للتشريعات الأردنية والاتفاقيات الدولية لغايات تنفيذ أهداف المرحلة السادسة من برنامج كرامة والذي يهدف بشكل أساسي إلى الحد من التوقيف ما قبل المحاكمة خصوصا لفئة الشباب.
وبينت أن البرنامج يأتي متماشيا مع استراتيجية قطاع العدالة وسيعمل بشكل حثيث ومركز في هذه المرحلة على الحد من التوقيف ما قبل المحاكمة من خلال تسهيل استخدام بدائل التوقيف، وقد عمل البرنامج خلال المراحل السابقة وبشكل متواصل على بناء قدرات السلطة القضائية بالإضافة إلى تطويرها وتمكينها من إطلاق كامل طاقاتها للعمل وفق أفضل الممارسات العالمية.
--(بترا)