جدلية المواطنين حول قرار عدم زواج الرجل بزوجة ثانية

الانباط – علي عويس
اثار قرار دائرة الإفتاء الأردنية حول فتوى إباحة إشتراط الزوجة في عقد الزواج بـ "أن لا يتزوج زوجها بزوجة ثانية عليها"، دهشة واستغراب العديد من المواطنين في كافة الأوساط المختلفة، ما صنع حالة من الفوضى في ساحة الرأي العام بين مؤيد ورافض لـ القرار.
سهام ( 45 سنة ) قالت في حديثها مع "الأنباط" حول هذا القرار، انها لم تكن تعلم انه يحق لها أن تفرض شروطا خاصة في عقد الزواج، وتساءلت؛ لماذا لم يخبرها احد بمثل هكذا موضوع هام منقبل؟.
وأضافت، كيف لي ان أعرف دون ان أسمع بـ الأمر من الجهات المتخصصة كـ المحاميين الشرعيين، او من رجال الدين، داعية إلى انه يجب أن يتم عقد محاضرات وورش عمل توعوية وتثقيفية لـ كل شاب وفتاة مقبلين على الزواج من اجل ضمان استمرارية زواجهم.
بينما عارض مهند ( 27 سنة ) هذا القرار وقال: "انه لن يقبل ان تشترط عليه زوجته المستقبلية اي شروط بهذا الخصوص، مؤكدا أنه لن يسمح لها ان تتحكم به في بداية حياتهم الزوجية، مؤكدا أن هذا القرار سيعمل على بناء علاقتهم على اساس من التوتر الذي سيوسع دائرة عدم الثقة وكثرة المشاكل بينه وبين زوجته مع مرور الوقت.
اما الاء ( 34 سنة متزوجة ) التي كانت على علم بـ طبيعة القرار مسبقا من خلال متابعتها عبر وسائل الإعلام لـ حديث أحد الشيوخ حول هذا الموضوع، إلا انها كانت فضلت أن تغض البصر حول هذا القرار ولم تتخذ أي إجراء عليه في علاقتها مع زوجها خشية أن لا تتم مراسم الزواج ودمار العلاقة بينهما.
وإتفق من جهة أخرى معتصم ( 38 سنة متزوج ) مع القرار، وقال: "لا مانع لديه ان تضع زوجته شروطا خاصة بها في عقد الزواج، مشيرا الى ان هذه الشروط ستتم بإتفاق الطرفين ولا يوجد اي مشكلة لديه بعدم زواجه من زوجة ثانية فهو متفاهم مع زوجته ويرى انها لا مثيل لها.
فيما ذهبت نادين ( 23 سنة ) بـ الول إلى انها ستحاول جاهدة ان تقنع من سيتقدم لخطبتها ان يوافق على شرطين اساسيين؛ الاول ألا يتزوج عليها زوجة ثانية، وان تسكن في بيت مستقل عن والديه، مؤكدة في حال عدم موافقته على شروطها فإنها ستفضل الزواج من غيره لانها تعتبر هذا الامر هام جدا بالنسبة لها.
وكانت دائرة الافتاء قد أوضحت مؤخرا، أن الشريعة الإسلامية أباحت الإشتراط في عقد الزواج في حال كان في الشروط منفعة لأحد الزوجين غير منافيا لـ مقاصد الزواج ولم يلتزم فيه بما هو محظور شرعاً، وسجل في وثيقة العقد، فحينئذ تجب مراعاته، مشيرة إلى ان الزوجة يحق لها طلب الطلاق بسبب مخالفة الزوج لـ شرط من شروط العقد وتتمتع الزوجة بكافة حقوقها من النفقة ومؤخر الصداق.
وفي السياق قال أستاذ الفقه والدراسات الاسلامية الدكتور منذر زيتون ان فتوى إباحة وضع شروط بين الزوجين في عقد الزواج، أمر ليس بـ الجديد ومنصوص عليه بـ قانون الاحوال الشخصية الاردني،مؤكدا أنه يحق لـ الزوج والزوجة ان يشترطا على بعضهما شروطا، من اهمها على سبيل المثال أن تطلب الزوجة من زوجها أن لا يتزوج عليها زوجة ثانية.
وأضاف في حديثه مع "الأنباط" أن هذا لا يعني أن الزوج لا يستطيع ان يتزوج زوجة ثانية عليها اطلاقا، بل في حالة زواجه من اخرى يصبح من حق الزوجة الأولى ان تطالب بفسخ العقد ويثبت لها كافة حقوقها المالية من مؤخر المهر ونفقات الزوجية والعدة وحضانة الاطفال .
واشار إلى أنه يجب ان يتم الاتفاق على هذه الشروط وتسجيلها في عقد الزواج، والقانون بهذا الخصوص قد وضع عدة بنود لجواز هذه الشروط اهمها ان تكون نافعة للزوجين في كل مناحي حياتهما، وثانيا ان لا تمس احدهما بضرر ولا ضرار، وثالثا ان لا تخالف احكام الشريعة الاسلامية والقانون الاردني.
واضاف، هذا لا يعني ان تقدم المرأة دعوى فسخ الزواج مباشرة، فـ من الممكن ان تفكر بطريقة عقلانية وتستمر مع زوجها من اجل ان لا يعيش اطفالها بعيدين عن والدهم، وهذا الامر يعتمد على وعي الزوجة وتفضيلها ابنائها ومستقبلهم، ويدل على مدى حب الام وتضحيتها وايثارها في سبيل سعادة اولادها على سعادتها الشخصية.
وأوضح، أن هناك الكثير من الناس ليس لديهم المعرفة الكافية في قانون الاحوال الشخصية ،الأمر الذي يستوجب على دائرة الافتاء نشر مثل هذه الفتاوى من اجل تعزيز المعرفة لدى الافراد وضمان حقوقهم في كافة مناحي الحياة الاسرية من خطبة او زواج او طلاق او خلع وغيرها من الاحوال.
ولفت زيتون، ان معرفة القانون حق لـ الجميع ولكننا لا نريد ان يكون القصد من إثارة هذا الموضوع في الوقت الحالي، تأليب او تغيير لـ نمط العلاقة الزوجية وكأننا اكتشفنا سرا خطيرا، بل يجب ان يتم تناول هذه الموضوعات بحكمة وعقلانية، لان النشر دون توعية قد يتسبب بزعزة وتخويف المقبلين على الزواج وتعقيد امر الشروط التي قد يتخوف منها او يستصعبها بعض الشباب ما تجعله يعزف او يؤجل الفكرة لفترة من الزمن.
بدورها قالت مستشارة جمعية معهد تضامن المحامية إنعام العشا، أن هذا القانون لا يتم استغلاله من قبل النساء الا بشكل قليل بسبب الثقافة المجتمعية السائدة التي تحده او تمنعه، وخجل الفتاة واسرتها من هذا الطلب سيتسبب في ضياع حقوقها.
وبينت لـ "الأنباط" أن شروط الزوجة في عقد الزواج مثلا بـ عدم الزواج بزوجة ثانية اوالسكن المستقل بعيدا عن اهل الزوج، او ان تكمل دراستها الاكاديمية وغيرها من الشروط الخاصو بها، تشترطها لتضمن الموافقة المسبقة حسب اتفاقهما، فـ مثلا الزوج غير مكلف بالانفاق على أطفال رجل اخر قانونا وشرعا، وايضا قد لا يسمح الزوج بعمل زوجته، او ان تكمل دراستها لكن اذا تم وضع الشرط في العقد يصبح ملزما بهذا الامر، وبالمقابل يحق للزوج ايضا ان يشترط على زوجته بما لا يخالف القانون طبعا.
ولفتت إلى أن أهمية هذه الشروط تكون لـ ضمان حقوق الزوجين مستقبلا الأمر الذي يقيم الزواج وفق أسس وقواعد راسخة تحد من الخلافات التي من الممكن ان تقع بين الزوجين في اثناء زواجهم، مشيرة إلى انه لا يوجد خلل في هذه الشروط، وأن هناك بعض الافراد قد يعارضون هذه الشروط بقولهم ان عقد الزواج يقوم على اساس الرحمة والمودة والتكافل بين الزوجين فكيف تشترط الزوجة على زوجها، فـ الاصل ان لا تضع اي شروط ، لكن المودة والرحمة لا تتعارض مع الاتفاق على وضع شروط في عقد الزواج بل العكس الشروط هي من ستضمن استمرارية التعاون والتكافل بينهما لما فيها من شفافية قبل بداية العلاقة الزوجية وهذا يضمن بنسبة كبيرة عدم حدوث اي مشاكل على حد قولها.