إدمان الألعاب الإلكترونية يعرّض أطفالاً للعزلة والعدوانية والاستدراج

حذّر خبراء واختصاصيون بارزون من مخاطر إدمان الأطفال الألعاب الإلكترونية، إذ يؤدي إلى إصابتهم بالعزلة والعدوانية وضعف الثقة بالنفس، فضلاً عن احتمالات تعرضهم للاستدراج من جانب تنظيمات متطرفة.

 

وقالوا خلال ملتقى نظمته خدمة الأمين، التابعة لجهاز أمن الدولة في دبي، تحت عنوان «التحديات والمخاطر الأمنية في الألعاب الإلكترونية»، برعاية وحضور سمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس مجلس دبي لأمن المنافذ الحدودية، إن الإشراف الأبوي مهم للغاية، ووضع نظام في الأسرة يحدد ساعات اللعب للأطفال، بحيث لا تزيد أسبوعياً على سبع ساعات.

وتفصيلاً، ذكر رئيس الشؤون الدولية في مؤسسة دبي للمستقبل، الدكتور نوح رافور، خلال الملتقى الذي حضره الشيخ سلطان بن خليفة بن شخبوط آل نهيان، رئيس اتحاد الإمارات للرياضات الإلكترونية، أن الألعاب الإلكترونية تستغل من قبل تنظيمات متطرفة، مثل جماعة «البديل الوطني» البريطانية، التي تغرس أفكاراً عنصرية متطرفة في عقول الأطفال عبر ألعاب بعينها.

وأضاف أن هناك ألعاباً بعينها تعد ساحة لعمليات التجنيد (أونلاين)، مثل «كول أوف ديوتي»، كما أن متطرفين نفذوا جرائم وحشية مثل «أندريس بريفيك»، الذي أطلق النار جماعياً في النرويج مردياً العديد من الأبرياء نتيجة تأثره بألعاب مماثلة.

وأشار إلى أن ما لا يعرفه كثيرون الآن، أن الوقت الذي يقضيه مستخدمو ميتافيرس وألعاب الفيديو ضعف الوقت الذي يقضيه الناس على أنشطة الإنترنت الأخرى، بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي، لافتاً إلى أن هذا يعكس أهمية الميتافيرس والألعاب الإلكترونية، لكنه يكشف خطورتها كذلك، إذا لم يتم تقديم محتوى مناسب.

وأكد أن هناك جوانب إيجابية للميتافيرس وألعاب الفيديو في ظل توقع ظهور 42 ألف وظيفة افتراضية في المستقبل، مشيراً إلى أنه في ظل الاستراتيجية التي تنفذها دبي حالياً، ستكون هناك فوائد اقتصادية كبيرة.

وأوضح أن الإقبال الرهيب على هذه الألعاب يجعلها هدفاً كذلك للتنظيمات المتطرفة، فعلى مدار العقد الماضي كانت وسائل التواصل الاجتماعي هي الأرض الخصبة لنشر الكراهية والعنصرية والتجنيد، لكن تعد الألعاب الإلكترونية هي الساحة الأمثل الآن.

وقال رافور، إن الإشكالية ليست في الألعاب الإلكترونية نفسها، ولكن في طريقة ووقت استخدامها، لافتاً إلى أن إدمانها يسبب القلق والاكتئاب، ومشكلات أخرى، لكن في النهاية لا يمكن إلقاء اللوم على الأداة، بل على طريقة استخدامها.

من جهتها، قالت الاستشارية التربوية والنفسية، الدكتورة ناديا بوهناد، إن المشكلة ليست في الألعاب الإلكترونية نفسها، لكن في ضعف الرقابة الأسرية وغياب النظام، حتى فقد الآباء السيطرة على أبنائهم.

وأضافت أن الدراسات العالمية حددت سبع ساعات أسبوعياً للاستفادة من الجوانب الإيجابية لهذه الألعاب، لكنها تستقبل حالات لأطفال يقضون من 10 إلى 13 ساعة يومياً، وهذا رقم مخيف يحول الطفل إلى مدمن، ويتفاقم الوضع في ظل تعرضه للإهمال أو القسوة والإساءة، إذ يتحول إلى شخص عدواني، ويفرغ طاقته في أشقائه وزملائه.

وأشارت إلى أن كثيراً من الأهل يفتقدون إلى المعرفة والوعي، ولا يدركون المخاطر الحقيقية لترك الأطفال دون رقابة، فالطفل أقل من سنتين يجب ألا يتعرض لشاشة هاتف أو غيره على الإطلاق.

وأوضحت أن هناك حالات استدراج تعرض لها أطفال عن طريق هذه الألعاب ووسائل التواصل، بسبب غياب الرقابة الأسرية، مثل طفلة في الـ14 من عمرها، عانت الإهمال بسبب انشغال والديها، فكانت عرضة للانحراف السلوكي.

وأكدت أنه بالنظر إلى الحالات التي تعاملت معها فإن إدمان الألعاب الإلكترونية يحول الطفل إلى شخص عدواني وعصبي، يميل إلى العزلة، ولا يمكن السيطرة عليه عند محاولة منعه من ممارسة هذه الألعاب.

وأشارت إلى أن من الحالات التي تعاملت معها مراهق اعتدى على أمه بقسوة، لرفضها شراء لعبة إلكترونية له، وآخر حطم سيارة والده بسبب قيامه بسحب الهاتف منه، نتيجة تدني درجاته الدراسية.

وتابعت أن الأسرة يجب أن تطبق قوانينها الخاصة بكل حسم، فما يفعله الأب اليوم يحمي ابنه غداً، والسماح بقضاء وقت مناسب على الألعاب الإلكترونية يعزز ذكاء الطفل ويزيد إدراكه، لكن تركه أكثر من 13 ساعة يحوله إلى مدمن غشاش يميل إلى الكذب، ويتسم بشخصية عدوانية مهزوزة.

إلى ذلك ذكر مدير إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية بشرطة دبي، العقيد سعيد الهاجري، إن الإشكالية تظل في المحتوى، وليست في الألعاب ذاتها، مؤكدة ضرورة إيجاد محتوى وطني جذاب للأطفال، حتى لا يكونوا عرضة للتأثر بمحتوى غير مناسب.

وأضاف أن شرطة دبي سجلت من خلال منصة «إي كرايم» جرائم بعينها مرتبطة بالألعاب الإلكترونية، مثل التنمر، بواقع 26 بلاغاً و21 بلاغ احتيال وست بلاغات اختراق، وذلك منذ إنشاء المنصة قبل ثلاث سنوات.

• مراهق اعتدى على والدته لرفضها شراء لعبة، وآخر حطّم سيارة والده بسبب سحب هاتفه.

• تنظيمات متطرفة تنشر أفكار الكراهية والتعصب عبر الألعاب، بعد سحب البساط من «السوشيال ميديا».