خبراء يحللون وضع المملكة اقتصاديا من الجانب السياحي بالتزامن مع "العشرية"

مخامرة: وضع الأردن الجيوسياسي مهم لتحقيق الرؤية الاقتصادية

عايش: كيف لحكومة أخطأت التوقع ل 8 أشهر ان تخطط ل 10 سنوات

الأنباط – دلال عمر

يعد قطاع السياحة في الاردن أحد أكبر القطاعات الرافدة للاقتصاد لتمتع المملكة بمواقع فريدة تنتشر في أرجائها تتنوع بين الدينية والثقافية والتاريخية والأثرية والدينية والطبيعية مثل وادي رم، البترا، البحرالميت، المغطس، قلعة مكاور، والعديد من المواقع المتخصصة للغوص والرياضات المائية.

اتسام المملكة بالمناخ المعتدل الذي يناسب السياحة طوال السنة، إحد العوامل التي تشجع لاستقطاب السياح من مختلف نطاق العالم، لاسيما السياحة العلاجية الواعدة والتي اتخذت موقعها على الخارطة العالمية للمنافسة في سوق السياحة العلاجية .

وتحظى المملكة باهتمام سياحي من جانب الباحثين عن تجارب متخصصة في السياحة التراثية والطبيعية والعلاجية.

وفقاً للأرقام الصادرة عن البنك المركزي، ارتفع الدخل السياحي خلال الشهور الثمانية الأولى من العام الحالي بنسبة 161.6% ليصل إلى 2,584.4 مليون مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.

وبحسب رؤية التحديث الإقتصادي، ساهم قطاع السياحة في النتاج المحلي الإجمالي لعام 2021 بنسبة 0،9 مليار دينار، وبنسبة 2،9% من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، بنسبة 50،6 ألف عامل.

ويساهم القطاع السياحي بأكثر من 12% في الناتج المحلي الإجمالي بصورة مباشرة أو غير مباشرة، حيث تحتوي المملكة على ستة مواقع على قائمة اليونيسكو للتراث العالمي، وهي البترا، قُصير عمرة، أم الرصاص، محمية وادي رم، موقع المعمودية، و موينة السلط التي صنفت أخيراً كـ مدينة التسامح وأصول الضيافة الحضرية عام 2021.

ويوجد في الأردن أكثر من 15 ألف موقع أثري، و33 ألف سرير فندقي في مواقع استراتيجية، حيث زار الاردن أكثر من 4,48 مليون سائح قضوا أكثر من ليلة واحدة في أرجاء المملكة في 2019، وذلك نتيجة للأمان الذي يتمتع به البلد من ناحية الزيارة والتجوال، والإنطباع الإيجابي الذي يحصل عليه السائح.

يذكر ان إيرادات المملكة سياحياً العام الماضي بلغت 1.5 مليار دينار بنسبة 15.2% من إجمالي الإيرادات ، حيث شكلت الدول الثلاث (السعودية ، العراق، والولايات المتحدة) بنسبة 25% من إجمالي عدد السياح القادمين إلى المملكة.

ووفقاً لرؤية التحديث الإقتصادي لقطاع السياحة ، فان أبرز نقاط القوة الرئيسية هي المواقع السياحية الفريدة، والتجربة الحقيقية من ناحية حسن الضيافة الأردنية، والسمعة الطبية، و قطاع نشط من خلال دور الجمعيات المهنية في عملية التنمية السياحية، كما يعد الأردن وجهة قريبة حيث يمكن وصول المملكة عبر الرحلات الجوية القصيرة من أوروبا أو دول الخليج ولقربه من أسواق آسيا وأفريقيا.

وتعد الأردن وجهة جاذبة للإنتاج السينمائي بفضل ما تمتلكه البلاد من مواقع طبيعية متنوعة.

من جهته، أكد الخبير الإقتصادي الدكتور وجدي مخامرة ان الاردن يتعرض لوضع "جيوسياسي" قد يلعب دور في نجاح سير الخطة أو فشلها، نسبة للتحالفات والعلاقات الدولية التي تتم مع الدول المحيطة (العراق، سوريا، وفلسطين) بزيادة الصادرات والتي تستطيع الاردن استثمارها من حيث موضوع المنظومة الاستثمارية التي تم اعتمادها مؤخراً والتي يدور حولها تساؤلات حول نجاحها بجذب استثمارات إقليمية وأجنبية ومحافظتها على المستثمر الأردني من حيث كلفة الطاقة والعمالة.

وقال مخامرة ان التشاركية مع القطاع الخاص والحوافز التي ستقدمها الحكومة في المشاريع المستقبلية ستساهم في جذب القطاع الخاص للاستثمار في الاردن، من خلال استخدام الموارد غير المستغلة التي يتم الإعلان عنها حالياً مثل (النحاس، فوسفات، يورانيوم، والنفط).

مؤكداً على أنها مؤشرات ستساهم في نجاح سير الخطة اذا اتبعتها الحكومة في العشرية القادمة، لا سيما زيادة الحد الأدنى للأجور وتوجه الاردنيين للقطاع المهني وإحلالهم بدل العمالة الأجنبية بزيادة حجم العمالة الأردنية.

وأضاف ان التنافسية في قطاع السياحة مهم جداً من ناحية برامج استقطاب السياحة، وأكد على أهمية وجود خطة استراتيجية سياحية تساهم في استقطاب السياحة الاجنبية والإقليمية والمحافظة على السياحة الأردنية ، لان العديد من الاردنيين يسافرون لدول الخارج بقصد السياحة لتدني الكلفة والبرامج الجاذبة للسياحة.

وشدد مخامرة على أهمية وجود فريق تنفيذي لسير الخطة الاقتصادية بالشكل المناسب وتحقيق التنافسية بكل المعايير التي تشمل المنظومة الاستثمارية والكلف وتقديم الحوافز ، ألا انه ستتم الشكوك في تحقيق الرؤية الاقتصادية خلال العشرية القادمة.

"الوضع الجيوسياسي عامل مهم جداً" يقول مخامرة، بحيث أي توتر أو نزاع إقليمي خلال العشرية القادمة يمكن أن يؤثر بشكل كبير على المملكة.

وقال الخبير الإقتصادي حسام عايش بدوره، ان الرؤية العشرية هي وسيلة يعتمدها الاردن من أجل ان يكون لديه رسالة وهدف ليوجه قراراته وسياساته الاقتصادية وما ينتج منها من قضايا وإيجابيات تساعد بزيادة معدلات النمو الاقتصادي وتحسين معدلات الدخل وتقليل معدلات البطالة والفقر وتحسين الأداء الاقتصادي في قطاعات عدة .

وتابع في حديثه لـ "الأنباط" ان الاقتصاد لا يبنى بالأمنيات، ولكن التجربة مع التوقعات كانت مخيبة للآمال لان الكثيرين توقعوا الأفضل ولكن كانت النتيجة أقل من التوقعات، ولذلك اذا اخذنا التاريخ على مستوى رؤية 2025 للتحفيز الاقتصادي الذي وئدت في مكانها وغيرها من الخطط المختلفة فان النتائج لم تكن بمستوى التوقعات، لأن الأهداف التي يتم وضعها تكون أحياناً أكبر من قدرة الأردن ولانها تعتمد على الآخرين، مثل المستثمرين والقطاع الخاص والاستثمارات الأجنبية والذين لا يمكن إجبارهم لانهم ربما يرون أن العائد قليل أو مستوى الخطورة عالية أو لأنها ليست معنية بكثير مما جاء فيها.

وأكد عايش انه يوجد جملة من الاشكالات تتعلق منها حصص المشاركة السنوية ، حيث تقول الحكومة انها ستلتزم بحوالي 900 مليون دينار سنوياً للانفاق على برامج هذه الخطة، وهناك 2،5 مليار دينار من القطاع الخاص والمستثمرين وغيرهم، لكن الواقع ان خطة الأولويات الحكومية للعام 2021-2023 نجد ان الحكومة لم تستطع حتى الآن انفاق 480 مليون دينار التي وضعتها كخطة على برامج أولية ضمن الخطة.

وهنا طرح عايش تساؤلات حول قدرة الحكومة بتوفير 900 مليون دينار ، وفي حال توفرها فان القطاع الخاص يفترض ان يشارك بـ2،5 مليار دينار ربما تكون مشاركته أقل ولكن من الذي يضمن ان يستمر بالمشاركة على مدار العشر سنوات القادمة من عمر الخطة.

ولذلك، وبقياس حجم الاستثمارات الأجنبية القادمة للأردن لسنة 2020 والتي قدرت بـ 538 مليون دينار، و441 مليون دينار في عام 2021 ، ليكون معدل الاستمارات الاجنبية 500 مليون دينار، فكيف يمكن رفعها إلى خمسة أضعاف ، لذا على الحكومة خلال العشر سنوات القادمة ان تتوقع حجم المشاركة من القطاع الخاص هو 5 إلى 6 مليار دينار وربما يصل إلى 10 مليار دينار، مما يتبقى تقريباً 10 إلى 12 مليار دينار يفترض ان تكون الحكومة قادرة على توفيرها اذا لم يقم القطاع الخاص بواجبه.

وتحدث عن الوظائف الذي ينتجها سوق العمل وعددها 30 ألف، وقال اذا كان سيرتفع في المعدل لـ100 ألف في السنة (بطموح توفير مليون فرصة عمل في الاردن) بمعنى ان سوق العمل سيرتفع حجمه ثلاثة أضعاف بما هو عليه بالحد الأدنى ، بافتراض بقاء معدل البطالة كما هو وبافتراض ان المشاركة الاقتصادية للمرأة 14% وللرجل 34% ، ولكن الخطة تعمل على زيادة المشاركة للمرأة والشباب بمعنى أننا نحتاج إلى سوق عمل ربما يكبر السوق الحالي أربعة مرات، وهذا أمر يواجه صعوبات وتحد كبير جداً أمام الرؤية .

وقال عايش ان رؤية التحديث الإقتصادي تتحدث عن المستقبل الغامض لذلك لا نستطيع التكهن لمدة سنة او شهر بكفية الأداء، لذلك علينا بضمانات للانجاز وهذه مسؤولية على الحكومات، لذلك وجب وجود أهداف فرعية تساعد في تحقيق الأهداف الرئيسية .

وتابع ان الحكومة توقعت خلال الموازنة العامة ليكون معدل النمو 2،7% ، بينما البنك الدولي يتوقع 2،1% ، بمعنى انها بمدة سنة لم تستطع ان تتوقع بشكل دقيق ، كما توقعت الحكومة معدل تضخم 2،5% بينما معدل التضخم الحالي 3،82% وهذا أعلى مما توقعته للشهور الثمانية الاولى للعام الحالي .

وهنا طرح عايش التساؤل بقوله ان الحكومة لم تستطع التوقع للشهور القليلة فكيف يمكن ان نتوقع تكون صائبة في توقعاتها لمدة عشر سنوات ، وهذا الذي يحتاج إلى مراجعة وتحضير وتوفر الموارد ، فاذا أمكن توفير الموارد يمكن ان تنجح الخطة.

وختم حديثه قائلا، ان الاشكالية الاردن بانه يحتاج لتغيير النموذج الاقتصادي بالكامل لانه استهلاكي وفي ظل وجوده الذي يعلي من شأن الضرائب والديون ، فمن الصعوبة ان نقول بان الرؤية ستحدث فرقاً في العملية الاقتصادية.