مراقبون: العقوبات البديلة ايجابية وتحل مشكلة الاكتظاظ في السجون

 

العقوبات البديلة.. متنفس جديد وفرصة للبقاء ضمن النسيج الاجتماعي 

الأنباط – فيصل العربيات 
من الواضح أن العقوبات المجتمعية لاقت صدى كبيرا جداً، حيث استطاع 333 محكوماً بجرائم بسيطة مغادرة زنازينهم واستبدال عقوباتهم العام الماضي، الأمر الذي أتاح لهم الالتقاء بعائلاتهم والعودة إلى أعمالهم وحياتهم الطبيعية تدريجاً.
وينظر مراقبون إلى العقوبات البديلة بإيجابية ويصفونها بأنها متنفس جديد وفرصة للبقاء ضمن النسيج الاجتماعي، فضلاً عن حل مشكلة الاكتظاظ في السجون الأردنية وما يترتب على ذلك من عبء مالي وإداري.
بدوره قال الخبير الأمني وأستاذ القانون في جامعة البترا الدكتور فتحي الفاعوري حول العقوبات المجتمعية التي صدرت مؤخرا، أنها جاءت لـ التخفيف على المواطن الأردني، معزيا أن المواطن عندما يخضع لعقوبة فيما يتعلق بالقضايا التي لا تزيد عقوبتها عن سنة ويوضع في مراكز الاصلاح والتاهيل بمدة لا تزيد سنة فاننا نعاقبه ونعاقب ذويه معاقبه فيها ثقل على ذوية من حيث الإنفاق عليه وعلى زيارته خاصة ان كان نزيل في مركز سواقة. 
وأضاف، ان المشرع الأردني أراد التخفيف على المواطن، خاصة عندما أقر هذا النوع من العقوبة مثل تنظيف وخدمة المساجد ودور العبادة والكنائس والحدائق والشوارع العام أبعد عنه عقوبة الحبس التي تحد من حريته لفترة محددة بموجب القانون. 
وتابع أن المشرع أيضا خفف عن السجون خاصة أن هناك ضغط على مراكز الإصلاح والتأهيل، قائلا :"لا اخفيك امرا كضابط شرطه سابق ومدرس قانون جنائي اعرف الطاقه الاستيعابية للسجون زادت عن 100%، بمعنى انه عندما يكون السجن يتسع لـ 600 نزيل ويصل عدد السجناء فيها لـ حوالي 900 فهذا معناه أن النسبة الاستيعابية لـ السجن أصبحت 150%.
وفي تصريحات سابقه لوزير العدل د.احمد زيادات أشار إلى أن إطلاق نظام العمل بنظام السوار الالكتروني جاء بعد دخول نظام وسائل واليات تنفيذ بدائل العقوبات السالبة للحرية رقم 64 لسنة 2022 حيز التنفيذ، والذي صدر بالاستناد الى المادة 25 مكررة من قانون العقوبات المعدل، والتي وسعت من شريحة العقوبات السالبة للحرية لتشمل المراقبة الالكترونية، وحظر ارتياد المحكوم عليه أماكن محددة.
وتابع إن السوار الإلكتروني يستخدم كبديل للتوقيف القضائي سندا لاحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية. وأشار إلى أن هؤلاء النزلاء يتبعهم كلفة اقتصادية ومالية وأمنية، والمشرع قام بالتخفيف عن كاهل إدارات هذه السجون من الناحية الأمنية والاقتصادية، خاصة أن النزيل بحاجة لرعاية صحية واجتماعية وامنية، مشيرا أيضا إلى أن هناك العديد من القضايا المتنوعة داخل السجون ومنها الخطيرة والخفيفة، ووجود النزيل الذي قام بافتعال جرم خفيف لا يرقى لمستوى السجن فيها قد يحدث تأثيرا على سلوكه الاجتماعي وينحرف وهذه الحماية التي ارادها المشرع أيضا للنزيل وذويه. 
ولفت إلى ان المشرع أراد أن يمنح القاضي حرية كبيرة في السلطة التقديرية، لافتا إلى انه ليس كل مرتكب جرم يعاقب بـ العقوبة الاجتماعية وقال :"ان المسالة شخصية او نسبية تختلف من شخص لاخر وان الغايه من العقوبه تحقيق الردع العام والخاص، الردع العام بالنسبه لبقية افراد المجتمع والخاص لمرتكب الجريمة، لافتا إلى ان هذه قد تتحقق سواء كانت بالعقوبة المجتمعيه او بعقوبة السجن. 
ووفقا لإحصائيات وتقارير مديرية الأمن العام فقد ارتفع المعدل الزمني لارتكاب الجريمة إلى وقوع جريمة كل (25) دقيقة وثانيتين العام الماضي (2021)، بينما كان المعدل الزمني في 2020 نحو (23) دقيقة و(45) ثانية، ما يشير الى انخفاض الجرائم الجنائية والجنحوية العام الماضي من بينها قضايا السرقات.
وبلغت أعداد الجرائم الواقعة على اراضي المملكة العام الماضي (20991)، بينما كانت في العام سابقه (22187)، أي بفارق (1196) جريمة، وعلى صعيد الجرائم الجنائية التي حدثت داخل المملكة، بلغت العام الماضي (5237)، تنوعت ما بين القتل العمد والقتل القصد والضرب المفضي الى الموت والشروع بالقتل، بالإضافة الى جريمتي الرشوة والسرقة، في حين كانت في العام سابقه (6169) أي بفارق (932) جريمة.
ومن القضايا الجنائية التي شكلت انخفاضا، كانت قضايا الشروع بالقتل والسرقة الجنائية، إضافة الى الرشوة، وعلى صعيد الجرائم الجنحوية التي سجلت انخفاضا العام الماضي (15754) جريمة، مقارنة مع العام سابقه حيث سجلت (16018)، أي بفارق (264) جريمة، وكانت جرائم السرقة بمختلف أشكالها الجنحوية أكثر القضايا التي سجلت انخفاضا بالقضايا الجنحوية.
وعلى صعيد الجرائم الجنائية، بلغ معدلها الزمني بواقع جريمة كل ساعة و(40 دقيقة) و(22) ثانية، اما الجرائم الجنحوية فقد وصل معدلها الزمني بواقع جريمة كل (22) دقيقة وثانية، وبلغ المعدل الزمني بالنسبة للجرائم المخلة بالثقة العامة بواقع جريمة كل (8) ساعات و3 دقائق و22 ثانية.
اما بالنسبة للجرائم التي تقع على الإدارة العامة، فبلغ معدلها الزمني بواقع جريمة كل 3 ساعات و58 دقيقة و42 ثانية، وفيما يتعلق بالجرائم التي تشكل خطرا على السلامة العامة، بلغ معدلها الزمني بواقع جريمة كل 4 ساعات و 34 دقيقة و26 ثانية، وأظهرت الاحصائيات بخصوص الجرائم المخلة بالأخلاق والآداب العامة أن معدلها الزمني كان العام الماضي بواقع جريمة كل 6 ساعات و43 دقيقة.
وفي السياق ذاته، أوضح الأكاديمي والخبير الاجتماعي الاستاذ الدكتور حسين الخزاعي أن العقوبه المجتمعية خطوة ايجابية وخاصة ان لها اثار ايجابية على المجتمع والدولة والنزيل المرتكب للسلوك السلبي خاصة ان ليس كل من يدخل مراكز اصلاح تكون جرائمهم خارجة عن ارادتهم كـ مخالفات السير والديون، ولا تكون صارمة ومنفرة وتعم لعلى حماية هؤلاء الجانحين او المحكومين من الاختلاط بالنزلاء الموجودين بمراكز الاصلاح والتاهيل، ويتعرفوا على مشاكل المجتمع ويقدموا خدمات له ويصبح لهم تواصل بـ المستقبل مع الجمعيات التي تطبق العقوبه وتعمل على تحفيزهم. 
وتابع أن مثل هذه العقوبة تعم على أن يكون الجانحين أكثر قربا من أهاليهم، ومنخرطين بالطقوس الاجتماعية، وتحميهم من الانحراف وتحمي الاسرة من التفكك الاسري وغياب رب الاسرة والتعرض لسلوكيات سلبية من قبل الابناء.
وتابع أن هناك جملة من الاثار الايجابية التي تتحقق من هذه العقوبة بالنسبة لـ الدولة، من أبرزها التوفير على موازناتها المالية والخدمية، وتخفيف الضغط الكبير الموجود في مراكز الاصلاح، وتحمي المجتمع من ان يكون مجرم محتمل بالمستقبل بالتالي تعود بالفائدة على المجتمع والفرد والدولة. 
يذكر أن المادة 25 من قانون العقوبات تنص على أن "الخدمة المجتمعية : هي الزام المحكوم عليه بالقيام بعمل غير مدفوع الاجر لخدمة المجتمع لمدة تحددها المحكمة لا تقل عن(40) ساعة ولا تزيد على (200) على ان يتم تنفيذ العمل خلال مدة لاتزيد على سنة"، و"أن المراقبة المجتمعية: هي الزام المحكوم عليه بالخضوع لرقابة مجتمعية لمدة تحددها المحكمة لا تقل عن ستة أشهر ولاتزيد عن ثلاث سنوات"، و"أن المراقبة المجتمعية المشروطة بالخضوع لبرنامج تأهيل او اكثر:هي الزام المحكوم عليه بالخضوع لبرنامج تأهيل تحدده المحكمة يهدف لتقويم سلوك المحكوم عليه وتحسينه". 
ووفقا للنظام، فإن المحكمة تصدر قرارها بوضع الشخص بالمراقبة الإلكترونية وتحديد المدة الزمنية والنطاق الجغرافي المحدد بمنطقة جغرافية معينة وبمسار معين أو كلاهما، وتتولى مديرية العمليات والسيطرة في الأمن العام متابعة التزام المحكوم عليه بذلك.