د.أنور الخُفّش:-نيران (الغضب) يمكن رؤيتها في الأفق القريب.



لمن يملأ الفراغ الأمني على مفكِّرة دولة رئيس الوزراء المكرَّم ، قرار إستباقي بإتجاه تأمين حالة الإستقرار ما بعد 30 أيلول بعد إنقضاء مهلة حبس المدين ، الحكومة الأردنية كانت قد مدّدت مهلة وقف حبس المدين حتى الثلاثين من أيلول/ سبتمبر الجاري إستناداً إلى العمل بأحكام أمر الدِّفاع رقم (28) الذي جاء لمواجهة تداعيات جائحة كورونا.
 نيران (الغضب) يمكن رؤيتها في الأفق القريب ، أو ستبقى كامنة وفي المستقبل إذا تم تجاهل آثار وإنعكاسات عدم التجديد لمهلة حبس المدين لنهاية العام وفق سياسة عامة مدروسة وقائية كأولوية وطنية من قبل الحكومة كونها حالة قلق عامة قائمة فعلاً تحسباً من التوترات والإضطرابات الإجتماعية . 
 العواصف تتجمع و المأزق يتجدَّد بإتساع رقعة تهمة "العبث" بمخالفات شركة الكهرباء، في تموز أعلنت هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن ضبط 8836 حالة سرقة كهرباء خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي نفذته شركات توزيع الكهرباء، وينص قانون الكهرباء على معاقبة سارقي الكهرباء بفرض عقوبات وغرامات على حالات العبث وسرقة التيار الكهربائي تشمل الحبس من ستة أشهر إلى سنتين أو بغرامة لا تقل عن ألفي دينار ولا تزيد على عشرة آلاف دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين.
الأمر الذي يستوجب التحقق من صحة الإجراءات في إيقاع العقوبات ، والمعالجة تقتضي التحلِّي بروح المرونة والتدابير الرحيمة بأحوال الناس عند تنفيذ التعليمات ، حيث تشير التقديرات بأن مايقارب 145 ألف مواطن مطلوب لقاء هذه الغرامات ، هل يُعقل منزل لا يتجاوز ثلاثة غرف يتم تقدير الغرامات مابين ألفين دينار وعند زيادة مساحة المنزل تصل العقوبات الى عشره آلاف دينار. إن مسار المصالحة والتسويات المالية والقانونية ، كون طبيعة الغرامات حالة طارئة وإستثنائية تحتاج لمعالجة إستثنائية أيضاً ، والعفو العام ضروري ، وتنفيس حالة الضغوط المالية ، نحن أمام إما طريق الفوضى أو طريق الأمان والإستقرار. إعمال العقل يتطلب العمل على حثّ الحكومة لإتخاذ التدابير الرحيمة لبثّ روح الطمأنينة وإراحة عامة الناس في وسائل معيشتهم بكرامة .

بلا ضوابط ولا موازين ، لا يوجد أمامنا متَّسع من الوقت، فلتسارع الحكومة الآن لتعزيز الأمن الإجتماعي ، على إعتبار أن حالة العسر المالي إتّسعت رُقعتها أكثر ما بعد جائحة كورونا ، إن إستمرارها كحالة طارئة من أجل إنقاذ كل ما يُحتمل من آثار سلبية . 
بينما يكاد ينفذ ما لدينا من وقت لتجنُّب كارثة لا يمكن تخيُّل نتائجها على كل أشكال الحياة 
على أرض الواقع ، سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً ، آلاف المطلوبين على قضايا مالية. وتشير دراسة صدرت عن المجلس القضائي الأردني عام 2021 إلى وجود 143 ألف قضية قضائية مالية مسجلة في 2019  وتشير التقديرات الى تجاوز أعداد المطلوبين الى ما يقارب خمسمائة ألف مواطن ، بينما بينت دراسة أصدرها المجلس الإقتصادي والإجتماعي الأردني أن عدد الأفراد المطلوبين بسبب عدم تسديد ديونهم في تزايد مستمر ، وأن تداعيات جائحة كورونا وما خلقته من أوضاع إقتصادية بسبب إغلاق القطاعات مستمرة أيضاً ، الضرورة تقتضي السعي لمعالجة من خلال إصدار قانون عفو عام بغية "حفظ الأمن المجتمعي" والتخفيف عن كاهل المواطن ، قد أصبحوا عنصراً مندمجاً مع استقرار الحياة السياسية في داخل المجتمع الأردني ، وفي هذا الوقت كانت هناك صورة جديدة تظهر وتتضح معالمها يوماً بعد يوم ، حول كيفية إستجابتنا اليوم لهذا التحدِّي ستحدِّد مصير حبل نجاتنا معلق بما سنفعله اليوم، فإما أن يُقطع وإما أن يصمِد بما يكفي ليُنقذنا. 

لا يمكننا أن نفقد الأمل، لأننا نملك الحلول التي نحتاجها، لكن ما ينقصنا هو الإرادة السياسية لتنفيذها. وأن لا نترك إمكانية تغيير هذا الواقع الصعب من خلال دفع الناس نحو خيار ضغط شعبي غير مسبوق عالمياً لمواجهة أزمة تتمدد ، ودفاعاً عن حقوق الناس بالعيش الكريم  وحفظ الأمن والأمان لمواجهة إنتشار المعلومات المضللة والأخبار الكاذبة ، وحشد الناس الى فوضى بإستغلال وقائع معيشية من المفيد مواجهتها وعدم تحويلها شعلة لفتنة الغضب الشعبي. 
فهل مِن مسؤول في الحكومة يقول لنا ماذا ستفعل الدولة كي لا ينهار الوضع إقتصادياً ؟

 الحل بإيجاد المتغيِّر المناسب من قبل الحكومة ، في معالجة الأوضاع المالية للناس بتجديد وتطوير قانون الدفاع لحماية عامة الناس من الدائنين ، أي الإعتبار المناسب في الوضع التوفيقي الرحيم لمعالجة وجع الناس بخطة تعافي وحالة سياسية وإجتماعية مريحة لعامة الناس ، تخفيف الضغوطات وتأجيل ملفات التأزيم ، لتتناسب من حيث الزمن مع تثمير الخطط التنفيذية للتحديث الإقتصادي والإصلاح الإداري المنظورة قيد التخطيط والتنفيذ من قِبل الحكومة حالياً التي طال إنتظارها من الناس رغم الوُعود من قبل الحكومات السابقة التي تَطال تحسين الواقع الإقتصادي، من المفيد تأجيل تنفيذ القوانين (حبس المدين) التي قد تُشعل موتورات التأزيم نحو نيران الغضب الشعبي الغير محمود بكل الظروف ، حفظ الله الوطن وقائد الوطن وسدَّد على طريق الخير حكومتنا الرشيدة وبالشكر تدوم النعم .   

الرئيس التنفيذي / مرصد مؤشر المستقبل الإقتصادي
anwar.aak@gmail.com