رافع شفيق البطاينة يكتب : تحديث منظومة القيم الإجتماعية،،،
كانت منظومة القيم الإجتماعية في الأردن خلال القرن العشرين من أفضل القيم، حيث كانت العلاقات الإجتماعية بين أطياف المجتمع الأردني في أحسن حالها، ولم يكن للقانون دور في ضبطها، وإنما كانت العادات والتقاليد والقيم الأردنية المعمول بها هي الرادع للانحراف وارتكاب الجرائم المجتمعية، فكان العيب والحرام والضمير هي الروادع لارتكاب أي مخالفة مجتمعية لأي فرد، وذلك حفاظا على سمعة الأسرة والعشيرة، على الرغم من الفقر الذي كانت تعاني منه الأسر الأردنية وخاصة في القرى والأرياف، لكن بعد ثورة الإتصالات ودخول وسائل التواصل الاجتماعي وتحديث التشريعات بما ينسجم مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان بدأت منظومة القيم الإجتماعية بالتراجع، فغاب مصطلح العيب والحرام، ولم يعد لهما أي ردع إجتماعي، فانتشرت الجرائم بمختلف أنواعها وأشكالها، كما انتشرت المخدرات وبدات تفتك بالمجتمع وتنال من الشباب، فوصل الأمر أن يقتل الشخص والده أو والدته اللذان ربيانه، أو شقيقه أو شقيقته اللذان يعيشان مع بعضهما على مدار الساعة، وبعضهم من وصل به الأمر إلى قتل أطفاله الذي سعى جاهدا لانجابهما، وكم كانت فرحته يوم ميلادهم، كنا في السابق نعتقد أن اولويتنا هي تحديث المنظومة السياسية، ومن خلالها سوف نحقق التحديث والنمو الاقتصادي، والتحديث والتطوير الإداري، لكن اكتشفنا مؤخرا في ضوء تزايد القضايا والمشاكل والجرائم المجتمعية أن أولويتنا في الوقت الحالي تتمثل في تحديث منظومة القيم الإجتماعية للعودة للسيطرة على قيمنا الإجتماعية والتي تتمثل في تعزيز أواصر العلاقات الإجتماعية ونعود الى احترام بعضنا البعض، فالصغير يحترم من هو أكبر منه سنا، وجميعنا يحترم المرأة كأم واخت وزوجة، ونكافح التحرش بأشكاله المختلفة، ونعود إلى ثقافة العيب، والحرام والاستحياء، من أي سلوك يخدش الحياء العام، أو يخالف شرع الله والدين الإسلامي، وهنا لا بد من استنفار الأسرة ووزارات التربية والتعليم، والتعليم العالي، والثقافة والشباب، من خلال المدارس والجامعات ومؤسسات المجتمع المدني والأحزاب السياسية وأي تجمع بشري، لأن انهيار منظومة القيم الإجتماعية لأي دولة يشكل خطرا شديدا على الأمن المجتمعي للدولة وقد يهدد بقائها لا قدر الله بما قد يؤدي إلى انهيارها، لأن نجاح أي منظومة مرتبط ارتباطا قويا بوجود منظومة الأمن المجتمعي قوية ومتماسكة.