"الدراسات الإستراتيجيّة" يعدم الصحافة الورقية ويدرج وسائل التواصل في استطلاعاته

خليل النظامي

من الغريب أن يقوم مركز الدراسات الإستراتيجية الجامعة الأردنية بإدراج وسائل التواصل الإجتماعي في إستطلاع أجراه للرأي العام حول قضايا وطنية واقليمية على أنها مصادر رئيسية لـ الأخبار المحلية، بنفس الوقت الذي غفل فيه المستطلع عن إدراج الصحف الورقية كـ مصدر رئيسي من مصادر إنتاج المواد الأخبارية الصحفية محليا وإقليميا.

ولو حصر المستطلع عيناته العشوائية بـ منصات التواصل الإجتماعي كـ مصادر لـ الأخبار وتعاطي الرأي العام معها، لما علقت على نمطية بناء الإستبيان، وإنما أدرج المستطلع عدة مصادر كـ المواقع الإخبارية وشاشات التلفزة والإذاعات المسموعة ووضعها في حاضنة المقارنة، مستبعدا بذلك الصحف الورقية المحلية بدون مبررات معلومة.

حيث أوضح الإستطلاع إعتماد غالبية الأردنيين بنسبة (53%) على وسائل التواصل الاجتماعي معظم الوقت للحصول ومتابعة الاخبار المحلية، فيما يعتمد (36%) منهم على التلفاز، و(3%) على المواقع الإخبارية، وإعتماد (52%) منهم على وسائل التواصل الاجتماعي معظم الوقت للحصول ومتابعة الاخبار الإقليمية والدولية، فيما يعتمد (32%) منهم على التلفاز، و(3%) على المواقع الإخبارية. 

ومن طبيعة الإستطلاع يبدو أن المستطلع لم يمارس في إستطلاعه معيار الإستكشاف الواقعي والبحثي حول الصحف الورقية وما أصبحت عليه حاليا في ظل التطور الرقمي والنقلات النوعية والرقمية عبر الشبكة العنكبوتية ومنصات وتطبيقات التواصل الإجتماعي، ناهيكم عن أن المستطلع لم يمر على تعريف المفهوم النظري والتطبيقي لمنصات التواصل الاجتماعي والذي يشير إلى أن منصات التواصل الإجتماعي ليست منصات إنتاج مواد خبرية تنتمي للمعايير الصحفية المهنية والعلمية، وإنما تعتبر منصات إجتماعية تفاعلية عشوائية لا تحكمها قوانين وأنظمة. 

إضافة إلى أن المستطلع لم يقم بعملية مسح إلكتروني لـ وجودية الصحف الورقية عبر منصات التواصل الإجتماعي المختلفة والتي وبحسب أهم تطبيق لنشر المواد الإخبارية "نبض" تشير إلى ان عدد مشتركي صحيفة الغد بلغ حوالي مليون و700 الف مشترك، وبلغ عدد مشتركي صحيفة الدستور حوالي مليون و 800 الف، وبلغ عدد مشتركي صحيفة الرأي 2 مليون، إضافة إلى حوالي مليون و 100 الف مشترك في صحيفة الأنباط، ناهيكم عن التمدد الأفقي والطولي لهذه الصحف عبر منصتي "تويتر، وفيسبوك، وانستغرام وغيرها"، حيث تجاوز متابعي صفحات هذه الصحف الـ 10 ملايين متابع. 

ويبدو أن المستطلع ليس لديه الخبرة الكافية بـ تصنيفات المخرجات الخبرية والصحفية والتي تتفوق فيها الصحف الورقية، حيث تعتمد غالية المواقع الإخبارية وشاشات التلفزة والإذاعات ومنصات التواصل الإجتماعي على هذه المخرجات بشكل كبير جدا، الأمر الذي يؤكد أن الصحف الورقية أساس إنتاج المواد الخبرية والمصدر الرئيس لـ الأخبار. 

الجميع يدرك حجم المعاناة التي تعرضت وما زالت تتعرض لها الصحف الورقية، ولكن هذا لا يعني أن يقوم مركز دراسات محلي ومعروف على مستوى الوطن العربي بـ إجراء استطلاع حول مصدرية المواد الخبرية التي يتابعها المواطن ويغفل بنفس الوقت عن إدراج الصحف الورقية في إستبانته، الأمر الذي من شانه رسم صور ذهنية خاطئة في أذهان الجماهير، وفيه تهميش لـ الدور الوطني الكبير الذي تلبعه الصحف الورقية، خاصة أن رحلة العملية الإخبارية لا تخضع لمراحلها المهنية والعلمية إلا في الصحف الورقية، في وقت إنتشرت فيه الشائعات والعشوائية والتسيس والتوجية والفوضى الخبرية عبر منصات التواصل الإجتماعي وغيرها.