التهاوُن في جَدارة الإستحقاق لا يَبني مُستقبلاً , بل خيانه للقصر والشعب

د.أنور الخُفّش


 
خُلاصة القول إن البِطالة و الفَقر مصدَر القلق ، على اعتبار كونها وَصِفة عدم الاستقرار ، كما يُشكّل ثَبات النظرة ومِحور الإهتمامات في التغيير المنهجي والإصلاح الإقتصادي من أهم الأولويات للنظام والدولة والحكومات والشعب ، أن حمايه المواطن، حمايه لأمن الدولة والوطن، كما ورد في الرسالة التوجيهية لجلالة الملك عبد الله الثاني لفريق وَرشة العمل الإقتصادية الوطنية ، أقتبس: ( علينا أن نتحدّى أنفسنا وأن نتّخذ أكثر القرارات جرأة وأصعبها بلا تردد. لا مكان بيننا لمسؤول يَهاب اتخاذ القرار والتغيير الإيجابي، أو يتحصّن وراء أسوار البيروقراطية خوفاً من تَحمّل مسؤولية قراره) كما أشار أيضاً (وقد اشتدّت الصِعاب في السنوات الأخيرة مما أدى إلى تباطؤ مسيرتنا، التي عانت أيضا من ضعف في العمل المؤسسي، وتلكؤ في تنفيذ البرامج والخطط، وتمترس بيروقراطي، وإنغلاق في وجه التغيير، وتَغوّل للإشاعة، وتغييب للحوار العقلاني الموضوعي إضافة إلى ما خلفته أزمة كورونا من أعباء اقتصادية واجتماعية) ولَخّص جلالته المُهِّمة ولهذه الغاية، للبدء بتنظيم ورشة عمل وطنية في بيت الأردنيين، لوضع رؤية شاملة وخارطة طريق مُحكمة للسنوات المقبلة، تَضمَن إطلاق الإمكانيات، لتحقيق النمو الشامل المستدام، الذي يكفل مضاعفة فُرص العمل المُتاحة، وتوسيع الطبقة الوسطى ورفع مستوى المعيشة لضمان نوعية حياة أفضل للمواطن. وفَصل القول حين قال جلالة الملك ، لا أرى مكاناً لنا إلا في مُقدمة التغيير، الذي يَسير وِفق رؤية وطنية شاملة واضحة المنهجية والأهداف ، لا تَثنيها مَصالِح ضيّقة ، والسير قُدُماً دون تراجع في تطبيق الرؤية ، التي تَسنِدها الإصلاحات الإدارية والإقتصادية .

أتناول مناقشة الباحث الإستقصائي بإيجاز مُختصر ومُباشر، لبعض جوانِب مُخرَجات رؤية التحديث الإقتصادي ( إطلاق الإمكانيات لبناء المُستقبل) هذا الأمر ليس على سبيل المُناكفة وِفق إتهامات بعض المهرجين ، اؤكد ما كتبته وصرحت به , بِهدف الإستدراك وتَصحيح المَسار. المُخرجات النِهائية لم تضع خارِطة طريق إقتصادية واضحة بِسُقوف زمنيّة وِفق رسالة الملك ، وكذلك لم تُؤشّر لمُدركات التغلُّب على العقبات التي تَعيق النمو في الإقتصاد الكُلِّي و القطاع الخاص ، ورؤية لمُعالجة السلبيات التي تَشوب العمل المُؤسسي في القطاع الإداري في الدولة. كما أن مهمة وَضع خُطة العمل أوكِلَت إلى وِزارة التخطيط والتعاوُن الدولي ، وليس لمجلس الوزراء الذي بِدوره يُشكِّل لَجنة لإدارة الملف بِكامله وتَنفيذه وِفق برنامج زمني ، للأسف المصالح الفِئَويَّة والضَيقّة هي التي سادت في إدارة فريق العمل ومحدودية النظرة لتُشكِّل حالة إستعراضية وعلاقات عامة لا أكثر من ذلك لتوضَع في أعلى الرفّ من المكتبات الحكومية ، دون أي تعليل سوى عدم الجدارة من إدارة الفريق ، حين تَم إغفال أحد أهم أدوات التنمية المحلية وهي البلديات خصوصاً في ظِل سياسات الدُول العليا تَسير قُدماً في برنامج اللامركزية ، كما أن المُقترح بزيادة نسبة الرواتب 3% هي إستهتار إذا قورنت بمعدل نمو السكان وزيادة معدلات التضخم ، إذا أراد الفريق فعلاً تقديم التصوّر المفقود والرؤية الشاملة المُنتجة والمفيدة بمفاعيل وأدوات جديدة ، لتستهدف توفير العيش الكريم والحياة المُريحة لكل أبناء شعبنا وِفق توجيهات الملك .
أما بخصوص مثلبه منهجيه عمل اداره فريق ألعمل,حيث اشارت الوثيقه بانه ( انبثقت رؤيه التحديث الاقتصادي وخريطيه الطريق التي استندت الى البيانات ) دون الاشاره الى نوعيه البيانات ولم يتم تضمينها محتويات التقرير النهائي ,استطيع القول بمهنيه ان اداره فريق اعداد الوثيقه غلب عليه عدم مراعاة المهنيه الكافيه, في اداء المهمه تصل الى الاهمال والاستخفاف, كما تفتقر الى المهنيه وفق الأصول والمعايير الدوليه واصول البحث العلمي و المهني , لعدم تقديم للبيانات واتجاهات الارقام التاريخيه للقطاعات والانشطه الاقتصاديه والماليه ,المفروض ان تكون الخطوه الأولي لاعداد الرؤيه , واغفال اهميه التوصل لمخرجات ونتائج المسح والدراسه التشخيصيه(الغير موجوده ), كما تفتقد لمعايير وسيناريوهات المفاضله الاقتصاديه لتقدير جدوى اي مقترحات او مبادرات وحلول ممكنه ومنتجه ,لاجراء الفحص الانتقادي للافتراضات التي بنيت عليها الرؤيه . للاسف , اترك الحكم والتوصيف لصاحب الأمر , نعم انها خيانه للثقه ولرعايه مصالح الناس . هذا بالشكل وسوف اكتب حول المثالب الموضوعيه لأحقا .

المَثلَبة الكُبرى إهمال قطاع التشغيل في مُخرجات الرؤيا النهائية. كما ورد على الموقع الإلكتروني الرسمي ( لِورشة العمل الإقتصادية الوطنية) حيث تُغطي أعمال الورشة ، التي ستُبنى على 17 قِطاعاً حيوياً من ضِمنه قطاع التشغيل ، حيثُ اعتبر التشغيل وتوفير فُرص العمل الشُّغل الشاغِل للحُكومات المُتعاقبة في الأردن ، لا سيما بعد جائحة كورونا ، بالإضافة الى إرتفاع مُعدّلات البِطالة ليصل الى حوالي 23% في نهاية 2021 ، وتدلل ارتفاعها خلال عام 2022 ، يَهدف الأردن الى زيادة قدرة القطاع الخاص على توفير فرص العمل والإقرار بِعدَم قُدرة القطاع العام على استيعاب الأعداد المتزايدة من الباحثين عن العمل بشكل مُستدام ، في الوقت نفسه وصل عدد المتقدمين الى طلبات التوظيف في ديوان الخدمة المدنية الى ما يقارب أو يزيد عن 500,000 مواطن ، وتُخرِّج الجامعات ما يقارب 120,000 مُتخرج لسوق العمل سنوية وكذلك أعداد لا باس بها ، لم يتسنَ لها استكمال التعليم الثانوي والجامعي (خارج إهتمام دائرة الإحصاءات والباحثين). نعم من المُهم أن نَضَع خارِطة طريق واضحة بسُقوف زمنية للتغلب على العقبات التي تَعيق نُمو القطاع الخاص، ولمعالجة السلبيات التي تَشوب العمل المؤسسي في القطاع الإداري في الدولة. إن الأهم في مُعالجة البطالة والفقر هو إدارة الثروة وإعاده توزيع الثروة يبدأ من إعادة توزيع الجُهد الضريبي نحو سياسات مالية أكثر عدالة تستهدف تقوية الطبقة الوسطى ، تَهرُّب إدارة الفريق من التعرُّض لهذا الأمر ببساطه لأنه يتعارض مع مصالِحهم الشخصية بهدف الحفاظ على مُكتسبات ومَنافِع فِئويَّة على حساب الإستقرار الإجتماعي والسياسي والمُتضرّرين في كفّة واحدة ( غالبية الشعب والنِظام والدولة) ، وتَستمر المسيرة في الإستنزاف من رصيد العرش وتؤثر سلباً على شعبية سُمو ولي العهد ، دون الإقدام على خطوة فكّ الإرتباط المُزمِن مع بعض رُموز هذا التيار المُمسك في إدارة المال العام والمُتحكم بِقرار صِناعة السياسات المالية والإقتصادية ، إن زيادة المخاطر وَصَل الى الحُدود القصوى للجُهد الإجتماعي المُحتمل ( خيارات القوى الإجتماعية المُتفاعلة) ، نتيجة لإستمرار تجربة نفس المفاعيل والأدوات .
لست ظالماً ، حين أقول أن الإستمرار هذه الحالة دون إستدراك ، التي تُعتَبر تجاوزاً للمصالح الأردنية العُليا لتحقيق منافِع شخصية فِئويَّة , والترويج لشُخوص مُعينة كَوريث لسُلطة الإدارة القادمة من نفس عُلبة تَكتّل الإستراتيجيات الغير مُعلنة كحزب سياسي ، وأهدافهم ليست بريئة. التجربة تقول بصراحة هذا الفريق وهذا النهج يُشكّل خطراً جسيماً وبِمثابة الإنتحار الذاتي ، وأقلُه يُلِحق ضرراً بالمصالح الإستراتيجية الأردنية في مقدّمتها العرش.

التوّجُه العملي نحو وصفة الإستقرار بإعاده توجيه السياسات المالية والإقتصادية بالإتجاه المُعاكس لصالح غالبية الناس ، التي تهدف الى حماية الإستقرار المالي والإقتصادي وتعزيز النُمو بمعدلات أفضل مُولِّدة للثروة قادرة على خلق الوظائف خاصة على فئات الشباب الباحثين عن العمل وتعزيز إمكانيات الأُسر الأكثر ضعفاً وتخفيف من مُعاناتهم المعيشية ومعالجة مكامِن الخلل في التخطيط والتنظيم والإدارة ، كونها فرصة حقيقية لتعزيز الأمن الوطني والإستقرار السياسي ومشروعية الحُكم الصالح. والله من وراء القصد. وللحديث بقيه
الرئيس التنفيذي / مرصد مؤشر المستقبل الإقتصادي
anwar.aak@gmail.com