جرائم العنف المجتمعي تتزايد ٠٠ الأسباب والعلاج

الدهون: "رأس مالك فنجان قهوة" عبارة تتردد وتدل على الاستهتار جرائم العنف المجتمعي تتزايد ٠٠ الأسباب والعلاج
زيتون: العنف المجتمعي مشكلة من أسبابها البعد عن الدين والقيم
الخصاونة: العقوبات ليست الحل الوحيد ونحتاج لارادة وقواعد أخلاقية لمحاربتها
 
الخزاعي: العامل الاقتصادي من اسباب انتشار العنف في المجتمع
الانباط - شذى حتاملة
شهدت المملكة في الأسابيع والشهور الماضية حدوث جرائم غير مألوف واخرى تقشعر لها الأبدان. جرائم العنف المجتمعي التي ذهب ضحيتها اطفال ونساء كانت لاسباب متنوعة، في وقت تؤكد فيه قيمنا المجتمعية وعاداتنا وتقاليدنا والقيم الإنسانية كافة على نبذ القتل والعنف والتعصب بشتى انواعه .
وحول ذلك، يرى الخبير النفسي والتربوي الدكتور محمد دهون ان هناك عدة عوامل تسهم بانتشار العنف المجتمعي ومنها، ضعف وربما تلاشي الوازع الديني، فمن يخاف الله ويلتزم باحكام الدين لا يظلم ولا يقتل، مبينا ان العنف سواء كان جسديا او نفسيا او لفظيا يحتاج لاعادة نظر في بعض القوانين وتغليظ العقوبات.
واضاف الدهون اصبحنا نسمع في المشاجرات عبارة (رأس مالك فنجان قهوة) وهذا ان دل على شيء فانما يدل على الاستهتار والتمادي، مبينا ان حالات العنف المجتمعي باتت تطفو على السطح ونسمع عنها كل يوم.. قصث قتلٍ تنتشر لاسباب لا يراها العاقل مسوغة للقتل، لكن جرت وراءها قتلا وعنفا وهذا ان دل على شيء فانما يدل على ضعف الوازع الديني والأخلاق والاسري .
وتابع أن ظاهرة العنف المجتمعي تنعكس على الاطفال بشكل عام من غرس نبات الخوف داخل القلوب من المجتمع والتعامل معه وتنعكس سلبا بالامراض والاضطرابات النفسية على من تقع عليهم مثل هذه الاعتداءات من أطفال، مبينا ان الاطفال هم بذرة المجتمع المستقبلية التي تنتج مجتمعا ينتشر فيه جيل ضعيف الشخصية خائف او حاقد على مجتمع لم ينصفه ولم ياخذ حقه عند وقوع العنف عليه فينتج لدينا اشخاصا يقومون بالعنف على الاخرين .
واقترح الدهون للتغلب على هذه الظاهرة، تكاتف الدولة والاسرة والمدرسة في غرس الوازع الديني والاخلاقي والقيم منذ الصغر من خلال التربية السوية والتربوية في البيت والمدرسة والمسجد، وتعديل القوانين بما يردع كل من تسول له نفسه فعل مثل هذه الافعال وكما نعلم "من امن العقوبة اساء الأدب"، لافتا الى اهمية اشراك الشباب في البرامج الهادفة وتامين اساسيات العمل لهم فوقت الفراغ والعجز المادي من الاسباب التي تجلب العنف .
وعن حكم الدين الاسلامي في ظاهرة العنف المجتمعي، قال استاذ الشريعة في جامعة العلوم التطبيقية الدكتور منذر زيتون، ان العنف المجتمعي لا يعد ظاهرة وانما مشكلة لانه يتناول افراد الاسرة النووية التي يجب ان تكون ملجأ ومأمنا لهم، مبينا أن العنف مكروه إذ قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم "ما كان العنف في شيء الا شانه وما كان الرفق في شيء الا زانه ".
واضاف ان نبينا محمد لم يكن عنيفا ولا شتاما ولا سبابا ولا يضرب امراة ولا طفلا، وهذا يدل على أن العنف منبوذ في الشريعة الاسلامية وبالاخص في الاسرة التي بناها الله عز وجل على المودة والرحمة لان المودة والرحمة اساس الاسرة .
واضاف ان الاسباب التي تؤدي لفعل مثل هذه الظاهرة هي عدم قدرة الناس على تحصيل حاجاتهم الاساسية بمعنى ان الناس تشعر بالحرمان بحاجاتهم الاساسية مبينا ان الناس في الوقت الحالي تعاني الغلاء والفقر والبطالة، وبالمقابل شعور الناس من يسرق قوتهم وياخذ حظوظهم إذ يرى الفقراء الاغنياء واصحاب النفوذ يمتلكون اموال هائلة ويرون مظاهر الترف مما يولد لديهم شعور بالنقص والاحتياج مما يسبب ضغوطات نفسية واقتصادية تتراكم مع مرور الوقت، إضافة إلى شعور الانسان بالضعف وعدم القدرة على فعل شيء .
واكد زيتون أن بعد الناس عن الدين من الاسباب الاخرى التي تلعب دورا في حدوث هذه الظاهرة عن طريق افراغ حياة الانسان من الدين وتقليصه من المجتمع، إذ لم تعد المساجد لها رسالة، فالمساجد اساس الدولة الاسلامية لانها تضم التعليم والتوعية والثقافة والصحة والتوجيه، وهو ما تفتقره في الوقت الحالي .
وبين ان هناك تغيبرا لمفهوم التدين معتقدين ان الدين فقط صلاة وحجاب الا ان الدين اعمق من ذلك لافتا الى ان الدين ليس مظاهر والاسلام يقوم على العدل والمساواة .
ومن الناحية القانونية، قال المحامي الدكتور صخر خصاونة ان قانون العقوبات يحدد تبعا لنوع الجريمة وخطورتها، مضيفا أن قانون العقوبات تبعا للظروف المتغيرة وخطورة الجرائم يتم تحديد العقوبات الواردة فيها لذا القانون والعقوبات متطورة تبعا للظروف الاجتماعية وتطور الجريمة والضرر التي تحدثه .
واضاف أن القانون والعقوبات اذا كان المشرع يقصد منها تحقيق الردع العام والردع الخاص، إلا أن المجرم إذا اراد أن يرتكب جريمة يرتكبها بالرغم من علمه بالعقوبات التي تطبق بحقه، وهذا يدل على أن العقوبات ليس الحل الوحيد لردع المجتمع من ارتكاب الجرائم، مبينا أن الجرائم التي شهدها الاردن اخيرا صدمت الراي العام وشكلت احباطا كونها كانت متزامنة مع بعضها بعضا ومتشابهة من حيث وجود اعتداء ضمن اطار الأسرة التي يخجل المجتمع من القيام بها .
وتابع أن المشرع الاردني يعاقب الجرائم وبالاخص جرائم القتل التي تقع بين الاصول والفروع وإذ وقعت الجريمة ما بين الفروع والاصول تكون عقوبتها الاعدام وفي حال كانت ما بين الاصول والفروع تكون عقوبتها الاشغال الشاقة والسجن الموبد .
وبين أن هناك عدة عوامل تسهم بشكل كبير في زيادة ظاهرة العنف المجتمعي، منها العوامل الاجتماعية والفقر والبطالة والجهل والجشع وعوامل اخرى تتعلق بالمنظومة الأخلاقية، وعوامل نفسية، لافتا إلى أن القانون لا يستطيع التدخل فيها أو اصلاحها انما تحتاج ارادة مجتمعية وقواعد اخلاقية وبرامج اجتماعية واعادة تشكيل مفهوم القواعد الاخلاقية التي تحكم العائلة والأسرة إضافة إلى دور الوازع الديني في تشكيل القواعد الاخلاقية .
واقترح الخصاونة لمعالجة الاشكالية أن يتم اعادة دراستها باستمرار من قبل مختصين في علم الاجتماع وعلم النفس حتى يتم تحديد البرامج التي يجب بثها في المجتمع واعادة تشكيل الوعي الاخلاقي وأن تكون قاعدة مطبقة.
وقال أستاذ علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي ان انتشار العنف في المجتمع اخيرا مرده أسباب عديدة أبرزها العامل الاقتصادي، كالتضخم وارتفاع الأسعار وثبات الدخل وفوضى الأسواق حيث أصبح المواطن ضحية استغلال عدد من الفئات استنزفت الدخل المحدود لبعض الفئات مما جعل الوضع لا يطاق".
وبين ان "التضييق على الحريات يولد الضغط" وان الحريات لا تعني الاعتداء على المنجزات،داعيا الى تنفيذ حملة توعية في المجتمع لخلق ثقافة مضادة ومحاربة لثقافة العنف، وبيان ان الحرية يجب أن تكون حرية بناءه وليست حرية تخريب".
واضاف الخزاعي أن المشاكل التي تقع بين العشائر لا تحل بسرعة وفي حال تم حلها يكون الحل غير مرض للطرفين، مبينا ان هناك اسبابا اخرى تسبب الجرائم تتعلق بغياب السيطرة على الابناء من قبل القادة المجتمعيين بحيث كانوا غير مقنعين لفئة الشباب، اضافة الى ضعف في الروابط الاسرية .