ديوان الخدمة المدنية: (40) تخصصا جامعيا مشبعا الاكثر اقبالا من الطلبة

يتجه الطلبة بعد نجاحهم في امتحان الثانوية العامة(التوجيهي) إلى اختيار التخصص الجامعي الذي يتناسب مع معدلاتهم وميولهم إلا أن نظرة المجتمع السلبية تجاه بعض التخصصات المهنية والتقنية، وضغط الأهل والاصدقاء يدفعهم لاختيار بعض التخصصات كالطب أو الهندسة نتيجة اعتقادهم أن خريجيها ينالون مكانة عالية في المجتمع، على الرغم من علمهم انها من التخصصات المشبعة اوالراكدة.
ووفقا لدراسة أعدتها وحدة الإعلام في ديوان الخدمة المدنية سابقا ان المؤشرات الإحصائية للكشف التنافسي تبين أن مخرجات الناتج التعليمي لا تزال بحاجة إلى مزيد من المراجعة، لمعالجة الخلل الحاصل في توزيع القوى البشرية الداخلة لسوق العمل، مشيرا الى ان اغلبية الطلبة لايزالون ورغم الجهود الكبيرة التي بذلها الديوان في تغيير الثقافة المجتمعية يتجهون نحو التعليم الاكاديمي، وخصوصًا المهن والتخصصات الانسانية والتربوية.
واضافت ان النسبة العظمى من الطلبة لا يزالون يفضلون التوجه نحو التعليم الاكاديمي وبنسبة اجمالية تصل إلى ( 70 %) من اجمالي الملتحقين بالتعليم العالي ، في حين يلتحق ما نسبته( 30 % ) فقط بالتعليم والتقني على مستوى دبلوم كلية المجتمع والشهادات الجامعية، في الوقت الذي تكون فيه هذه النسب معكوسة في معظم الدول المتقدمة .
وأكدت أن عملية التحليل لجانب العرض من التخصصات العلمية المقدمة إلى الديوان تشير إلى وجود (40) تخصصا تعد الاكثر كثافة واقبالا من قبل الطلبة عليها ، وجمعيها مصنفة بتخصصات مشبعة جدًا ، نصفها لحملة المؤهل الجامعي والنصف الاخر لحملة دبلوم كلية المجتمع وبنسبة تشكل ( 65 % ، 79%) على التوالي من إجمالي الطلبات المقدمة للديوان .
وبينت ان سوق العمل الاردني يوفر العديد من فرص العمل في المهن والتخصصات المهنية والتقنية التي تشغل العمالة الوافدة جزءا لا يستهان منها على الرغم من ان رواتبها في القطاع الخاص اعلى بكثير من رواتب التخصصات الاكاديمية .
واشار مدير ادارة العمليات والناطق الاعلامي باسم الديوان خالد غرايبة الى دور الديوان التوعوي، واجراء دراسة سنوية تحت مسمى دراسة العرض والطلب لواقع الطلبات المقدمة للديوان وتنشر على موقعه الرسمي ووحدة تنسيق القبول الموحد ووزارة التعليم العالي إضافة إلى عقد موتمرات صحفية لوسائل الاعلام المرئي والمسموع والمقروء والالكتروني ، واجراء لقاءات تلفزيونية للتعريف بالدراسة، والاطلاع عليها قبل تعبئة الطلاب نموذج طلب الالتحاق بالجامعات.
وقال مدير وحدة الاعلام والعلاقات العامة والاذاعة في الجامعة الاردنية محمد واصف بدوره ان سوق العمل هو الذي يحدد للطالب اختيار التخصص المناسب بحيث يكون مطمئنا من ان يكون لديه وظيفة تنتظره بعد التخرج مبينا أن بعض التخصصات مشبعة على جداول ديوان الخدمة المدنية وتوجد توجيهات من ديوان الخدمة واصحاب المصانع في القطاع الخاص والمؤسسات الكبيرة في القطاع العام كشركات الفوسفات والبوتاس لتحديد ملامح وطبيعة التخصص الذي يمكن للطالب أن يدرسه حتى يؤمن وظيفته .
واضاف أن هناك بعض التخصصات يعي الجميع أنها مشبعة إلا أن الوضع الاجتماعي امام المجتمع لهذه التخصصات كالطب والهندسة يدفع الأهل والطالب لاختيار هذه التخصصات مع أن سوق العمل المحلي مشبع منها .
وتابع واصف أن من الصعب على الجامعات ايقاف بعض التخصصات لأن هناك بعض التخصصات تمول صناديق الجامعات وخاصة الحكومية لافتا إلى تعاون ديوان الخدمة المدنية مع وزارة التعليم العالي وبالاخص قائمة القبول الموحد لتزويد الطلاب بالتخصصات الراكدة والمشبعة والتوجه لاختيار التخصصات الفنية .

ودعا واصف الطالب لدراسة ما يحب من المواد والتي يتوقع الابداع فيها مشيرا الى أن الخريج الذي يكون ذا كفاءة وقدرات عالية في تخصصه ويمتلك ادوات العصر من لغة ومهارات التواصل يجد الفرص امامه اضافة إلى أن الجامعات يقع على عاتقها تخريج طلبة قادرين على التعايش مع الانسانية بشكل عام لأن العالم يشهد انفتاح .
وقال الخبير العمالي محمود الحياري ان أهمية التعليم المهني تكمن في رفد سوق العمل بالاحتياجات المتنوعة التي يحتاجها سوق العمل في كل القطاعات مضيفا انه اذ قمنا برصد العمالة الوافدة والقطاعات التي تعمل بها لاكتشفنا أن جزءا من هذه العمالة الوافدة تعمل في قطاع الانشاءات والخدمات العامة وقطاع السياحة والفندقية وبالتالي تكمن أهمية التدريب المهني في اعداد الشباب الاردني للانخراط في سوق العمل من خلال دمجهم في الاعمال المتاح فيها فرص عمل للشباب في هذه المرحلة .
واضاف أن التخصصات المشبعة سببها أن التعليم الجامعي اصبح ضرورة اجتماعية وليست حقيقية لاتاحة فرص عمل للشباب الاردني لافتا إلى أن اعداد الخريجين في الجامعات الاردنية يفوق سنويا 120 ألف خريج إضافة إلى أن اعداد الطلبة الذين توقفوا عن الدراسة في الثانوية العامة تقارب هذه الارقام إلا أن فرص العمل الذي من الممكن استحداثها في القطاعين العام والخاص سنويا لا تزيد على 49 إلى 56 فرصة عمل فقط.
وزاد الحياري اذا نظرنا لاعداد الخريجين البالغ عددهم تقريبا من 120 إلى 160 ألف خريج سنويا سواء كان جامعيا أو معهد متوسط أو ثانوية عامة متوقف عن الدراسة فمثل هذا الوضع لابد من تأهيل الشباب الاردني في الحرف والمهن والاعمال الذي يحتاجه سوق العمل الاردني استجابة للمتطلبات الداخلية .
وبين أن هناك قطاعات اصبحت المنافسة فيها صعبة إلى حد مثل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إلا أن ذلك لا يمنع من اعداد الشباب الاردني على قاعدة تأهيل الكفاءات الاردنية للعمل في الاسواق العربية أو الاسواق العالمية .
واشار الحياري إلى من اسباب عزوف الشباب عن التعليم المهني عدم وجود مغريات حقيقية وشروحات وافية عن اهمية التدريب المهني وانخراط المتدربين في سوق العمل الاردني إذ يوجد خلل واضح في مؤسسة التدريب المهني في التسويق لبرامجها وترويجها على المستوى الوطني ، مضيفا أن الحماية الاجتماعية والقانونية التي كانت توفرها وزارة العمل و مؤسسة الضمان الاجتماعي للقوى العاملة فيما مضى غير كافية لتغرى الشباب الاردني للانخراط في هذا المجال .
ودعا الى رفع الحد الادنى للاجور لانه لا يوفر متطلبات الحياة الاساسية وتوجيه الشباب الاردني للتعليم المهني برفع الحد الادنى للاجور وتعزيز الحماية الاجتماعية والقانونية للمنخرطين في سوق العمل في قطاعات خاصة منظمة أو قطاعات غير منظمة من خلال حماية مظلة الضمان الاجتماعي وبالتالي تفعيل ادوات الضمان الاجتماعي وادوات التدريب المهني إضافة إلى عمل برنامج وطني شامل ومسوحات حقيقية عن احتياجات سوق العمل وتحفيز الشباب في هذا الاتجاه فتوتى ثمارها في فترة زمنية لا تزيد على سنة .
وقال استاذ علم الاجتماع الدكتور علي النظامي هناك العديد من العوامل التي تؤثر على اختيار التخصص الجامعي، داعيا الى أن يكون التخصص يتوافق مع ميول الطالب وقدراته وموهبته التي يمتلكها لانه مهمة جدا في تحديد نوعية التخصص وان يركز الطالب على سوق العمل للتخصص المختار لاجل الحصول على فرصة عمل وللتخفيف من حجم البطالة وتحديد الدخل المحتمل في المستقبل .
واضاف أن هناك ركودا في تخصصات جامعية كثيرة تعود إلى عدة اسباب اهمها اسباب اجتماعية متعلقة بالمجتمع وقبول أعداد كبيرة بالجامعات في التخصصات المشبعة ودون مرعاة للنجاح التي يقدمها المختصون في مجال احتياجات سوق العمل ، لافتا إلى أن الهم الأول للجامعات هو مادي ،إذ أصبحت معظم الجامعات الاردنية تتجاهل حاجة سوق العمل ،وتقوم بقبول أعداد هائلة في تخصصات مشبعة .
وتابع انه لا توجد خطط تنموية تخص التعليم العالي في الأردن، بحيث يكون هناك خطط تأخذ بعين الاعتبار حاجة سوق العمل والتنمية الوطنية الشاملة إضافة إلى عدم وجود نظام تعليمي في التعليم العام " التوجيهي " يكون قادرا على قياس المستوى المعرفي للطالب ،وبالتالي يحصل على المعدل الذي يستحقه .
واقترح النظامي إغلاق التخصصات المشبعة في كل الجامعات الاردنية واستحداث تخصصات جديدة تتواءم مع حاجة سوق العمل والتنمية الوطنية ، وتنشيط الإعلام الوطني لارشاد الطلبة وذويهم لضرورة التوقف عن اختيار التخصصات المشبعة ،ومن خلال طرائق إرشادية مهنية متخصصة .
وشدد على اعادة النظر في نظام الثانوية " التوجيهي" بحيث يكون هناك مقياس حقيقي للقدرات المعرفية للطلبة ، والحد من المعدلات المرتفعة في الثانوية العامة وانشاء جامعات وطنية تختص بالتعليم المهني وفي كل المجالات المهنية