د.أنور الخفش يكتب : إدارة الدّين العام؟ الإقتراض وسياسة الحل الأسهل ، كيف وصلنا إلى ما نحن فيه؟

 
        د.أنور الخفش                            
تابعت بإهتمام الباحث الحريص برواية صفقة الإقتراض سندات (اليوروبوند ) الرسمية ، بمبلغ 650 مليون يورو , وبمعدّل فائدة مقطوعة 7.75% لمدة خمس سنوات ونصف ، والتي تم الترويج لها من قبل أهم مديروا إصدار السندات المالية في العالم ، الملفت للنظر أنه تم السماح لصحيفة أن تتابع المفاوضات السريّة بل تشارك بالإطلاع على آليه إصدار السندات ، وأنه تم مقارنة مؤشرات الإقتصاد الأردني بالإقتصاد المصري ، وكانت الأفضيلة لدى الأسواق المالية لطرح السندات من قبل الأردن وفشلت مصر ، حين يشير المسؤول الأردني إلى مؤشرات الإقتصاد المصري ولم يتطرق إلى مؤشرات الإقتصاد الأردني ؟ هذه مقاربة غير موفقة ولا تمر مرور الكرام على الخبراء الماليين والإقتصاديين، وأكتفي بالإشارة لهذا الأمر , وأترك تقييم التصنيف والقدرة الائتمانية وحجم إجمالي الناتج المحلي وتنوّع النشاط ومصادر الدخل المصري والأردني لمن وقع في هذا الخطأ المهني المتعلق في تقييم الوزن النوعي لإقتصادات الدول . نشرة الإصدار غير معلنة على الموقع الرسمي لوزارة المالية والبنك المركزي ، الأهم بأن يصرّح معالي وزير المالية أن سعر الفائدة تتوافق مع استراتيجية إدارة الدّين العام , حاولت جاهداً أن أدقق في هذه الإستراتيجية ولم أعثر عليها في مركز المعلومات والتقارير المعلنة من قبل وزارة المالية ، وكان آخر تقرير منشور عن إدارة الدّين العام ،  عن الربع الأخير لعام 2021 ، ألا يحق أن نسأل معالي الوزير هل نسبة الفائدة على القروض الداخلية وكذلك السندات المحلية بالدينار  بنفس النسبة ؟وهل تتوافق مع استراتيجية الدّين المشار لها . كما أنه بمقاربة موضوعية لبرنامج موازنة التمويل الحكومية لعام 2022 ، نستخلص من مصادر التمويل واستخداماتها ، المعالجة بالإقتراض من جديد قدّرت الإستخدامات بمبلغ 7,569مليار دينار لتسديد القروض وإطفاء السندات المحلية والخارجية من ضمنها تسديد عجز الموازنة المقدّر 1,756 مليار دينار وتم تحديد مصادر التسديد من خلال الاقتراض فقط ،  والملفت أن حجم الإقتراض الداخلي 4,668 مليار دينار ، الذي يشكّل مايقارب 62% من إجمالي مصادر التمويل الواردة بالموازنة لعام 2022. 
أسئلة تقتضي المصارحة ، جاء زمانها ، تحتاج الى إجابات واقعية حول الخطط والإستراتيجيات الحكومية ، آنية عاجلة  وفي المستقبل القريب لمدة 5 سنوات ، وبمزيد من الشفافية والإفصاح التام حول ملف إدارة الدّين العام. هل فعلاً هناك استراتيجية إدارة الدّين العام؟ أم تكريس نهج (القروض المتناسلة) سياسة الحل الأسهل  .
هل هناك خطط أخرى نستطيع من خلالها سدّ العجز فى الموازنة العامة؟وما المطلوب لتطويرها بالشكل الذى يدرّ دخلاً على خزينة الدولة؟ هل يجب تشكيل لجنة من الأجهزة الرقابية والرقابة الإدارية ووزارة المالية لدراسة هذا المشروع لوضع بعض الحقائق نستطيع من خلالها وضع استراتيجية للإستفادة منها فى سدّ عجز الموازنة العامة.
غني عن الذكر , يواجه الأردن ضغوطاً كبيرة في ميزان المدفوعات منذ عام 2011 بسبب الإضطرابات الإقليمية وحالة الإنتظار الحكومية واستعصاء الحلول وعدم مواجهة الوقائع الإقتصادية الإجتماعية ، كما  تكثّفت هذه الضغوط في وقت مبكّر من هذا العام ، رافقها حالة استثنائية مابعد تبعات جائحة كورونا ، ارتفاع الأسعار الأساسية عالمياً بنسب تقدّر من 30% والاتجاه العام في تصاعد. تكثّفت هذه الضغوط في وقت مبكّر من هذا العام ، مما تطلب زيادة الواردات من الوقود بأسعار مرتفعة جداً لتوليد الكهرباء. ونتيجة لذلك ، ارتفعت فاتورة استيراد الطاقة بشكل كبير ، مما أدى إلى ارتفاع الدّين العام في السنوات القادمة. لا يزال الأردن أيضاً عُرضة للتطورات في المنطقة ، بما في ذلك الحاجة الحاليّة لتوفير السكن والمساعدة الطبية للاجئين من سوريا.
واستجابة لذلك ، المطلوب أن تطوّر الحكومة والبنك المركزي الأردني استراتيجية شاملة للتعامل مع احتياجات ميزان المدفوعات الأردني. ترتكز استراتيجيتنا بقوة على سياسات الإقتصاد الكلي والسياسات الهيكلية التي تقلل من مواطن الضعف ، على أن يتّبع صانع السياسات، تدابير و سياسات اقتصادية سليمة ويتغلب على التحديات التي يواجهها في الوقت الحالي. نتوقع أن يعزز هذا الترتيب ثقة المستثمرين ، ويعزز مرونة الإقتصاد في مواجهة الصدمات ، ويوقف ضغوط ارتفاع الأسعار الجنوني والدولرة. السياسات يجب أن تكون كافية لتحقيق أهداف برنامج اقتصادي متجانس والشمول المالي ، و الإستعداد لإتخاذ أي إجراءات احترازية  استثنائية أخرى مناسبة لهذا الغرض.
    anwar.aak@gmail.com