الأيدي المُرتَجِفَة.. والألسُن المُتلَعثِمة.. لن تُحافِظ على مُنجَز.. ولن تبني وطن..

كتب محمود الدباس..


هناك فرق بين المسؤول التنفيذي والقائد.. وهناك فرق بين من يَقوى بالمنصب.. ومن يَقوى به المنصبُ.. وهناك فرق بين صاحب الرؤيا والبصيرة.. وبين من ينظر الى ما هو تحت نظره وبين يديّه فقط..
وهناك فرق بين من يُسخر القوانين والنظريات وتجاربه وتجارب غيره السابقة ليبني فكراً متنوراً بحكمةٍ ومنظورٍ شامل.. وبين من يطبق الانظمة والقوانين وحتى التجارب السابقة بحرفيتها دونما ادنى عناءٍ لتشغيل عقله في ابسط المسائل.. لمعرفة انها تتوافق مع المعطيات الجديدة ام لا..
ولا ننسى الفرق بين من يجد افكارا ابداعية خلاقة للكثير من الموضوعات.. ومن يبقى رهين نظريات وطرائق عفى عليها الزمن..

بناء الاوطان والنهوض بها يحتاج الى قادة افذاذ..
قادة.. كلُ واحد في مجاله خبير.. ويمتاز بحدة وشمولية نظرته وسرعة بديهته.. لا ينطق او يقرر الا اذا كان مُلماً بحيثيات الموضوع.. ومن ثم يُسقط الامر على ما يعتقده من فكر وسعة اطلاع ونظرة متبصرة.. 
لا الى اشخاص وظيفتهم تقتصر على تخفيف حدة ألسِنة النيران واطالة عمر الفساد ورعاية الواسطة والمحسوبية.. والخوف من لسان هذا او كتابة ذاك..

فكم من قرار تم اتخاذه والمصادقة عليه وتطبيقه.. تمنيت ان يكون مكتوبا بالزبدة وليس بالحبر.. ما ان تطلع عليه الشمس حتى يسيح ويختفي.. افضل الف مرة من ان يتم الغائه لمجرد ضغط من هذا.. او اخذ خاطر لذاك.. او رد جميل لاحد.. او "مكافاة" لشر بعض المتنفذين..
وعلينا ان نقر ونعترف بان الخاسر الوحيد في هكذا تصرفات غير مدروسة هو الوطن..

من بدهيات والف باء القيادة وتصدر الركب.. ان المسؤول عندما يتقلد منصبا ما.. عليه ان يقدم رؤيته المكتوبة في كيفية الوصول للهدف المرسوم والمحدد لذلك المنصب.. وعليه ان يضع اهدافا فرعية وخطة عمل قابلة للقياس والتقييم من حيث الانجازات والتوقيتات.. تصب في تحقيق الهدف الرئيسي..
وعلى الادارة العليا او من يتولى مهمة المرقابة والمحاسبة.. قباس مدى الاداء والإنجاز مقارنة مع ما تعهد به.. في فترات محددة ومعلومة..

ومن بدهيات والف باء القيادة الواعية.. عدم التدخل في الإجراءات وكيفية تسيير الامور الاعتيادية والروتينية من قبل من ترأسهم..
مع العمل على تأمين الدعم الكامل لهم.. وضمان عدم التدخل الخارجي في مجريات اداراتهم وما هو ضمن صلاحياتهم وتم تفويضهم به.. متزامنا ومربوطا بالمحاسبة الواعية الرشيدة الشفافة.. والمتابعة الحثيثة لمخرجات خطتهم..
ولا بد لنا ان نشير بان المحاسبة لا تعني باي حال العقاب وحده.. وانما الثواب والعقاب معا.. حسب مخرجات التقارير الواضحة..

قد يقول قائل ان ما قمتَ بطرحه معلوم بداهة..
فاقول نعم.. ولكن حتى لا يظن ظانٌ انني اتحدث بلغة التنظير غير المبني على دراية.. او تجربة شخصية طويلة..
وهنا وجب القول بانه اذا ما تم العمل بهذه الاساسيات البسيطة.. فان ثمة قوة دافعة ستتفجر في داخل ذلك المسؤول.. وستعطيه دفعة معنوية ايجابية لكي تكون قراراته اقرب ما تكون الى الصحة.. مدعومة بالثبات على الموقف الحق والصائب.. والبعيد كل البعد عن الشخصنة والارتجالية والسذاجة وقصر النظر..

فتكون يده ثابتة عند التوقيع.. كثبات بطل مغوار في ساحة الحرب.. يقبض بها على الزناد مدافعا عن الارض والعرض..
فارتجاف الايدي فيه الدمار للمعنوية والسمعة.. 
وبالتالي خلق حالة عدم ثقة الاخرين باي قرار مستقبلا.. وتمردٍ للفاسدين المترهلين.. وفلتان في الامر والانضباط.. وضياع للامانة..

وفي الختام اعيد واكرر.. نحن بحاجة الى ثورة إدارية حقيقية.. بمؤسسات وطنية.. قادرة على تحقيق رؤية الأردن الريادي والذي ينادي به جلالة الملك..
ثورة إدارية تعتمد على المخلصين من المؤهلين والاكفاء..
الى صناع قرار حقيقيين.. لا أيدي مرتجفة.. تقرر ولا تثق بما ارتكزت عليه حين قررت..
الى مسؤولين شرفاء.. همهم الوطن.. لا ربطات عنقهم ومصالحهم الخاصة..
فبدون ذلك ستضيع الاحلام والاجيال والوطن..

ابو الليث..