استقلال المملكة... منطلق النهضة وركيزة الإنجاز
بقلم أمجد عودة العضايلة
السفير الأردني في القاهرة
يتزيّن الأردن اليوم بعباءة الرفعة والمجد، ويحلُ الخامس والعشرون من أيار محطة يقف عليها الأردن كل عام، مستنداً لسجلٍ من العطاء والبناء، ومتطلعاً نحو مستقبلٍ يستكمل فيه مسيرةً لا تتوقف رحى الإنجاز الوطني فيها.
في العيد السادس والسبعين لاستقلال المملكة الأردنية الهاشمية، الذي يحتفل به الأردنيون اليوم مناسبةً سياسيةً عزيزةً ومحطةً وطنيةً ناجزة، تنهض الهمم ويقوى العزم في مسيرةٍ لنا الفخر بما تحقق فيها من باكورةِ عطاءٍ تراكمي وبناءٍ وطني، أطلق شرارته المفغور له بإذن الله الملك المؤسس عبدالله بن الحسين، في الخامس والعشرين من أيار 1946.
واستناداً إلى الشرعية الدستورية، دعّامة الحكم الهاشمي العتيد وميّزة وعنوان مسيرة الدولة الأردنية والعمود الصلب لمؤسساتها والفاصل الحَكَم في كل محطةٍ ومسألةً وطنية،بنى الأردنيون والأردنيات دولتهم على مدار الممالك الهاشمية الأربع، التي توارث الحُكمَ فيها ملوك بنو هاشم ابناً عن أب، وصولاً إلى المملكة الرابعة بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، يسنده ابنه الأكبر وراثةً وولي عهده الأمين دستورياً، سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، في نظام حكمٍ دستوريٍ متين وديمقراطيٍ متسلسل، قاعدته الأساس "نيابي ملكي وراثي".
وعلى مدار مئة عام من عمر الدولة الأردنية وأربعة وسبعين عاماً من استقلال المملكة، يتمسك الأردن، ويعتز أبناء وبنات شعبه، بالقيم والمبادىء التي أعلنها الشريف الحسين بن علي أساساً دافعاً للثورة العربية الكبرى، ورؤيةً عروبيةً خالصةً تدعم قضايا الأمة العربية وتقف إلى جانب شعوبها، وتبني عليها مرتكزاً في فلسفة الحكم الهاشمي، التي تستند إلى رؤية عربية إسلاميةفي الوقوف والتضامن مع الأشقاء وقضاياهم، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، التي ظلت وستبقى الثابت الأساس في جهود ملوك بني هاشم ومسيرتهم، والقضية المركزية في السردية الدبلوماسية للمملكة، والتي ضحى الأردنيون بالغالي والنفيس من أجلها.
وفي تاريخ الأردن ونهج قيادته الهاشمية الحكيمة، ظلّ عيد الاستقلال مناسبةً للفخر بالمُنجَز الوطني ورافعة لشحذ الهمم نحو مزيدٍ من العطاء ومواكبة مسيرة التنمية والبناء، ومحطةً جامعة لتأكيد الاعتزاز والولاء والالتفاف الشعبي حول رأس الدولة جلالة الملك، حامل لواء مسيرةٍ العمل الوطني، بما أنتجه من تنميةٍ شاملةٍ في مختلف القطاعات وتطوّرٍ مشهودٍ وإصلاحٍ توافقي ومكتسباتٍ اقتصاديةٍ ورفعة بين دول العالم، وضعت الأردن حاضراً ومتقدّماً في المحافل الدولية.
وفي هذا العام تهل مناسبة الاستقلال متزامنةً مع إطلاق مسار تحديثٍوتطويرٍ متكامل، طال المنظومة السياسية والاقتصادية، ليكون الاستقلال كما يراه أبناء وبنات الأردن، ترجمةً لشرعية الإنجاز، وضماناً لمسار التحديث والإصلاح، ودافعاً للتكاتف الوطني، وداعماً لرؤية القيادة الهاشمية عبر مؤسساتٍ وطنيةٍ راسخةٍ ومسيرةٍ متجذّرة وإنجازٍ تراكمي.
وإذ يعكس استقلال المملكة الأردنية الهاشمية الدوافع الحكيمة للقيادة الهاشمية وحرصها على سيادة الدولة ووطنية قرارتها وتحقيق التطلع المنشود والحرية الناجزة للشعب الأردني، ليؤكد منذ إعلانه أن الأردن، دولةً وقيادةً وشعبا، تسير منذ تأسيس الإمارة وفق رؤيةٍ لا حدود لطموحها نحو الانتقال بالأردن إلى مراحل متطورة، وصلنا إليها اليوم بعد سنين من البذل والجهد، المقرون بحوارات وتوافقات وخطط عمل وتضحياتٍ وطنية قدمها الأردنيون والأردنيات جيلاً بعد جيل، كل منهم يسلّم الراية وينقل الأمانة ويتوارث الرؤية.
ويتطلع الأردنيون، مع كل عام يمر من عمر دولتهم، للمضي نحو ترسيخ عناصر النهضة الوطنية وصون المُنجز، وتدعيم الرؤية الإصلاحية الشاملة التي يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني،مؤمنين برسالة دولتهم، داعمين لمؤسساتها، واثقين بقيادة مليكهم وملتفين حول رؤيته، ليكون الأردن كما هو دوماً منذ التأسيس مجمع العيش المشترك وحاضنة الحرية والديمقراطية وواحة الأمن والاستقرار.
وفي بعده الإقليمي وقضايا أمتيه العربية والإسلامية، كان الأردن ولا يزال حريصاً على قواسم العروبة المشتركة، وفاعلاً في قضاياها، وقريبا من أشقائه العرب، في مسيرة من التضامن والتعاون والعمل العربي المشترك عزز دور المملكة فيها علاقاتٍ وثيقة وتشاورٍ عميق وتقاربٍ أخوي حرص عليه ووثقه جلالة الملك عبدالله الثاني مع أشقائه من القادة العرب.
وتمثّل العلاقة مع جمهورية مصر العربية أنموذجاً لعلاقات الأردن مع أشقائه العرب، حيث قاهرة المُعز وعمّان العز يجمعهما وحدة التوجّه وتقارب الرؤية وتماهي المواقف، وسط قواسم مشتركة عززها التشاور والتنسيق الدائم، الذي تجسّده الزيارات المتبادلة لجلالة الملك عبدالله الثاني وأخيه سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي حفظهما الله، إلى جانب زيارات تنفيذية لرئيسي وزراء البلدين ومسؤولين من مختلف المستويات وممثلين للقطاع الخاص، وحيث عقدت اللجنة العليا الأردنية المصرية المشتركة دورتها الثلاثين هذا العام، وهي تُعد أكثر اللجان المشتركة انتظاماً وإنجازا، كدليل واضح على جدية والتزام الأردن ومصر على تعزيز العلاقات.
وفي محطات العلاقات الأردنية المصرية خلال الفترة الأخيرة، حملت زيارة العمل الرسمية، التي قام بها سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، إلى مصر في الثلث الأول من نوفمبر 2021، ترجمةً عمليةً لأواصر التعاون متعدد الأوجه والمثمر الذي يجمع البلدين الشقيقين في جميع الميادين، وهو ما عززته زيارة سمو ولي العهد في قطاعات السياحة والاستثمار والصناعة والتعاون العسكري والثقافي.
ولأنه الاستقلال، بمعانيه الوطنية، ومكانته الراسخة، واتصاله بالنهضة والتقدّم والرفعة، فسيبقى حاضناً للإنجاز والعمل، ومناسبة عزيزة، وجامعاً وطنياً، وقاسماً مشتركاً يجدد فيه الشعب الأردني اعتزازه بمسيرة مملكته والتفافه حول مليكه، وإصراره على المضي قدماً، برؤية هاشميةً استشرافية وحكيمة، نحو مستقبلٍ وطني حافل والمضي بمسيرةٍ قامت على فلسفة "الإنسان أغلى ما نملك" والاستثمار في إدارة الندرة لتحقيق طموحات الأردنيين والأردنيات وتطلعاتهم نحو "الأردن العهد والوعد والغد".
عيد استقلال مجيد ومسيرة وطنية مباركة بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني المعظّم يسنُده سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد الأمين، حفظهما الله.
أمجد عودة العضايلة
سفير المملكة الأردنية الهاشمية في القاهرة
ومندوبها الدائم لدى جمهورية مصر العربية