الحصان يعلن الكشف عن رسومات أثرية هامة تعود لعصور قديمة وتاريخية في البادية الشمالية الشرقية

يوسف المشاقبة. 
أعلن باحث الآثار الأكاديمي الدكتور عبدالقادر الحصان عن بعض  نتائج أعمال المسح الميداني  الأثري التي أشرف عليها عبر رحلة البحث العلمي التي أجراها لسنوات عديدة في مناطق البادية وخاصة في أوديتها العديدة مثل : وادي مقطع ذيل الفرس ووادي راجل والمحدد وغيرها كثير ، وقد تم الكشف عن مواقع أثرية هامة مثل : المقابر الرجمية ، والمساكن الدائرية ، ومصائد الحيوانات والأدوات الحجرية التي كانوا يستخدمونها بالصيد مثل رؤوس السهام والحجارة الخاصة بالصيد من العصور الحجرية قبل الفخارية عند الممرات الإجبارية وخاصة تلكم الحجارة المفروزة من وسطها لربط الحبال لإعاقة تحرك الطرائد البرية وعرقلته لتسقط في الشباك ومصائد المغفلين .
وأشار الدكتور الحصان إلى أنه تم العثور على عشرات الرسومات التي تمثل مناظر الصيد والرعي والقوافل البرية ومناظر الافتراس للأسود الكاسرة والتي كانت تعيش في مناطق البادية بكثرة ، زد على ذلك الكتابات المتنوعة الكثيرة : الكتابات الثمودية ، الصفائية ، السريانية ، التدمرية ، اليونانية الإغريقية الرومانية والبيزنطية ، والعربية الإسلامية المتنوعة .
ومن أهم تلك الرسومات التي عثر عليها وتم توثيقها من قبل الباحث الحصان ، والعائدة للعصر الحجري الحديث ( قرابة عشرة ألاف عام قبل الميلاد ) ضمن صيرة دائرية أعلى تل بركاني رسمة منحوتة على صخرة بازلتية ثابتة في الوسط على هيئة الأم الألهة المعبودة الأولى للإنسان في العصر الحجري الحديث وهي عبارة رسمة بدائية تمثل نصف امرأة لها رأس وجذعين وصدر مكشوف بثديين كبيرين ، وهي المرأة السمينة التي كانت تعبد في تلكم المراحل قبل التاريخية طبعا ، والرأس بدون شعر مع تحديد العضدين بعرض 27 سم وارتفاع 25سم ، وهذه المرة الأولى التي يعثر على هكذا رسمة تعود لهذا العصر في البادية ، إذ أن الباحث عثر على الكثير من الرسومات لنساء من العصر الكلاسيكي الثمودي – الصفائي .
وبين الدكتور الحصان بأنه تم العثور على رسمة أسد يحاول التهام رجلا غير مسلح وإلى جانبه يظهر رجلان يحاولان الذود عنه وحمايته من افتراس الأسد له من خلال توجيه النبال عبر قوس النشاب إلى الأسد ، ونرى كتابة صفائية بالخط المسند الشمالي تذكر لنا التالي : ل ر ن ب بن أس ه أ س د ، أي أن رسمة الأسد هذه لرأنب بن أوس .
وفي رسمة أخرى تمثل المشهد الثالث الذي عثر عليه في نفس المنطقة أيضا ، رسمة واضحة لثور بقرنين وإلى جانبه كتابة صفائية مشطوبة قديما للأسف الشديد ، وهذا الثور كان يستخدم في حراثة الأرض على الأرجح كما عثر الباحث على كتابة سريانية تذكر الأمر نفسه مع محراث وثور .
أما المشهد الرابع الذي تم العثور عليه وتوثيق حسب إما ذكر الحصان فهي مجموعة رسومات متنوعة ، أولها من جهة اليمين توجد عدد من الحيوانات ذات القرون المعقوفة وهي عبارة عن ماعز بري وغزلان وغيرها ، ومعها كلب ورجل واقف ورافع يداه كانه يهش على حيواناته لصيدها وطردها للمصيدة الخاصة به على الأرجح ،والرسمة فريدة وتعود على الأغلب للعصر الحجري النحاسي ( حوالي خمسة ألاف عام قبل الميلاد ) ، وعلى يسار الرسمة المذكورة وعلى نفس الصخرة هنالك رسمة فريدة وهامة نادرة تعود على الأرجح للعصر الكلاسيكي – التقليدي ( الروماني – النبطي – الثمودي ) ، والرسمة عبارة نحت بالصخر يمثل مشهدا جميلا لعربة خيل يجرها حصانين أو فرسين وفي العربة الخلفية هنالك فارس يحمل في كلتا يديه قوس نشاب ويحاول أن يسدد على الطرائد البرية كمشهد صيد من البادية في تلكم العصور الساحقة من تاريخ المنطقة ، والتي يقدر عمرها ألفي عام تقريبا حسب لون الصخر المنحوت وتعرضه لأشعة الشمس ، فيكون داكنا كلما قدم نحته لتعرضه لأشعة الشمس فترة أطول من الزمن .
ونحلق في المشهد الأخير والخامس في رحلتنا تلك وغوصنا في بحار تلكم العصور وتحليقنا في فضاءات تلك المرحلة الهامة من تاريخ باديتنا الشماء والتي يجب أن توضع من التراث العالمي الإنساني عبر تراكم الحضارة الإنسانية وقصة تطورها من طفولتها وحتى نضوجها وديمومتها واستدامتها للأجيال القادمة .
وأضاف الدكتور الحصان أن المشهد الأخير يظهر لنا مناظر من حياة البادية القديمة والتي اندثرت معظم حيواناته لظلم الإنسان وجوره عليها عبر مراحل التاريخ واستخدام الأسلحة النارية للأسف الشديد في العصور الحديثة لقتل معظم تلكم الحيوانات التي تساهم في توازن الطبيعة وجمالها ، والرسم هي عبارة عن مجموعة  نعامات وعددها سبع نعامات في سرب واحد بجانب بعضها البعض ، وهنالك نعامتان أسفله مباشرة في منظر سير جماعي آنذاك ، وأسف المشهد مباشرة هنالك كتابة بالخط المسند الشمالي – الصفائي تذكر لنا التالي : ل س و ر بن ن ج م ت ص ح ت . أي أن تلكم الرسمة لساور بن نجمت – نجمة صحوت ، وحول النقش مباشرة مجموعة نقاط وضعت لتحديد النقش واسم صاحبه وعدد النقاط يزيد عن سبع نقاط مما يؤكد لنا أنها ليست لحماية النقش من الأرواح الشريرة أو من خوف التدمير بل للتحديد ، وأعلاه النقش مباشرة توجد رسمة حمار واضحة بشكل جلي .
هذا وقد تم تسجيل الكثير من المشاهد الأخرى والكثير من النقوش والكتابات المتعددة والمتنوعة والعائدة لعصور مختلفة ومنذ العصور الحجرية الحديثة وحتى العصور العربية الإسلامية وصولا للحديثة الحالية .وسيتم نشرها ضمن مدونة النقوش العربية الشمالية – الثمودية – الصفائية للباحث قريبا بحوله تعالى ، عدا عن كتابة الكثير من الأبحاث العلمية المحكمة في المجلات المحلية والعالمية على السواء لتوثيقها خوفا من الضياع والتدمير والتخريب والذي طال الكثير منها جراء البحث عن الكنوز المزعومة للأسف الشديد .