لنتحرك لصيانة الأمن في الشرق الأوسط

طرح الرئيس شي جينبينغ مبادرة الأمن العالمي لأول مرة في الاجتماع السنوي لمنتدى بوآو الآسيوي لعام 2022 في يوم 21 إبريل من العام الجاري، وهي التي تواجه تغيرات العالم وتجيب على أسئلة العصر وتوفر الإرشاد النظري المهم للدفع بإصلاح منظومة الحوكمة الأمنية العالمية وإخراج البشرية من المأزق الأمني والدفع بإقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، وهي أثارت صدى قويًا من دول العالم بما فيها دول الشرق الأوسط.الرئيس شيجينبينغيلقيكلمةرئيسيةفيالجلسةالافتتاحيةللاجتماعالسنوي

لمنتدىبوآوالآسيويلعام2022

إنّمنطقةالشرقالأوسطلديهاتاريخطويلوثقافةمميزةومواردغنية،لكنهاعانتمنالظلمالتاريخيوالتدخلالخارجيمنذأكثرمنمائةعام،حيثوضعتالإمبراطورياتالقديمةأيديهاعليهاواحدةتلوالأخرى،وفشلتفيهامحاولةاستنساخالديمقراطيةالغربية،وتشابكتفيهاالقضاياالساخنة،وأعاقتتنميتهاالحروبوالصراعات،ولمتتمإزالةالتهديداتالإرهابيةبعدفيها. منأفغانستانإلىالعراق،ومنسورياإلىليبيا،إن"الأمنالصلب"الذيتسعىالدولالغربيإلىتحقيقهباستخدامالتدخلوالقوةوالعقوباتلميجلبأيأملللسلامفيالشرقالأوسط. ترغبشعوبالمنطقةفيأنتخرجمن"العالمالقديم"وتجد"الطريقالجديد"لتحقيقالسلاموالأمنوالتنميةبشكلحقيقي.

تتخذالصيندوماإجراءاتملموسةلتوفيرالحكمةوالحلولالصينيةلتحقيقالأمنفيالشرقالأوسط. منذطرحالرئيسشيجينبينغمفهومَالأمنالجديدفيعام2014، بذلت الصينجهوداحثيثةومتواصلةلتعزيزأمنالشرقالأوسطبدونكللوملل. طرحالرئيسشيجينبينغالحلولالصينيةبشأنأمنالشرقالأوسطفيالجلسةالافتتاحيةللاجتماعالوزاريالثامنلمنتدىالتعاونالصينيالعربيفيعام2018. وعقدتالصينالدورةالأولىلمنتدىأمنالشرقالأوسطفيعام2019، التي جمعتلأولمرةٍمسؤولينوباحثينفيالمجالاتالدبلوماسيةوالأمنيةمنالدولذاتالصلةفيالشرقالأوسطوخارجها،بغيةللعملالمشتركعلىاستكشافسبلتحقيقالسلاموالأمنفيالشرقالأوسط. وطرحتالصينفيالعامنفسهالمبادرةذاتالنقاطالأربعبشأنملفإيرانالنوويفيسبيلدفعالمفاوضاتبشأناستئنافالامتثالالمتبادلللاتفاقالشاملالنوويالإيراني. ودعتْالصينكالدولةالأولىإلىإنشاءمنصةالحوارالمتعددالأطراففيمنطقةالخليجفيعام2020، بغية بلورةالتوافقحولحلالقضاياالأمنيةالإقليمية. وزارمستشارالدولةوزيرالخارجيةوانغييالشرقالأوسطعدةمراتفيعام2021، حيث طرحعلىالتواليالمبادرةذاتالنقاطالخمسلتحقيقالأمنوالاستقرارفيالشرقالأوسط،والمبادرةذاتالنقاطالأربعللتسويةالسياسيةللمسألةالسورية،والأفكارذاتالنقاطالثلاثبشأنتنفيذ"حلالدولتين"بينفلسطينوإسرائيل،بغيةدفعحلالقضاياالساخنةعنطريقالحواروتحقيقالأمنالإقليميوالأمنالمشترك. كماتعد"مبادرةالتعاونالصينيالعربيفيمجالأمنالبيانات"الأولىمننوعهافيالعالم،والتيتهدفإلىالتصديلتهديداتالأمنالسيبرانيومخاطرأمنالبياناتبشكلمشترك. وأصدرمجلسجامعةالدولالعربيةعلىالمستوىالوزاريقراراتٍمتتاليةًبشأنتعزيزالعلاقاتمعالصين،وأشادلأولمرةفيالعامالماضيبجهودالصينلتعزيزالاستقراروالسلامالإقليميين،الأمرالذييعكسالتقديرالعاليمندولالمنطقةتجاهالأعمالالصينية.

منذأكثرمنسنة،طرحالجانبالصينيبالتوالي"المبادرةذاتالنقاطالخمسبشأنتحقيقالأمنوالاستقرارفيالشرقالأوسط"و"المبادرةذاتالنقاطالأربعللحلالسياسيللمسألةالسورية"و"الأفكارذاتالنقاطالثلاثلتنفيذ 'حلالدولتين' بينفلسطينوإسرائيل"،وذلكبهدفالدفعبحلالقضاياالساخنةوتحقيقأمنالمنطقةوالأمنالمشتركعنطريقالحوار. فيالوقتنفسه،تعملالصينيدابيدمعدولالشرقالأوسطعلىمكافحةالجائحةودفععجلةالتعاونفيإنتاجاللقاحاتوتطويرالأدوية. وتقومالصينبالإسراعفيبناءمنطقةالتجارةالحرةبينهاودولالخليج،وتقومبتفعيلاتفاقيةالتعاونالشاملبينهاوإيران،مماضخقوةدافعةإيجابيةلتدعيمالتنميةفيالشرقالأوسط.

يظلالدورالذيتلعبهالصينفيالشرقالأوسطبناء،ولانسعىوراءمايسمىبالمصالحالجيوسياسيةأبدا،ولاننويملءمايسمىبفراغالسلطة. خلالالعقودالماضية،تعرضتمنطقةالشرقالأوسطوشعوبهاللأذىمرةتلوالأخرى،جراءتسابقالدولالكبرىمنالخارجللتدخلفيشؤونالشرقالأوسط. لايجوزاستمرارهذاالمشهدفييومنافيالقرنالـ21.منالمطلوبتسليمسلطةالحفاظعلىالأمنوالتنميةفيالشرقالأوسطإلىأيديشعوبهابشكلتام،ودعممساعيدولالمنطقةلإحلالالسلاممنخلالالوحدةوتحقيقالاستقرارمنخلالتقويةالذاتوتدعيمالتنميةمنخلالالتعاون،بمايحققالسلاموالازدهارالدائمينبالفعلفيمنطقةالشرقالأوسط.

إن الأمن والتنمية شأنهما شأن جناحي الطائر، وأصبحا مترابطين ترابطا وثيقا مع تعمق العولمة الاقتصادية. تدعم الصين جهود دول الشرق الأوسط لحل القضايا الأمنية الإقليمية عبر التضامن والتعاون، وتدعم مساعي شعوب الشرق الأوسط لاستكشاف طرقها التنموية الخاصة بإرادتها المستقلة، كما تحرص على تقاسم فرص التنمية وتبادل الخبرات في الحوكمة وإدارة الدولة مع دول الشرق الأوسط، بهدف ترسيخ أسس السلام والأمن الإقليميين. طرح الرئيس شي جينبينغ مبادرة التنمية العالمية في سبتمبر الماضي، التي قد لاقت تجاوبا وترحيبا إيجابيا من دول الشرق الأوسط، وقد أعربت أكثر من 10 دول بوضوح عن دعمها لهذه المبادرة وانضمت إلى "مجموعة الأصدقاء لمبادرة التنمية العالمية" التي أنشأتها الصين في منصة الأمم المتحدة، معتقدة أنّ المبادرة تساعد على مواجهة التحديات في فترة ما بعد الجائحة، الأمر الذي يعكس مدى الحماسة من دول المنطقة لاستجابة الخطوات الصينية.

إنّ الحكماء يتكيفون مع تطورات العصور والأمور. في مطلع عام 2022، عند استقبال الزيارات المكثفة لوزراء خارجية من 6 دول الشرق الأوسط والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، قدّمت الصينُ مقترحاتٍ بشأن تعزيز أمن الشرق الأوسط مثل الدعوة إلى التضامن والاستقلالية، وصيانة العدل والإنصاف، والالتزام بعدم الانتشار النووي، وبناء الأمن الجماعي، وتسريع وتيرة التعاون التنموي، ورأى وزراء الخارجية والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الزائرون للصين أنّ هذه المقترحات تتماشى مع تغيرات أوضاع الشرق الأوسط وتلبي احتياجات دول المنطقة وتعكس دور الصين الإيجابي ومسؤوليتها كدولة كبيرة مسؤولة. وفي مارس الماضي، حضر مستشار الدولة وزير الخارجية وانغ يي اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء لمنظمة التعاون الإسلامي، وهي المرة الأولى التي حضر فيها وزير خارجية صيني مثل هذا الاجتماع تلبية للدعوة، وأكد فيه أنّ الصين ستواصل دعم الدول الإسلامية لحل القضايا الساخنة الراهنة بالحكمة الإسلامية والإمساك بثبات بمفتاح صيانة الاستقرار وتعزيز السلام في أيديها. لاقت الخطوات الصينية تقديرًا عاليًا من قبل الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي ودول المنطقة.

من السهل كسر عصا واحدة، ومن الصعب كسر حزمة من العصي. تعيش البشرية في عائلة كبيرة ذات مصير مشترك، فيرتبط ازدهارُها وأمانُها وسلامها بمصائر جميع البلدان ورفاهية شعوبها. فإن "مبادرة الأمن العالمي" التي طرحتها الصين لا تتفق مع الظروف الواقعية لمنطقة الشرق الأوسط وتعكس التوافق لجميع الأطراف فحسب، بل وتجس نبض الشرق الأوسط وتلبي احتياجاتها أيضا. ستظل الصين بحزم بانيا للسلام العالمي ومدافعا عن النظام الدولي ووسيطا للقضايا الساخنة، وتعمل مع المجتمع الدولي ودول المنطقة على إيجاد القاسم المشترك الأكبر ورسم الدائرة المتحدة المركز الكبرى، وتستمر أعمالها الملموسة لجعل "مبادرة الأمن العالمي" تتجذّر وتزدهر وتثمر في أرض الشرق الأوسط، بما يحقق السلام والأمن فيها.