أهمية التعاون بين الأوساط الأكاديمية والمؤسسات وكيف يمكن أن تساهم الجامعات فى تلبية متطلبات سوق العمل المتغيرة فى الشرق الأوسط
بروفيسور عمار كاكا – رئيس جامعة هيريوت وات - دبى
أصبحت المؤسسات التعليمية والجامعات على دراية كاملة بوجود فجوة فى المهارات وبمتطلبات سوق العمل و أصبحت تتعاون بصفة مستمرة مع الشركات ورواد الصناعة من خلال إبرام شراكات و إتفاقيات كما أصبحتلديها القدرة على رصد أي فجوة فى المهارات المطلوبة فى سوق العمل وتحدياته والعمل على التصدى لها من خلالتوفير أساليب حديثة و متطورة للطلبة الحاليين وحديثى التخرج والقدرة على سد هذه الفجوة بالإضافة الى تقديم الدعم للمؤسسات والشركات وتوفير الكفائات والمواهب اللازمة لإتمام المهام الوظيفية على أكمل وجه فى جميع المجالات المتخصصة.
فالتعاون مستمر بين المؤسسات التعليمية ورواد الصناعات وزاد هذا التعاون خصوصاً فى الآونة الأخيرة حيث تساهم تلك الشراكات فى نتائج مثمرة للطرفين فنجد أن المؤسسات والشركات فى حاجة ملحة الى عقول شابة ومبتكرة فى مجالات متخصصة كما يشكل هذا التعاون للشركات فرصة لتقليل إنفاقها على الأبحاث المتخصصة. وعلى صعيد آخر أصبحت الجامعات أكثر تجاوباً مع هذه الشراكات لأنها تتيح الفرصة للطلبة لخوض تجربة تعليمية فريدة من خلال تدريب مهنى وواقعى من خلال العمل على هذه المشروعات البحثية وبالتالى كلها مجهودات تصب فى الصالح العام وتساهم فى ازدهار الإقتصاد فى شتى المجالات كما تساهم فى تقديم الفرص للطلبة والخريجيين لتنمية مهاراتهم الناعمة و مهاراتهم التقنية من خلال مشاريع عملية يستطيعون من خلالها تطبيق دراستهم على أرض الواقع بالإضافة الى المجالات البحثية الاخرى مع توفير الموارد الضرورية لتجربة علمية فريدة, متطورة و مبتكرة.
الجدير بالذكر أن هذا التعاون غالباً ما نجده فى مجالات البحث والتطوير حيث يلعبان دورًا حيويًا في الإبتكار وزيادة الإنتاجية للمساعدة في دعم ونهوض الاقتصاد المحلي وتزويد الشركات بالمعرفة والبنية اللازمة لتعزيز منتجاتها وخدماتها كما يساهم فى بناء ثقافة وبنية اساسية وعمليات لتبادل المعرفة الفعال بين الجامعات والمؤسسات.
لقد تغيرت المهارات المطلوبة فى سوق العمل حالياً تغيير جزرى و هذا بسبب الثورة الصناعية الرابعة و التحول الرقمى الذى نشهده فى جميع القطاعات والمجالات. و هذا التغير نتج عنه فجوة هائلة فى المهارات ما بين المهارات التى يمتلكها الموظفيين الحاليين و حديثى التخرج و المهارات المطلوبة فعلياً فى سوق العمل. و بالتالىأصبح من الضرورةأن تقوم الشركات بإعادة تقييم موظفيها و إتاحة الفرص لهم بتصقيل مهاراتهم بشكل يمكنهم لمواكبة هذه التغيرات و القدرة على إنجاز مهامهم الوظيفية بكفائة عالية و التصدى للتحديات التى طرأت على سوق العمل.و مع هذا التغيير سوف ينتج عن أن 50% من الموظفين سيحتاجون الى إعادة تقييم و تشكيل مهاراتهم و معرفتهم و الإعتماد على التقنيات بشكل كامل.
لتدارك هذه الفجوة التى تعانى منها الكثير من الشركات بادرت الجامعاتوالمؤسسات التعليمية بوضع سلسلة خطط طموحة للنهوض بالعملية التعليمية وأخذت على عاتقها مهمة إعادة تصقيل مهارات الموظف الحالى و الطالب حديث التخرج لتمكينه لمواجهة تحديات سوق العمل وهذا عن طريق إتاحة برامج وشهادات تعليمية متخصصة وتقديم أحدث الأساليب التكنولوجيةفى البحث العلمىومن خلال هذه البرامج التعليمية يتيح للطالب أو الخريج الفرصة للعمل على مشاريع وأبحاث علمية خاصة بمجال دراسته تساهم فى تنمية مهاراته الناعمة مثل التفكير النقدى ومهارات التواصل وحل المشكلات بالإضافة الى تصقيل معرفته فى المجال الذى يدرسه وإتاحة الفرصه لتنفيذ أفكاره وابتكاراته على أرض الواقع فى بيئة مناسبة.بالإضافة الى تقديم الحلول والمناهج المرنة للطلبة لتناسب اسلوب حياتهم.
على سبيل المثال وليس الحصر أطلقت جامعة هيريوت وات "هيريوت وات أونلاين" حيث يختلف عن مناهج التعليم الأخرى حيث يتم تقديم دورات متخصصة تسلط الضوءعلى القضايا الرئيسية والملحة وفجوة المهارات التي ترصدها الشركات والمؤسسات. تشمل المبادرة دورات الماجستير في موضوعات متخصصة مثل التحول الرقمي وتحليلات البيانات وإدارة سلسلة التوريد والخدمات اللوجستية جنبًا إلى جنب مع درجات البكالوريوس والتدريب المهني ، وتعمل مع الشركات على إنشاء دورات تدريبية مصممة خصيصًا لتلبية إحتياجات المهارات الحالية والمستقبلية والمشاركة فيها.ستطلق "هيريوت وات أونلاين" 20 دورة ماجستير إضافية على مدار السنوات القليلة المقبلة والتي تستهدف الصناعات الناشئة مثل المستقبل المستدام وإنتقال الطاقة وعلم نفس إدارة الأعمال.
ستتمكن الجامعة من دعم المؤسساتلإحتياجات القوى العاملة فى التنمية من خلال النهج الجديد والتعليم التطبيقى القائم على الأعمال. و تعكس الدورات الجديدة مثل ماجستير الاستدامة وإنتقال الطاقةالتركيز الذي تضعه العديد من الشركات على أهميةصافي الانبعاثات الصفري. أما الشركات فيجب عليها أن ترصد المشكلات و التحديات للتدخل فى الوقت المناسب و الحفاظ على الكفائات الحالية و القدرة على جلب الكفائات المناسبة للعمل على تحقيق رؤية الشركة و زيادة الإنتاجية.