الأسواق الشعبية تناغم بين الارث التقليدي والتقدم الحضاري

الانباط- سبأ السكر
بين ازدحام الشوارع العمومية والأزقة الضيقة، توجدُ المناطق الشعبية التي تعكسُ ذاكرة الحياة الاجتماعية والثقافية القديمة للمواطنين.
لا تكاد تخلو هذه المناطق من الأسواق الشعبية التي تضم محالا صغيرة وبسطات مُزركشة بألوان زاهية تُعرض وتباع فيها المنتجات التقليدية الأصيلة والمشغولات اليدوية، والأكلات والمشروبات المحلية.
استطاعت الأسواق الشعبية أن تحافظ على خصوصيتها من الاندثار وتقلبات الزمن، وظلت تزداد جاذبية للمواطنين الذين يستذكرون فيها ملاذ الحياة البسيطة والعفوية لاصحابها ذوي الدخل المحدود.
تنقسم هذه الأسواق إلى عدة انواع، منها الدائمة كالأسواق الشعبية بأشكالها في وسط المدينة المنتشرة في أغلب المحافظات، واخرى تتمثل بالأسواق التي تكون متواصلة في ايام أو اسابيع تتناسب مع المواسم السياحية التي تلبي حاجة السائح من التسوق، والأسواق الموسمية القائمة في المناسبات الدينية، كالشهر الفضيل التي تتزين فيه الشوارع بزينة وفوانيس رمضان، وتلك المناسبات التي تتزامن مع الاعياد.
ويزداد الإقبال على الأسواق بحلول شهر رمضان، لتتزين شوارعها بالأضواء الملونة لأحياء الطقوس الثراثية الرمضانية، حيث تجد في هذه الأسواق عربات الأطعمة المليئة بأشهى المأكولات والحلويات أشهرُها القطايف والفواكة المجففة، بالاضافة إلى عربات المشروبات الموسمية الرمضانية كالعرق سوس وقمر الدين والجلاب التي تتأقل بشكل أكبر في هذا الشهر.
وتتميز ساحات الأسواق الشعبية باصوات بائعيها الذين ينادون على بضاعتهم فيجذبونك للشراء منهاِ وسط اجواء الزحام، خاصة بعد صلاة التراويح، والأنشطة والفعاليات الرمضانية التي تضفي أجواءً لا يمكن وصفها لإسعاد الأطفال وتجمعات العائلات لاسيما العائدون المغتربون منهم.
تأخذ دكاكين ومقاهي الأسواق في رمضان طابعًا يحاكي عبق الماضي، يجعلك تتأمل العادات الرمضانية التراثية المتعددة عن المعتاد، لترجُع أبناء الجيل القديم لذكرياتهِ، وتبهر الجيل الجديد بتحديث الماضي ليعاصر الحاضر من بضائع الجملة، والسلع الرمضانية من المصنوعات والملبوسات التراثية المعاصرة، اضافة إلى التحف المتنوعة.
الأسواق الشعبية عامل أساس في تنشيط الحياة الاقتصادية والسياحية، إذ تعد مقصدًا سياحيًا هامًا للسياح لكونها سجلاً شعبيًا لأساليب وعادات وتقاليد ماضي المكان.
وتشهد الأسواق انتعاشًا كبيرًا في كل مواسم السنة، وتنشط في حركة الزوار ولاسيما ان الأسعار منافسة للمراكز التجارية الحديثة والمولات، ولا يقتصر الأمر على ذلك بل يشتري الكثير ما لا يحتاجونهُ نتيجة انجذابهم لبعض البضائع والسلع الرمضانية المغرية، وعلى الرغم من الأسعار الزهيدة في الأسواق الشعبية ، إلا انها لا تسلم من تدخل الزبون من تحديد السعر المناسب له بدلاً من البائع.
أن الأسواق الشعبية لا تزال محافظة على مكانتها وتألقها في الجانب التقليدي والشعبي بصورة متناغمة حضارية وعصرية، وفي بعض الآحيان قد تتوه بك الطرق لتسلك الأسواق الفرعية لتجد نفسك في سوق الجملة والأقمشة والمنسوجات، أو الأدوات المنزلية وألعاب الأطفال، أو حتى سوق التوابل والبهارات والأعشاب الطبيعية لتفوح منه رائحة القرنفل والزنجبيل في كل ركن في السوق.
في نهاية المطاف، تتشابه الأسواق الشعبية اينما كانت، فجميعها تتشابه في الخصائص والعادات المتأصلة في البيع والشراء والازدحام اليومي الصاخب، وحتى في أصواتِ بائعيها.