مسرحيون يطالبون بمراجعة حقيقية للمشهد المسرحي..

ولفت العدوان إلى أن الجامعات الأردنية تُغيّب الكتّاب والمخرجين والفنانين ضمن تدريسها المسرح، مكتفية بالتعليم الأكاديمي فقط دون أن يكون للمبدع دور في تنشئة الأجيال القادمة
التي تحتاج إلى مهارات متنوعة بالإضافة إلى البعد النظري.
"لدينا منجز جيد يمكن البناء عليه" خلاصة يقدّمها العدوان في يوم المسرح العالمي، داعياً إلى عقد ورشة أو خلوة أو ملتقى يتضمّن نقاطا محدّدة لمناقشتها من قبل المتخصّصين والفاعلين في الثقافة الأردنية من أجل تطوير العمل المسرحي، وإعادة مراجعة المهرجانات التي انتظمت منذ ثلاثة عقود، إضافة الى طرح تساؤلات جادة حول ما قدّم وما يمكن تقديمه في المستقبل.
أولى الخطوات التي يجب السير فيها، بحسب العدوان، تتمثل بالخروج من مسرح المهرجانات من خلال تأسيس فرقة مسرح وطنية، وهي فكرة لا تتعارض بالتأكيد مع وجود فرق مستقلة.
ودعا صانع القرار الى بث الحياة والروح في مسرح يستوعب كل القضايا الوطنية ويصل إلى الجمهور، مستذكراً تجربة لافتة تبّنت بموجبها مؤسسة عبد الحميد شومان دعم مسرحية "تايكي تختار حامل السر" من تأليفه وإخراج فراس المصري حيث عرضت في جميع المحافظات، لكن التجربة لم تستمر، مشيرا الى أن المسرح الأردني يمكن أن يكون حاضراً أكثر في مهرجانات جرش والفحيص وغيرهما، وتقديم العمل المسرحي على مدار العام.
المخرج والممثل مصطفى أبو هنود استعاد بدايات الحركة المسرحية حين كانت المؤسسة الرسمية تتعامل معها باعتبارها إحدى الواجهات الأساسية للتعبير عن الدولة الأردنية، وتشكيل "أسرة المسرح الأردني" التي تأسست عام 1966 معتبرا ذلك خير مثال على الاهتمام الرسمي، لكن الأولويات الرسمية تغيّرت ولم تعد الثقافة والفنون من ضمنها.
وأشار إلى أنه في فترة من الفترات تمت مقاطعة الدراما التلفزيونية الأردنية، فتمّ اللجوء إلى إنشاء المهرجانات كشكل من أشكال تشغيل الفنانين، ويبدو أن هذا التصور ما يزال يحكم ذهنية القائمين على ذلك من جهات رسمية.
ورأى أبو هنود أنه رغم وجود لجان قراءة نصوص وتقييم، إلا أنها لا تقوم بدورها المرجو والمأمول، حيث يتحول الأمر إلى توزيع ترضيات وفق محسوبيات معينة على حساب المستوىالفني في كثير من الأحيان، بدليل تقديم عروض تسبّبت بخسارة جمهور المسرح.
وعبّر عن أسفه حيال السياسات الخاطئة وعدم جدية التعامل مع القطاع المسرحي الذي يعمل فيه منذ عام 1984، مشيرا الى أنه مع دخول المئوية الثانية للدولة الأردنية مطلوب مراجعة نقدية حقيقة للتجربة، يكون في سلّم أولوياتها مؤسسة مستقلة للمسرح تقدم عروضاً طيلة العام ويكون هناك مهرجان واحد سنوياً لاستضافة تجارب عربية ودولية ليطلع عليها المسرحي الأردني، على أن يشارك فيها عرض أو عرضين أردنيين على غرار المهرجات العربية والعالمية.
ومن أجل تراكم حالة مسرحية حقيقية، دعا أبو هنود إلى إقرار استراتيجية واضحة يتمّ من خلالها رصد ميزانيات كافية وإخضاع النصوص المقدمة إلى تقييم مهني، وإنشاء فرقة مسرح قومية، وإعادة النظر في كل السياسات المتعلقة بالمهرجانات، وأن لا تقتصر على العاصمة من اجل الاشتباك مع الجمهور خارج المركز، وكذلك مراجعة شكل العروض ومحتواها وخطابها الموجّه، وهذا يحتاج إلى عصف ذهني وقرار وميزانيات.
وشدّد على أن الثقافة تحتاج إلى حوامل، وعلى المؤسسات الإعلامية أن لا تتخلى عن دورها في الترويج للأنشطة الثقافية، بموازاة دعم البلديات والمؤسسات الوطنية ضمن آليات تمويل جديدة، بالإضافة إلى مشاركة القطاع الخاص في تقديم هذا الدعم.
من جهتها، لفتت المخرجة والممثلة أسماء قاسم إلى فترة التسعينيات التي شهدت تنوعاً كبيراً في الأساليب وأشكال العروض وقدمت تجربة مهمة لكنها تراجعت مع مطلع الألفية الثانية لعوامل عدّة، في صدارتها حصر المسرح الأردني بالمهرجانات التي نتج عنها أضرار كثيرة، وصار على الفنان المسرحي انتظار دعم من وزارة الثقافة التي حصرت المسرح في ثلاثة مهرجانات تعتمد أعمال خمسة عشر مسرحيا على الأكثر يقدمون عروضهم لمرات قليلة، خلافاً لتجارب مسرحية عربية أخرى تعرض الأعمال طيلة العام.
ودعت قاسم الى "عدم التأطير بهذه الآلية المقيدة وغير المنتجة والتي لا تسهم في تطوير المسرح مع تكرار الأسماء ذاتها في المهرجانات كلّ عام"، مطالبة بإِشراك فنانين في وضع استراتيجيات من شأنها التقدّم نحو مسرح ذي مرجعية فكرية يتناول قضايا تهمّ الناس وفيه مفردات العرض المسرحي بما تليق به كلمة المسرح.
ووقفت عند تجربتها التي تمتدّ إلى عام 1994، إذ قّدمت بعد تخرجها من "المعهد العالي للفنون" في دمشق أعمالاً للأطفال والكبار كممثلة ومخرجة، لكنها اختارت العمل في المسرح وابتعدت عن التلفزيون، وبسبب هذا الاختيار، كان عليها الوقوف ملياً عند واقع أزمة المسرح من أجل إنقاذه.
"هناك عروض جيدة لكنها لا تلقى الدعم الكافي لها، سواء معنوياً أو مادياً"، بحسب قاسم التي ترى أن جودة ما يقدّم يرتبط بالموهبة أساسا ولا صلة له بالتكوين الأكاديمي للمسرحي"،مؤكدة أنها تتمسّك بالأمل، وستقدّم عملاً هذا العام تتناول فيه "ما تكابده البشرية".
--(بترا)