الخطاب الذي ورط الرئيس الاوكراني

فولوديمير زيلينسيك ممثل سابق امتهن مواجهة الجمهور وهو يدرك تمامًا
الكلمة عليه ويعرف ايضًا طرق إيصالها من خالل وسائل متعددة تبدأ من شاشات
التلفزيون وال تنتهي عند وسائل التواصل االجتماعي ففي الحرب الدائرة التي تغزو بها روسيا
أوكرانيا استطاع هذا الرئيس الشاب أن يخاطب العالم وشعبه وكذلك الروس بشكل بسيط
وبكلمات قريبة لكل من مستمعيه فعندما يخاطب شعبه يحرصأن يتواجد في الميدان وعندما
يتحدث الى برلمانات العالم يتقمص ثقافة شعب ذلك البرلمان وأدبه وعندما يخاطب الروس
يذكرهم في الماضي المشترك ويطرح عليهم السالم و?ي رحلته تلك نجح في أن يكسب الجولة
اإلعالمية على الرئيس الروسي فالديمير بوتين، لكن زيلينسيك كسب أغلب جوالته الخطابية
السابقة ونجح في جعل القضية األوكرانية حاضرة كقضية أولى على اغلب طاوالت المحادثات
وتمكن ايضًا من جمع كلمة شعبه على كلمة واحدة واستطاع ان يبث من خالل خطاباته روح
المقاومة في الشعب األوكراني، لكن لماذا تعثر وفقد خطابه قوة التأثير عندما وجهه للكنيست
في دولة االحتالل االسرائيلي ما السر وراء هذه الضجة التي أعقبت خطابه؟ اوًال يجب توضيح
الغايات من هذا الخطاب حتى نستطيع أن نرصد أسباب الورطة، فهو في الغالب أراد أن يفند
المزاعم الروسية بأن من يحكمون في كييف ليسوا سوى مجموعة من النازيين الجدد وليك يفند
هذا االدعاء عليه أن يوغل في إثبات أنه يهودي وهذا ابتدأ عندما وجه رسالة ليهود العالم يك
يتوحدوا لنصرته ولإلمعان أكثر في هذه اليهودية كان لزامًا عليه أن يتوجه الى الدولة التي يعتقد
أنها معقل اليهودية في العالم )إسرائيل( وسببه الثاني هو الحصول على الدعم السياسي
والعسكري، لكنه في غمرة ذلك نسي أو تناسى أنه رئيس دولة أمة وأنه يمثلها ب?ل أطيافها
وتحدث كيهودي يعاتب أهله على تخليهم عنه وفي لحظة انسجامه هذه تبنى تمامًا خطاب
الحركة الصهيونية التي شوهت التاريخ وقلبت الحقائق رأسًا على عقب فحول المجني عليه
الشعب الفلسطيني إلى جزار غازي ومعتٍد بمعنى أصح روسيا اآلن حسب ما أراد زيلينسيك أما
الشعب اليهودي فهو المظلوم والمضطهد والمُعتدى عليه أي أوكرانيا كانت هذه سقطته
بالنسبة للفلسطينيين أما سقطته اإلسرائيلية فكانت عندما شبه ما تقوم به روسيا اآلن بما
فعله النازيون ايام المحرقة فقامت الدنيا عليه ولم تقعد في دولة االحتالل.
إذًا هو لم ينجح في دفع الساسة اإلسرائيليين الى الموافقة على مطالبه سواء في ادانة موسكو
او دعمه باالسلحة او السماح لألوكرانيين من غير اليهود باللجوء الى اسرائيل كما أنه لم ينجح في
كسب تأييد الرأي العام في دولة االحتالل بسبب حالة االنقسام بين اليهود األوكرانيين واليهود
الروسوما تتركه الحرب من توتر بينهم، أما لماذا لم ينجح فألن إسرائيل تقيسموقفها انطالقًا
فقط من مصالحها فهي إن فعلت ستخسر دعم دولة حليفة لها في ملفات عديدة أولها الملف
السوري فدولة االحتالل ال تريد أن تكشف الغطاء عن نفسها هناك بالذات بعد ان تل?ت
تهديدًا من موسكو بعدم اتخاذها موقفًا غير محايد من االزمة وإال ستكون النتائج وخيمة عليها
كما أن وجود جالية يهودية من كلتا الدولتين يحول دون اتخاذ هكذا موقف، أما بالنسبة
للفلسطينيين ورغم وجود سفارة لدولة فلسطين في أوكرانيا لكن كان الغضب وربما القهر هو
سيد الموقف فقد وضعهم زيلينسيك في مكانة الجالد وجردهم من تاريخهم العادل وتناسى
أنهم هم من تشتت في مختلف أصقاع الدنيا كل ذلك بسبب غلبة القوة وغياب العدل وتملق
اإلرادة الدولية حينما قررت أن تحرم شعبًا من أرضه لتعطيها لشعب آخر ال يستحقها ألنها
ينسف كل ادعاءات المنظمات الصهيونية أن اليهود ال
ليست له ووجود السيد?زيلينسيك رئيسًا
يستطيعون أن يكونوا مواطنين عاديين في دولهم وإال كيف يستطيعون ان يصبحوا رؤساء،
ومع كل ذلك وبغض النظر عن الموقف الشائن للرئيس زيلينسيك تجاه القضية الفلسطينية
يجب علينا أن ندين اي غزو ألي دولة ألن الحق واحد ال يتجزأ.