عن أمي في عيدها
بلال حسن التل
عيد الأم الذي يحل علينا غداً، له عندي هذا العام طعمان مختلفان، هما مزيج من العلقم والشهد، أما العلقم فسببه تغيب الموت للوجود الحسي لزوجتي سميرة المغربي التي كانت تبدأ مبكراً الحديث عن عيد الأم، والتنسيق مع شقيقاتي للإحتفال بأمي وما يجب أن تهدى حتى لا يقع تكرار بالهدايا، وحتى لايكون بعضها غير مفيد أو مما لاتحب أمي، فقد جمعتهما أعني أمي و زوجتي الراحلة علاقة متميزة من الحب والاحترام التي قل ماتجمع بين حماة وكنة، وكانت المناسبات فرصة لزوجتي للتعبير المادي عن حبها لأمي، لذلك كانت تحرص رحمها الله على أن يكون عيد الأم يوم الأسرة الكبيرة و"اللمة" العائلية، وأن يكون يوم فرح وسرور، لكن وجودها المادي يغيب عنا هذا العام وهذا سبب طعم العلقم ليس على لساني فقط بل وفي كل جوانحي.اما طعم الشهد الذي يخفف من مرارة علقم الفراق، فمصدره أنني تحولت منذ وفاة زوجتي إلى طفل ترعاه أمه من جديد، بل لعلي في عمري هذا أشعر بحنان أمي ورعايتها أكثر مما كنت أشعر بهما واقدرهما في طفولتي وصباي، رغم أني كنت صديق أمي في صباي، لكن لحنانها علي في كهولتي طعم آخر يجبر كسر قلبي وخاطري، ويشعرني بدفء نوع خاص من الحب الذي لايمكن أن يمنحه لك أحد سوى أمك، فكيف إذا كنت ألام كأمي، امتازت بأنها سيدة قوية لا تهزها الصعاب، لكنها تضعف وتغالب دمعها وهي تتفقد أحوالي آناء الليل وأطراف النهار رغم تقدمها بالسن وشيخوختها التي تخجلني، لأن الأصل أن أرعاها أنا وأبرها أنا، لكن عاطفة الأمومة تسبقني وتغلب عاطفة البنوة، فالحمد لله الذي أبتلاني بألم الفرق، وألم المرض، ثم جعل أمي سلاحي ليس للصبر على الأبتلاء فقط بل والرضا به، والقبول به كأمتحان أرجو أن أجتازه بنجاح ،ليكون ذلك بميزان حسناتي،بفضل امي التي أسال الله أن تكون كل الأعوام بخير، وأحمد الله أن من صلبها ومن صلبي من بهم من صفات أمي مايجبر خاطري.
Bilal.tall@yahoo.com