الرئيس شي جينبينغ يجري مكالمة افتراضية مع نظيره الأمريكي جو بايدن

الرئيس شي جينبينغ يجري مكالمة افتراضية مع نظيره الأمريكي جو بايدن


أجرى الرئيس الصيني شي جينبينغ مكالمة افتراضية مع نظيره الأمريكي جو بايدن بناء على طلب الأخير مساء يوم 18 مارس عام 2022، حيث تبادل رئيسا البلدين الآراء على نحو صريح ومعمق حول العلاقات الصينية الأمريكية والأوضاع الأوكرانية وغيرها من القضايا ذات الاهتمام المشترك.

    أشار بايدن الى أن الولايات المتحدة والصين اتخذتا خيارا مهما قبل 50 عاما من إصدار "بيان شانغهاي". وبعد 50 عاما، تصل  العلاقات الأمريكية الصينية اليوم مرة أخرى الى لحظة حاسمة، وكيفية تطور العلاقات الأمريكية الصينية ستشكل العالم في القرن الـ21. أود أن أؤكد مجددا أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى "حرب باردة جديدة" مع الصين، ولا تسعى إلى تغيير النظام في الصين، وإن تنشيط تحالفاتها لا يستهدف الصين، ولا  تدعم الولايات المتحدة "استقلال تايوان"، وليست لديها نية للسعي إلى صراع مع الصين. إن الجانب الأمريكي على استعداد لإجراء حوار صريح مع الجانب الصيني والقيام بتعاون أوثق معه، والتمسك بسياسة الصين الواحدة، وإدارة الخلافات والسيطرة عليها بشكل فعاّل، بما يضمن التطور المستقر للعلاقات الأمريكية الصينية. إنني على استعداد للبقاء على تواصل وثيق مع الرئيس شي جينبينغ للتحكم في اتجاه العلاقات الأمريكية الصينية. 

    من جانبه أشار شي جينبينغ أن الأوضاع الدولية شهدت تغيرات جديدة وهامة منذ "اللقاء السحابي" الأول بيننا في نوفمبر الماضي، حيث يواجه عنوان العصر المتمثل في السلام والتنمية تحديات خطيرة، ويكون العالم بعيدا عن السلم والأمن. باعتبارنا عضوين دائمين في مجلس الأمن الدولي وأكبر اقتصادين في العالم، علينا أن نقود تطور العلاقات الصينية الأمريكية إلى الأمام في مسارها الصحيح، ليس هذا فحسب، بل أيضا علينا أن نتحمل المسؤولية الدولية المطلوبة ونبذل جهودا من أجل السلام والأمن في العالم.

    أكد شي جينبينغ أنني والسيد الرئيس نشارك الرأي بشأن ضرورة الاحترام المتبادل والتعايش السلمي بين الصين والولايات المتحدة وتجنب المواجهة، وضرورة زيادة التواصل والحوار بين الجانبين على كافة المستويات وفي كافة المجالات. وجدد السيد الرئيس للتو التأكيد على أن الجانب الأمريكي لا يسعى إلى "حرب باردة جديدة"، ولا يسعى إلى تغيير النظام في الصين، ولا يسعى إلى تنشيط التحالفات ضد الصين، ولا يدعم "استقلال تايوان"، ولا ينوي صراعا مع الصين. أهتم بتصريحاتك هذه اهتماما بالغا.

    أشار شي جينبينغ أن العلاقات الصينية الأمريكية اليوم لم تخرج بعد من المأزق الذي خلقته الإدارة الأمريكية السابقة، بل أنها تواجه مزيدا من التحديات. على وجه الخصوص، قد أطلق البعض في الولايات المتحدة رسالة خاطئة إلى قوى "استقلال تايوان"، وهذا أمر خطير للغاية. إن التعامل الخاطئ مع مسألة تايوان سيترك آثارا مدمرة على علاقات البلدين. ونأمل من الجانب الأمريكي إيلاء الاهتمام الواجب لذلك. إن السبب المباشر لما وصلت إليه العلاقات الصينية الأمريكية حاليا هو أن بعض الناس في الولايات المتحدة لم ينفّذ التوافقات المهمة التي توصلنا إليها، ولم يترجم التصريحات الإيجابية التي أدلى بها السيد الرئيس على أرض الواقع. لقد وضع الجانب الأمريكي سوء الفهم وسوء الحكم للنوايا الاستراتيجية الصينية.

    أكد شي جينبينغ أنه توجد خلافات بين الصين والولايات المتحدة في الماضي والحاضر، وستكون بينهما خلافات في المستقبل أيضا. المهم هو إدارة الخلافات والسيطرة عليها. من مصلحة الجانبين أن تبقى العلاقات الصينية الأمريكية على تطور مستقر.

    كما تبادل الجانبان وجهات النظر حول الأوضاع الراهنة في أوكرانيا.

    سلط بايدن الضوء على الموقف الأمريكي، مؤكدا على استعداده للتواصل مع الجانب الصيني لتجنب تصعيد الموقف.

    أشار شي جينبينغ أن ما وصلت إليه الأوضاع الأوكرانية اليوم ليست ما يريد أن يراه الجانب الصيني. ظل الجانب الصيني يدعو إلى السلام ويعارض الحرب، ويعتبر ذلك من التقاليد التاريخية والثقافية للصين. دائما ما نتوصل الى استنتاج وفقا لطبيعة الأمور وبإرادة مستقلة، ونناشد بصيانة القانون الدولي والقواعد الأساسية للعلاقات الدولية المعترف بها عالميا، ونتمسك بميثاق الأمم المتحدة، وندعو إلى تكريس مفهوم الأمن القائم على العمومية والشمولية والتعاون والاستدامة. وتشكل هذه المبادئ العامة ركائز  الجانب الصيني للتعامل مع الأزمة الأوكرانية. قد طرح الجانب الصيني المبادرة ذات النقاط الست بشأن الوضع الإنساني في أوكرانيا، وأنه على استعداد لتقديم مزيد من المساعدات الإنسانية إلى أوكرانيا والدول المتأثرة. يجب على جميع الأطراف العمل سويا على دعم الحوار والتفاوض بين روسيا وأوكرانيا حتى التوصل إلى النتائج وإحلال السلام. كما ينبغي أن تجري الولايات المتحدة والحلف الأطلسي حوارا مع روسيا بهدف فك العقدة وراء الأزمة الأوكرانية وإزالة الشواغل الأمنية لدى روسيا وأوكرانيا.

    أكد شي جينبينغ أن جميع دول العالم تمر بظروف صعبة للغاية في الوقت الراهن لأنها تعمل على مكافحة جائحة فيروس كورونا المستجد من جهة ومن جهة أخرى تعمل على ضمان النمو الاقتصادي ومعيشة الشعب. نحن كزعيمي البلدين الكبيرين، علينا أخذ في عين الاعتبار معالجة القضايا العالمية الساخنة بشكل ملائم، وأهم من ذلك، الحفاظ على استقرار العالم وعملية الإنتاج وحياة مليارات الناس. إن العقوبات الشاملة والعشوائية ستجعل عامة الناس لا غيرُ أكبر متضررين في نهاية المطاف. وتشديد العقوبات سيسبب أزمات خطيرة للاقتصاد والتجارة والطاقة والأغذية وسلاسل الصناعة والإمداد على المستوى العالمي، الأمر الذي سيزيد من وطأة للاقتصاد العالمي الذي كان يعاني أصلا، وسيؤدي إلى خسارة لا تُعوّض. كلما زاد الوضع تعقيدا، ازدادت الحاجة إلى الهدوء والعقلانية. عليه، ينبغي التحلي بالشجاعة السياسية في أي ظرف لإفساح مجال للسلام وإتاحة مساحة للتسوية السياسية. في الصين قولان قديمان، الأول هو "يد واحدة لا تصفق"، والآخر هو "لا حل للعقدة إلا بيد من عقدها". المهم هو أن تظهر أصحاب الشأن نية سياسية وتعمل على إيجاد حل ملائم انطلاقا من الحاضر واستشرافا للمستقبل. يمكن للأطراف الأخرى بل ينبغي عليها أن تعمل على تهيئة الظروف في هذا الصدد. تكمن الأولوية الأولى في مواصلة الحوار والتفاوض، وتجنب وقوع القتلى والجرحى في صفوف المدنيين، ومنع حدوث أزمة إنسانية، ووقف إطلاق النار ووضع حد للحرب في يوم مبكر. ويكمن الحل الدائم في قيام الدول الكبرى بتبادل الاحترام والتخلي عن عقلية الحرب الباردة وعدم إثارة المجابهة بين المعسكرات، وإقامة منظومة أمنية متوازنة وفعالة ومستدامة على المستويين العالمي والإقليمي بخطوات متدرجة. ظلت الصين تبذل قصارى جهدها من أجل السلام، وستواصل لعب دورها البناء في هذا السبيل.

    يرى الرئيسان أن هذه المكالمة الافتراضية بناءة، ويكلفان فريقي العمل من البلدين متابعة نتائجها، واتخاذ خطوات ملموسة لإعادة العلاقات الصينية الأمريكية إلى مسارها من التطور المستقر، وبذل جهودهما لتسوية الأزمة الأوكرانية بشكل ملائم. 

    حضر المكالمة المذكورة أعلاه كل من دينغ شيويشيانغ وليو خه ووانغ يي.