"ناديجدا" تَحتفي بـِ"الماسلينِّيتسا"
يلينا نيدوغينا
احتفت المجموعات العِرقية الناطقة بالروسية وباللهجات الأُخرى المُتفرِّعة عن اللغة الأُم "السلافية" العريقة، الذين يسكنون في الأُردن، بعيد "الماسلينِّنتسا"، والذي تم تنظيمه على نطاق كبير وشيّق من خلال "مُنتدى ناديجدا" نصيرات الثقافة للسيدات المُتحدِّرات من شعوب دولٍ عديدة متصادقة ومتواصلة عِرقياً وإنسانياً وثقافياً.
تحدثت رئيسة المنتدى، السيدة نتاليا نزارينكو، عن هذا العيد، مُشيرة إلى أن المُحتفين به يَرْجون خلاله أقاربهم وأصحابهم أن يَغفروا لهم الإساءات، ويتضمن مهرجانات تَعرض لرقصات وأغانٍ شعبية، ومسابقات وتزلج على الثلوج. ويُسمَّى هذا العيد باسماء عديدة، ليس أولها ولا آخرها "عيد المرافع"، أو "يوم الاثنين الطاهر"، رمزاً إلى التطهير الشامل من الآثام والخطايا، و"عيد السمن" أو "أُسبوع السمن"؛ و"أسبوع الفطائر" نسبةً إلى الفطيرة الروسية الشهيرة المُسمَّاة "بليني"، التي تُقدِّم نفسها كتعبير أساسي يَعكس جوهر العيد الذي يرنو المحتوفون به إلى السماء والحياة الأبدية الطاهرة، وأولوية الروح على المادة، لا سيَّما وأن الكنيسة الأرثوذكسية الروسية اعتمدت هذا العيد كأحد أبرز أعيادها، والذي يأتي مباشرة قبل "الصوم الأرثوذكسي الكبير" لكل أرثوذكسيي العالم، حيث تبدأ الاحتفالات الشعبية به استعداداً للخروج من فصل الشتاء، وبداية العبور إلى فصل الربيع، ويُشتق لفظ "ماسلينيتسا" من الكلمتين الروسيتين "سولنتسه" - "الشمس"، و "ماسلا" - "السمن أو الزبدة"، ويَحظر المذهب الأرثوذكسي في هذا الأسبوع تناول اللحوم، أما الألبان فيمكن تناولها بكثرة.
عيد "الماسلينيتسا" اعتُمد من جانب الكنيسة الأرثوذكسية لأنه يأتي قبل الصوم الكبير، لذلك يبدأ الناطقون بالروسية ولهجاتها الاحتفاء به بتناول الأطعمة المحظورة في "الصوم الكبير" مثل اللحوم، ومنتجات الألبان، والسمن، والزبد، وفطائر "بليني"، ويمتاز الأسبوع بعددٍ من التقاليد، والتي من أبرزها حَرق دُمية من التبن ترمز إلى الشتاء، والحضور يحتفلون برحيله، وتوضع الدمية في منتصف الساحات الكبيرة، ويرقص حولها الجميع مُستعرضين لياقتهم البدنية في متعة توصف بالمذهلة، واللافت للانتباه أنه في عيد العام الماضي، احتفى الروس بهذه المناسبة بحرق قطعة فنية ضخمة على شكل فيروس "كورونا"، في مقاطعة كالوغا في المنطقة الغربية من موسكو. وفي أسبوع المرافع نلاحظ من ضمن المشاهد المميزة، ظهور الدببة المُروَضَة التي تتصارع مع بعضها البعض، علاوةً على عددٍ من عروض المسارح في المدن الرئيسية، وأبرزها في سانت بطرسبورغ وموسكو.
يُذكر، بأن النساء الروسيات والسلافيات كُنَّ منذ قديم الزمان يَحضِّرن الفطائر من دقيق القمح أو الذرة، أو الشوفان، أو الحنطة السوداء، ويُضفن إليها البطاطس، والتفاح والقِشْدَة. وجرت العادة في روسيا، أن تُصنع أول فطيرة إحياءً لذكرى الموتى، وتُترك خارج المنزل ليأكلها الفقراء، والمساكين، و"أصحاب قلَّةِ ذاتِ اليدِ"، بشرط أن تؤكل الفطائر مع الكافيار، أو القشطة، أو البيض، وغيرها من المأكولات اللذيذة.
تم الاحتفاء بهذا العيد في "نادي ابن سينا لخريجي الجامعات والمعاهد السوفييتية والروسية"، الذي يحتضن فعاليات "منتدى ناديجدا" الثقافي، وحضره حَشد كبير من السيدات وعائلاتهن، حيث قدَّمت الفرقة الفنية لِ "ناديجدا" رقصات فلكلورية، وأغانٍ شيقة، تحكي قصة العيد ومراميه وضرورة صقل الإنسانية لتسودها القيم الروحية، بعيداً عن أيّ قيم مادية لا تؤدي الهدف السامي من وجود البشرية ورسالتها، التي تتمحور حول السلام الشامل، والصداقة، وحُسن الجوار، وتلاقي الأفكار، وانسجام العقول، ووَحدة المجتمعات في نسقٍ كوني مُتحاب بعيداً عن الخلافات والاختلافات أيَّاً كانت.
*كاتبة وإعلاميَّة أُردنيَّة / سلافيَّة.