الملاعبة: العقيدات المكتشفة اخيرا بمعان عمرها اكثر من عشرة الاف سنة

 دلال عمر
قال استاذ الجيولوجيا والبيئة والتراث الطبيعي والحضاري في الجامعة الهاشمية البروفيسور أحمد الملاعبة ، ان اكتشاف 149 متحجرا بحريا في بادية معان يدل على وجود مد بحري في المنطقة يسمى بحر تيثس.
وبين ان هذا البحر يمتد وينحسر في كل الاتجاهات ويغطي الاردن وسوريا وأوروبا ، ويعد البحر المتوسط من بقاياه متوقعاً استمرار عملية المد والجزر.
واضاف ان فترة المد التي امتدت ملايين السنين كانت اليابسة فيها تتحول الى بحار تعيش فيها كائنات ، وعندما ينحسر البحر تتموضع الكائنات بين الطبقات الرسوبية وتتحجر، حيث تم اكتشاف أكثر من مليار ومئتي مليون متحجر بين طبقات الصخور ، ومنها الحلزونيات الضخمة المسجلة في أكثر من منطقة في الأردن مثل: دير أبوسعيد ووادي سمر ومعان.
وأكد الملاعبة وجود تكاوين جيولوجية في الاردن عمرها أكثر من 65 مليون سنة ، أعجبت مناظرها الانسان القديم الذي عاش في المنطقة وقام بتجميعها ووضعها في صير.
واشار الى ان هنالك فرقا عالمية وجدت بقايا ديناصورات وقطعا منها ، وأسنان قرش في منطقة باير والجفر ، بحيث وجد الكثير من الناس ملايين الأسنان وتم نقلها لدول أخرى لعرضها في المتاحف .
واوضح الملاعبة ان الاكتشافات الأثرية التي تمت تسميتها بـ(غسان ، أبوغسان) اكتشفت في منطقة الخشابية في محافظة معان تعود الى فترة العصر الحجري الحديث التي تمتد إلى أكثر من عشر آلاف عام مشيرا الى العثور في منطقة الحسا على قطع صوانية ولقى أثرية عمرها أكثر من 70 ألف عام وهذه معروفة في منطقة الجفر وما يحيط فيها مثل مشاش حدرج والظواين وأم لحم و السنينيرات ووادي خضري ، وهي منطقة تعاقبت عليها حضارات منذ العصر الحجري القديم مروراً بالحديث ، حيث كانت موطنا لبني مرة التي اكتشف فيها قلبان بني مرة ، (قلبان تعني آبار) ، وقبور كثيرة لبني مرة ، وهي قبائل المريان في الأردن .
وأكد الملاعبة أن الوجود السكاني واللقى الأثرية كثيرة جداً وتسمى بـ(الصير) و تستعمل للسكن أو لتربية المواشي وبعضها مصائد حجرية لاصطياد بعض الحيوانات ومنها الغزلان.
ولفت الملاعبة إلى أهمية التصحيح التاريخي الى أن المصائد الحجرية ليست لصيد الغزلان لتبادل اللحوم، لأن كمية الغزلان التي تم صيدها كما حسبها الدكتور الملاعبة بحسابها وجد أنها تكفي يومياً لكل انسان أكثر من 5 كيلوغرامات وهذا مستحيل ، وهذا دليل على أن الهدف من صيدها ليس التنشيف.
وبين ان كثرة الغزلان المنتشرة في الواحات المائية في العصر الحجري القديم والحديث في الأردن والعصر البرونزي، أدت إلى الرغبة بالتخلص ممنها حيث كان يستخدم كمية 10 بالمئة للطعام والباقي للتخلص منها حتى لا تأكل المزروعات وتدمر المنتوجات، مشيرا الى ان المصائد الحجرية تنتشرمن تركيا الى اليمن.
وكان الدكتور ملاعبه اكتشف سابقا ٥٠٠ مصيدة غزلان على وادي واحد هو وادي نقاط من خلال عمل ميداني استمر خمس سنوات في منطقة الحرة البازلتية الأردني، مبينا ان الدراسة سجل فيها 15 ألف مصيدة حجرية تميز العصر الحجري الحديث، ومنها 500 مصيدة حجرية على واد واحد بطول 70 كيلو مترا وهو وادي نقاب .
كما سجلت الدراسة مصائد أخرى في واحة الأزرق تعد بالآلاف كما سجلت أيضاً عددا منها في البادية الأردنية الجنوبية الشرقية والبادية الشرقية وهي بادية الباير وبادية الجفر.
واضاف الدكتور الملاعبة انه أجرى دراسات اخرى في المنطقة منذ عام 1985 كشفت عن الكثير من الصير والمصائد الغزلانية والجيت التي كانت تستعمل لانشاء عقود داخلها قطرها يتراوح بين 30 إلى 100 متر ، مؤكدا وجود عدة ظواهر لم تعلن منها الممرات الدائرية والمصائد والصيير "عملية التوطين".
وبخصوص نقل العقيدات الصخرية (غسان وأبو غسان) التي نحت عليها ملامح بسيطة لوجه قد يشبه الانسان ، قال الملاعبة ان نقلها تم بعد دراسة إلى المتاحف ولا ضير في ذلك ، لأنها اذا بقيت في الصحراء ولم يكن هنالك متحف أو سياج لحمايتها من العابثين يمكن أن تسرق وهذه ظاهرة عالمية بوضع العقيدات بعد توثيقها بالصور وأفلام الفيديو والمقاطع العلمية وشرحها في متاحف .
واوضح الملاعبة أن تلك المكتشفات تؤكد ان الاردن موطن للحضارات منذ القديم وأن المنطقة التي تعد شبه خالية من السكان كانت في العصور القديمة مليئة بالسكان بسبب توفر قيعان في قاع الجفر وغيرها من المناطق. وبين ان هنالك آبارا تاريخية لقبائل عربية مثل قبيلة بني هلال التي مرت في هذه المنطقة وعاشوا فيها ومنهم أبوزيد الهلالي وهنالك آثار تدل مرورهم مشيرا الى وجود كهوف نحتها الانسان العربي الثمودي وهي بالمئات ولم يتم الإعلان عنها لغاية الآن وعن مواقعها حرصاً عليها.
وذكر أن الثقافة الناطوفية هي التي سادت في العصر الحجري وليست الثقافة الغسانية كما أعلن عنها الأمس ، مبينا ان تقدير عمر العقيدات الحجرية المكتشفة اخيرا بتسعة آلاف ، غير صحيح اذ يوجد في الحرة بالأردن ما هو أقدم عمراً من عشر آلاف ، وهي أنماط ترتيبة أو أشكال للحياة منها البوابات القديمة والممرات الدائرية ومصائد الغزلان والصير للسكن أو لصيد الغزلان ، وهذه ثقافة حجرية، تمت تسميتها بالنافطية ( وهي كلمة غير مشهورة) ، ولم يتم استخدامها في الجفر فقط ولكنها مستعملة في وادي عربة والسعودية حيث يوجد منها مئات الآلاف .
وقال ان تأخر نتائج المسح الاثري للمناطق النائية اثريا يعود الى انها غير مخدومة بالطرق وتكتنفها المغامرة للوصول إليها ، داعيا الى زيادة الاهتمام بها.