الملك يدق جرس الإصلاح الاقتصادي والاستجابة لمتطلبات المستقبل

منذ تسلم جلالة الملك عبدالله الثاني مقاليد الحكم وهو يدق جرس الإصلاح الاقتصادي، ايمانا من جلالته بأن البلاد زاخرة بالفرص التي لم تستثمر بعد، لكن محركات التغيير بطيئة وتعرقلها البيروقراطية وغياب البرامج العابرة للحكومات.
وبعد أيام قليلة ستكون ورشة العمل الاقتصادية الوطنية التي ستنطلق أعمالها تحت عنوان "الانطلاق نحو المستقبل: تحرير الإمكانيات لتحديث الاقتصاد"، محط انظار الجميع للخروج بخريطة طريق تترجم إلى خطط عمل.
ويشدد جلالة الملك دائما على ان الوضع الاقتصادي وتطوير المشاريع والأفكار لتسريع النمو وتوفير فرص العمل، هي أولويات المرحلة المقبلة، مع أهمية مشاركة مختلف أطياف المجتمع والقطاعات الاقتصادية لتوسيع عملية الحوار والتشاركية.
فالإصلاح الاقتصادي الذي يتطلع اليه جلالة الملك يجب ان يكون عابرا للحكومات ومحكوما بخطط عمل ذات أطر زمنية ومؤشرات أداء قابلة للقياس، بعيدا عن البرامج المرحلية التي تنتهي برحيل الحكومة.
وعبر جلالة الملك خلال لقائه أمس الثلاثاء شخصيات اقتصادية، عن امله بأن تسهم مخرجات الورشة في تسريع النمو الاقتصادي، وتوفير فرص العمل، وتحسين الخدمات، وتمكين القطاعات المعنية، مؤكدا أهمية تضافر الجهود ومواصلة التعاون والتنسيق بين جميع مؤسسات الدولة لتنفيذ المشاريع في العديد من القطاعات الحيوية التي تساهم في الحد من البطالة.
وستعقد ورشة العمل الاقتصادية الوطنية يوم السبت المقبل في الديوان الملكي الهاشمي على مدى خمسة أسابيع، وتجمع 300 من الاقتصاديين وأصحاب الاختصاص لبلورة رؤية اقتصادية وخريطة طريق لتحفيز النمو وإيجاد الفرص الاقتصادية وتحسين نوعية الحياة والخدمات الأساسية للأردنيين.
وستغطي أعمال الورشة قطاعات حيوية هي الزراعة، الأمن الغذائي، الطاقة، المياه، التعدين، الاتصالات، تكنولوجيا المعلومات، الأسواق، الخدمات المالية، الرعاية الصحية، التجارة، وقطاعات الصناعة، السياحة، التعليم، سوق العمل، النقل والخدمات اللوجستية، التنمية الحضرية، التغير المناخي، الصناعات الإبداعية، السياسة المالية، التشغيل، والاستثمار وبيئة الاعمال.
وكان جلالته وجه في رسالته للأردنيين بمناسبة عيد ميلاده الستين، لوضع رؤية شاملة وخريطة طريق محكمة للسنوات المقبلة، تضمن إطلاق الإمكانيات، لتحقيق النمو الشامل المستدام، الذي يكفل مضاعفة فرص العمل المتاحة لأبنائنا وبناتنا، وتوسيع الطبقة الوسطى ورفع مستوى المعيشة لضمان نوعية حياة أفضل للمواطن.
ويزخر الاقتصاد الوطني بالكثير من الفرص خصوصاً في قطاعات التعدين والطاقة، والطاقة المتجددة وتكنولوجيا المعلومات والسياحة وخدمات الرعاية الصحية والزراعة والصناعات الإبداعية، يحميها استقرار سياسي وأمني، ومكانة عالمية واحترام مقدر من مختلف الدول.
ويأمل اقتصاديون تحدثوا لوكالة الانباء الاردنية (بترا)، باتخاذ إصلاحات إجرائية سريعة على المدى القصير، بالتوازي مع إعداد خريطة طريق على المديين المتوسط والطويل، لتحفيز النمو الاقتصادي وتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية.
واشاروا الى ضرورة رسم خريطة الإصلاح الاقتصادي بكل وضوح، وملامسة التحديات التي تواجه القطاعات الاقتصادية، سيما التعقيدات البيروقراطية والاجراءات الادارية التي تعرقل العمل وتؤثر على بيئة الاستثمار.
ودعوا الى إعادة النظر بالكثير من التشريعات والقوانين الناظمة، وتحقيق الإصلاحات الاقتصادية المنشودة، وجذب وتشجيع الاستثمارات للحد من الفقر والبطالة، ودعم الشركات والتركيز على المشاريع الرأسمالية الكبرى.
وقال رئيس غرفة تجارة عمان خليل الحاج توفيق، إن الإصلاح يتطلب تعديل إجراءات قائمة واتخاذ قرارات جديدة تتناسب مع حجم التحديات الاقتصادية، وتعديل التشريعات الناظمة للحياة الاقتصادية.
وشدد الحاج توفيق على ضرورة تشخيص الواقع الاقتصادي بكل قطاعاته، وعلى نحو صريح وفعال، والأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل قطاع وتحدياته ومشاكله، بواسطة قيادات وشخصيات ذات خبرات وطنية كفؤة.
واكد أن المرحلة الثانية تستدعي وضع وصفة وطنية تناسب الإمكانيات المتاحة، وتلبي طموح المواطنين، مبيناً أن الدعم والضمان الملكي لمخرجات الورشة التي اشار اليها جلالة الملك في رسالته للأردنيين، يعني إصلاحاً حقيقيا، أسوة بالإصلاح السياسي.
وقال، إن "مصلحة المواطن والمستهلك يجب أن تكون الهدف لجميع الأطراف، كونه الحلقة الأضعف التي تنتظر الوقوف إلى جانبها في زيادة دخلها وتشغيل الشباب، وتنمية المحافظات، والحد من الفقر".
ويرى الخبير الاقتصادي المهندس موسى الساكت أن الإصلاح الاقتصادي مهم جداً، وهو ما يؤكد عليه جلالة الملك عبدالله الثاني باستمرار، مؤكدا ضرورة العمل على تحديث المنظومة الاقتصادية أسوة بالسياسية.
وقال، إن الحكومات المتعاقبة فشلت في معالجة أهم التحديات الاقتصادية المتمثلة بالفقر ومعدلات البطالة المرتفعة والمديونية المتراكمة"، مشيراً إلى ضرورة دق جرس الإصلاح الاقتصادي لحل كل التحديات والصعوبات المتفاقمة.
ولفت إلى أن القطاع الخاص لا يستطيع استحداث سوى نحو 45 ألف وظيفة في الحد الأقصى، خاصة بعد جائحة كورونا، داعيا إلى تحفيز القطاعات الإنتاجية كالزراعة والصناعة والخدمات والسياحة.
ولخص الساكت أهم أدوات تحفيز الاقتصاد المتمثلة بإعادة النظر في تكاليف الإنتاج من طاقة ونقل وتمويل وكذلك "ضريبة المبيعات غير العادلة ومدى تعطيلها للإنتاج والقوة الشرائية"، إضافة الى استقطاب الاستثمار بعد حل كل المشاكل المعيقة له من قوانين وبيروقراطية، وتحفيز الصادرات التي تنعكس إيجاباً على الناتج المحلي الإجمالي والنمو واستحداث الوظائف.
من جانبه قال ممثل قطاع الصناعات الجلدية والمحيكات في غرفة صناعة الأردن المهندس إيهاب قادري، إن الاستجابة لتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني حول الإصلاح الاقتصادي، تشمل القطاعين العام والخاص.
وأضاف، إن الرسالة الملكية شخصت رؤية مستقبلية اقتصادية، يجب وضع استراتيجية لتنفيذها، تتمتع بالوضوح والشمول، وتكون عابرة للحكومات، مشيرا إلى ضرورة رفع مستوى تنافسية القطاعات الاقتصادية، خاصة مواردها البشرية.
وأكد ضرورة تفعيل دور القطاع الخاص لتحقيق نمو متكامل، كونه قادراً على تحويل التحديات إلى فرص، وتطبيق الاستراتيجيات، داعياً إلى إفساح المجال أمامه لقيادة التنمية الاجتماعية، والإيمان بقدرته على التغيير.
ولفت قادري إلى أن القطاع الخاص هو الأقدر على التنبؤ بالمتطلبات المستقبلية لسوق العمل، ورفد الريادة والابتكار، في سبيل التطوير والتحديث، وتطبيق رؤى الملك الخاصة بالإصلاح الاقتصادي.
--(بترا)