خبراء اقتصاد: موازنة 2022 تقليدية ولا جديد فيها

عمرالكعابنة 
تعليقا على الموازنة العامة التي قدمتها الحكومة لمجلس النواب الذي وافق عليها بتصويت 86 نائباً من أصل 105 نواب حضروا الجلسة، بعد عدة جلسات تمت فيها مناقشة مشروع الموازنة وأسفر عنها  تخفيض النفقات العامة بمبلغ 74 مليون دينار، بواقع 15 مليون من النفقات المدرجة في الموازنة العامة، و59 مليونا من نفقات موازنات الوحدات الحكومية، 

في السياق ذاته قال الخبير الاقتصادي حسام عايش لـ"الأنباط"، إن الموازنة الاردنية شأنها شأن اي استحقاق دستوري وقانوني تقوم به الحكومات و تأخذ شكلها التقليدي المعتاد اولاً في مدخلاتها وبطريقة ادائها وبالمخرجات المترتبة عليها.. يعني انها تحول إلى كائن معروف النتائج وهذا رتب وسيرتب شكلاً من الجمود على طريقة التفكير بالموازنة وطريقة تخصيص النفقات فيها وطريقة احتساب الايرادات المتوقعة ومن ثم العجز الذي اصبح جزءا اساسيا من سمة هذه الموازنات  مبينا أن هذا العجز الذي يتحول مباشرةً الى ديون اضافية يترتب عليه مزيدًا من الفوائد المرصودة لهذه الديون، متسائلا عن الأسباب التي تدفع الحكومة للإشارة إلى الفوائد كجزء من النفقات فيما هي لا تضمنها ايضاً إلى الاقساط او الالتزامات التي ستقوم الحكومة بالوفاء بها خلال فترة عمل هذة الموازنة لكن من المفروض ايضاً ان يكون موضحًا في الموازنة العامة حتى تكون قراءة المشهد الاقتصادي والمالي والنقدي اكثر وضوحا بالنسبة للمراقب والمتابع والمشرع وبالنسبة المسؤولين الحكومين. 
وتابع أنه من الواضح أن الموازنات الاردنية تعمل في اطار نموذجي اقتصادي إما وصل الى حائط مسدود وإما أنه قد استنفذ أغراضه، مشيرا إلى ان اقتصاد الأردن بحاجة الى نموذج جديد يقوم على ثلاثية الانتاج والنمو الاقتصادي الموجه بالوظائف و الاستثمارات القادرة على ان تشكل اضافة نوعية اقتصادية مستدامة ، وهذا كله يستدعي ان تتحول نحو الاقتصاد الحقيقي والاقتصاد الصناعي والزراعي والامن الغذائي الامن الصحي والاجتماعي الذي سيؤدي الى نتائج افضل على صعيد تحديد الاهداف، مبينا أن الحكومة غير ملزمة بتحقيق هذة التوقعات واي خلل ستعزوه فوراً الى الظروف القائمة المستجدة واي زيادة عن هذه التوقعات على مستوى الايرادات ستعزوه الى الاداء الحكومي وبالتالي نحن امام حالة صراع بين تحميل الظروف مسؤولية الاخفاق.. 
وأشار أن الأردن  يعيش في إقليم ومنطقة ظروفها متغيرة متطورة متداخلة وقيمة لذا يجب على الحكومة أن تنجز وتتفوق وتبتكر في ظل ظروفها لا ان تنتظر ظروف استثنائية لكي تبدع وتنجح، لذا  نحن بحاجة الى أن نطور الأداء الاقتصادي كما أشار اليه جلالة الملك من اعداد خطة اقتصادية للحكومات تأخذ بعين الاعتبار تجاربنا السابقة وتضع أهدافًا تكون وتساهم بتحقيقها وأن تاتي الموازنات لكي تلعب دور الجسر الذي تعبره الحكومات والمجتمع معها والقطاعات الاقتصادية وصولاً لتحقيق أهداف تلك الخطة . 
وأضاف أن الاستمرار بالديون بغض النظر إن كانت متضمنة مديونية الضمان الاجتماعي او بدونه تبقى عملية تجميلية تخدم النتيجة النهائية لأنه فيها اجمالي فوائد والاقساط التي تدفعها الحكومة على مجمل هذه المديونية  ما يخلق نوعًا من العبثية في هذه الطريقة التي يتم فيها تدوير مدخلات هذه الموازنة ومخرجاتها لخدمة او تحقيق اهداف لا تخدم لا البعدين الاقتصادي والاجتماعي وبالتالي سنضل ندور في حلقة مفرغة من هذه الاليه. 
وأضاف أن الأوان لمراجعة كل المخصصات لكل الوزارات والمؤسسات بما فيها المؤسسات المستقلة لكي نتعرف على البنود التي يفترض ان نلغيها لأن هناك هدر في الموازنة، والتعذر ان هناك نفقات ثابتة رواتب واجور وتقاعدات في حكمها هي محاولة لعدم القيام بما هو مطلوب من تنقية هذه النفقات من الشوائب الكثيرة التي يقدرها البعض بين ١٠ الى٠ ٢ بالمئة باقل الأحوال تتجاوز مليار دينار ٬ الأمر الذي يستدعي اعادة هيكلة المؤسسات المستقلة التي زادت نفقتها من مليار و٣٠٠ مليون الى مليار ٥٠٠ مليون دينار أي ارتفعت الى حوالي ١٤٪؜ او اكثر عن العام الماضي ، نظرا لما ذكرناه سابقا فإن هذه الموازنه تحتاج إلى مراجعة جراحية في مايتعلق بالطريقة التي تعد بها عبر ربطها بالكفاءة وبجودة الانفاق والعائد وأيضا تحتاج الحكومة إلى القيام بورشة عمل مستمرة على مدار العام من اجل ان نصل الى موازنة رشيقة متميزة قادرة على ان تحقق الاهداف .

في ذات الموضوع، قال المحلل الاقتصادي مازن ارشيد لـ"الأنباط" أنه لا شيء جديد في الموازنة التي تعودنا عليها في نهاية كل عام، حيث تكون الموازنة بهذه التفاصيل، موضحا يوجد دائماً تصريحات للتوجه نحو تقليل النفقات وزيادة الايرادات لكن الذي يحدث هو العكس حيث نلاحظ هنالك زيادة في النفقات خصوصًا الرأسمالية والتي حسب نظرية وزير المالية انها تساعد على تحريك عجلة الاقتصاد ، لكن زيادة النفقات ايضاً تزيد العجز في الموازنة بمعنى ان المصاريف اكثر من الايرادات وعندما يزيد العجز الذي تجاوز المليار والنصف مليار دينار، ولتغطية هذا العجز نحن بحاجة الى الاستدانة من الخارج كالعادة وهذا هو السبب الرئيسي في ارتفاع مستوى المديونية عن مستويات تاريخية.. يوجد عجز مزمن وهذا في ارتفاع عام عن عام على خلاف التصريحات التي يتم تداولها من قبل المسؤولين انه هناك توجه نحو تقليص النفقات ومايحدث هو العكس . 
 
وأضاف أنه كان لا بد من التركيز اكبر على الأمن الاجتماعي عبر مخصصات لما يسمى الطب والعلاج و تخفيف مكافحة الفقر ضمن ميزانية اكبر والبطالة وغيرها ولكن الرقم كان عادي جداً لم يختلف عن سنوات سابقة الا شيء طفيف جدًا حيث لم يتم تخصيص مخصص معقول جداً خصوصا مع ارتفاع المديونية والبطالة والفقرحيث كان من المفترض تخصيص مبلغ اكبر في حزمة الأمان الاجتماعي بما انه ازدادت النفقات الرأسمالية وهذا لم يحصل للأسف . 
وأشار أن اداء البرلمان عبارة عن خطابات وتصريحات رنانة "لن نوافق ولن نقوم بتمرير الموازنة" والموازنات بنهاية المطاف يتم الموافقة عليها وتمريرها رغم أن هذه الموازنة التي يتم تشكيلها بنهاية كل عام هي السبب الرئيسي في مشكلة تفاقم المديونية في البلد نتيجة إرتفاع العجز المزمن في هذه الموازنة ويتم تمريرها في نهاية المطاف من قبل البرلمان. 
يذكر أن حجم إجمالي النفقات المقدرة في الموازنة العامة 10.6 مليار دينار، ونحو 1.5 مليار دينار نفقات الوحدات الحكومية، فيما تقدر إيرادات الموازنة العامة 8.9 مليار دينار (68 بالمئة منها ضريبية، و10 بالمئة منح خارجية، و22 بالمئة إيرادات غير ضريبية)، وإيرادات الوحدات الحكومية بنحو 860 مليون دينار، بانخفاض 100 مليون دينار عن العام الماضي.