"عدالة خوجالي" ومنظمة التعاون الإسلامي

يلينا نيدوغينا
 يَعرف العَالم أجمع، بكل شعوبه وقومياته وأُمَمهِ وأقطارهِ وأطيافهِ السياسية، بأن (منظمة التعاون الإسلامي)، ثاني أكبر هيئة دولية بعد (منظمة الأمم المتحدة) من حيث عدد البلدان الأعضاء، ووزنها الأُممي الحاسم، وقفت بكل قوتها منذ عشرات السنين مستندةً إلى الموقف المبدئي للدول الأعضاء فيها، وما زالت تقف إلى جانب الحق السيادي الأذربيجاني، مطالبةً بتحرير كامل أراضي هذه الدولة الإسلامية، ووقف العدوانات الأرمينية المتواصلة للآن على جمهورية أذربيجان.
 وفي سبيل المزيدِ من التفاهم الدولي بين الشعوب، ولأجل تعظيم القواسم المشتركة، وإرساء القانونين الدولي والإنساني في مختلف الأنشطة وترسيخها في العلاقات الدولية، أَسست (م. ت.إ.) في عام 2004، "منتدى الشباب للحوار والتعاون"، في الاجتماع السادس لمجلس إدارة هذا المنتدى، الذي عُقد في الكويت، في نيسان 2008، وتم آنذاك بالإجماع انتخاب السيدة ليلى علييفا رسمياً، نائباً لرئيسة مؤسسة حيدر علييف. وبالتالي، لاقت الدعوة الشمولية التي أطلقتها ليلى علييفا: (العدالة لخوجالي – الحرية من أجل "قره باغ")، الدعم الكامل والنجاحات الكليَّة من خبراء (م. ت.إ.). زد على ذلك، تأييد الاقتراح الذي تم تقديمه إلى اجتماع وزراء خارجية (م. ت.إ.)، بإدراج بند الإبادة الجماعية في (خوجالي) في الكتب المدرسية في الدول الإسلامية، والذي رَحَّبَ به الجميع. إضافة إلى أنه تم إقرار خاص في الاجتماع الـ35 لوزراء خارجية (م.ت.إ)، بتأييد وزراء خارجية 57 دولة للقرار، بإرساء الأساس السياسي والقانوني اللازم لتنفيذه انتصاراً للعدالة.  
 ولتفعيل هذا الموقف العربي – الإسلامي، تم تحديد "يوم إحياء ذكرى ضحايا المآسي الإنسانية" في الدول الأعضاء في (م.ت.إ)، ووافق القرار على إدراج "مأساة خوجالي" ضمن المآسي التي لحقت بأعضاء هذه المنظمة، وشرع الأعضاء ووسائل الإعلام في بلدانهم، إلى توليد فعاليات توعوية، ونشر الوثائق والحقائق المتوافرة للتعريف بإبادة الجنس الأذري، والتمييز العنصري ضده، والعدوان، وعمليات التطهير العرقي للأعراق الأخرى لدول (م.ت.إ.)، ولأجل جعل المعلومات عنها سهلة المَنال على صفحة المسكونة كلها، ولتفشيل السعي الأرميني لدفنها.
 في الموقف الأردني حِيال مذبحة خوجالي، نقرأ في بيان أصدره مجلس الأعيان الأردني، بتاريخ الثالث من تموز / يوليو 2013، ونشرته وكالة الأنباء الرسمية الأذربيجانية "أذرتاج"، التالي: "طبقاً للقرارات التي أصدرها اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي حول مذبحة خوجالي وبمناسبة الذكرى الـ20 للمذبحة، وكذلك في ظل الزيارة التي قام بها وفد من مجلس الأعيان الأردني إلى أذربيجان، فإن مجلس الأعيان يدين العدوان الذي تعرَّض له الشعب الأذربيجاني في مدينة خوجالي، وفي الوقت نفسه يُعدُّ إنتهاكاً لحقوق الإنسان، وكذلك يُدين العنف الذي ارتكب ضد المساجد والآثار الإسلامية والخسائر الفادحة التي لحقت بالتراث والثقافة الإسلامية نتيجة ذلك". ويضيف البيان: "يدعو مجلس الأعيان الأردني لحل النزاع القائم بين أرمينيا وأذربيجان طبقاً لمبادئ القانون الدولي، وفي إطار وَحدة أراضي أذربيجان وسيادتها، وكذلك يَدعو لتنفيذ القرارات الصادرة عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بهذا الصدد". و"يؤكد مجلس الأعيان مرة أخرى موقف الأردن الدائم الذي يدعو إلى تسوية النزاعات بالطرق السلمية، وترسيخ قِيم السلام والتعاون بين الشعوب، بعيداً عن العنف والصدام الذي يجلب الويلات ويولِّد الضغائن والأحقاد بدل المحبة والتعاون في العمل على إثراء الحياة الإنسانية بأسباب التقدم والتطور".
 وناشد بيان المجلس الدول المختلفة: "تقديم المساعدات الإنسانية للاجئين والمُشرَّدين الأذربيجانيين الذين يواجهون ظروفاً معيشية صعبة لحين عودتهم إلى ديارهم الأم."
 تتميز مبادرة ليلى علييفا، المنسقة العامة للحوار بين الثقافات لمنتدى الشباب للحوار والتعاون، بأنها جزء من (م.ت.إ.). ولذلك، ها نحن نرى ونتابع تعاظم الحملة الفعَّالة في الكثير من بلدان مختلف القارات، ضمنها ذات الأغلبية المسيحية بمختلف طوائفها، التي تتضامن مع مأساة الأمة الأذربيجانية ومآسي غيرها من الأُمم، إذ إن "مجزرة خوجالي" توازي في بشاعتها الإبادات الكبرى التي شهدها تاريخ البشرية. ولهذا نرى أن جمهرة عالمية تتسم بالضخامة يتزايد تضامنها مع أرواح شهداء، وجرحى، ومشردي (خوجالي) الباكين، ولهذا أيضاً، تم خلال الاجتماع الـ36 لمجلس وزراء خارجية (م.ت.إ.) في دمشق، سنة 2009، إعلان جميع الوزراء تأييدهم لحملة (العدالة لخوجالي – الحرية لقره باغ)، التي نفذها منتدى الشباب. وبموازاة ذلك، تنص الفقرة 3 من القرار على أن برلمانات الدول الأعضاء في "منظمة التعاون الاقتصادي" تعتبر مذبحة المدنيين التي ارتكبتها القوات المسلحة الأرمينية في مدينة (خوجالي) جريمة ضد الإنسانية، والدول الأعضاء مدعوة أيضًا إلى تقييم الجريمة على المستوى الوطني.
 (خوجالي)، مدينة أذربيجانية، تقع داخل الحدود الإدارية لمنطقة (قره باغ)، على طريق أغدام/ شوشا/ خانكيندي/ أسكيران، وبالقرب من المطار الوحيد في ذلك الوقت في تلك المنطقة. كان عدد سكان (خوجالي)  أكثر من سبعة آلاف نسمة، لكن الاحتلال الأرميني قتل وأسرَ آلاف الأذربيجانيين، ودُمَّرَت المدينة بالكامل. في ليلة 25-26 فبراير 1992، استولت القوات المسلحة الأرمينية على (خوجالي) واحتلت 20 في المائة من أراضي أذربيجان، وشَرَّدَت أكثر من مليون لاجئ داخلياً، وقتلت هذه القوات ووحدات الميليشيا العسكرية التابعة لها بوحشية جميع المواطنين الأذريين الذين عجزوا عن مغادرة (خوجالي) وغيرها من المناطق القريبة منها والمحيطة بها. ولهذا، تم الاتفاق في الهيئات العربية والإسلامية من خلال (م.ت.إ.) على ضرورة تبادل المعلومات بين وكالات الأنباء لتعزيز التعاون بينها، بهدف وضع نهاية للتلفيقات السياسية والادعاءات الكاذبة، بما يتصل بهذه المذبحة التي يَندى لها جبين الإنسانية وكل ذي عقل سوي يُفكِّر.
(((