منتدون يعاينون تداعيات جائحة كورونا على التعليم

- عاين منتدون تداعيات وأثر جائحة كورونا على عملية التعليم في الأردن، والتحديات التي واجهتها خلال العامين الماضيين، في ظل الجائحة واشتراطاتها والتحول نحو التعليم عن بعد.
وفي الندوة التي حملت عنوان:"أثر عامي الجائحة على التعليم"، ونظمها منتدى عبدالحميد شومان الثقافي مساء أمس الاثنين، في قاعة المنتدى بعمان، رأى وزير التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي، الدكتور وجيه عويس، أنه كان لجائحة كورونا فضل في إشاعة مفهوم الفاقد التعليمي، مبينا أن هذ الأمر أصبح هاجسا لدى التربويين وراسمي السياسات التعليمية لا يقل أهمية عن التعليم في وضعه الطبيعي، خاصة أنه يركز على المهارات الأساسية التي ينبغي لكل طالب في مرحلته الدراسية أن يكتسبها فلا ينتقل للمرحلة التالية إلا بعد أن يتقنها كونها تشكل أساسا في سلم التعلم التراكمي.
ولفت عويس، في الندوة التي أدارتها الرئيسة التنفيذية لمؤسسة عبدالحميد شومان، فلنتينا قسيسية، إلى أن التخطيط للفاقد التعليمي وفقر التعلم غير مرتبط بجائحة كورونا فحسب، وأن استدراكه لن يكون في عام واحد، بل سيكون نهجا تخطيطيا مستمرا في وزارة التربية والتعليم، ولا سيما في المباحث الأساسية وللفئات الأكثر حاجة من الطلبة ممن لا يحظون بفرص التعليم على نحو جيد. وحول دور وزارة التربية والتعليم للتصدي لجائحة كورونا على المستوى التعليمي والصحي، بين عويس أن الوزارة نفذت خطة استجابة سريعة للانتقال من التعليم الوجاهي إلى التعليم عن بعد، بحيث تحول شكل التعليم إلى إيصال الخدمات التعليمية للطالب في منزله، مشيرا إلى أنه في قطاع التعليم العالي كان من حسن الطالع أن المؤسسات الجامعية لم تبدأ من الصفر، حيث أنها تمتلك مختبرات تقنية قبل بدء الجائحة، كما أن العديد من أعضاء هيئة التدريس كانوا يستخدمون منصات التعليم الرقمي المختلفة. وأشار إلى أهم التحديات التي واجهت تجربة الوزارة في التعليم عن بعد، والتي تتمثل في ضعف الإمكانيات المادية والبنية التحتية التكنولوجية لدى الطلاب والمعلمين في منازلهم، وعدم وجود المحتوى التعليمي الإلكتروني التفاعلي على المنصات يتوافق مع مختلف المهارات وقدرة لطلبة، إضافة إلى أن منصة التعلم عن بعد ما زالت بحاجة إلى تطوير لتوفير الأدوات اللازمة لتعلم الطلبة، وأهمها أدوات التفاعل بين الطلبة والمعلمين.
وبين أن أهم النتائج التي ظهرت من خلال هذه التجربة، تمثلت في تدني التحصيل الدراسي واكتساب المهارات، وظهور شواهد نفسية سلبية لدى بعض الطلبة مما حتم على الوزارة زيادة نشاط المرشدين التربويين لمساعدة هؤلاء الطلبة، بالإضافة إلى إجهاد الأمهات بشكل خاص وإحداث فاقد تعليمي نتج عنه خسارة كبيرة في المعرفة والمهارات التعليمية، إذ قامت الوزارة بالتصدي لهذا الفاقد، إضافة إلى ازدياد "فقر التعليم" بوضوح لدى الأطفال في سن العاشرة إذ أنهم لا يستطيعون قراءة وفهم النصوص المناسبة لعمرهم. من جهتها، استعرضت الأمينة العامة للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة، الدكتورة سلمى النمس، استطلاعا للرأي نفذته اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة كجزء من حملة عودة آمنه للمدارس بالتعاون مع الحملة خلال الفترة التي شهدت أعلى ارتفاع في نسب الإصابة، حول أثر التعلم عن بعد بحسب رأي الطلبة من الصف السادس للصف الثاني عشر.
وأظهر الاستطلاع بالنسب المئوية، بحسب النمس، أن 55 بالمئة من ذوي الطلبة في المدارس الحكومية يرون أن أبناءهم يواجهون صعوبة في الدخول إلى منصة درسك بانتظام، وعدم توفر شبكة انترنت 24.1 بالمئة، وضعف الشبكة 23.4 بالمئة، و41.4 بالمئة عدم توفر أجهزة كافية.
وقالت إن الوضع الاقتصادي يعتبر معيقا لعملية التعلم عن بعد لعدم القدرة على توفير أجهزة إلكترونية ودفع فواتير الانترنت، إضافة إلى عدم القدرة على توفير البيئة اللازمة للتعلم عن بعد، مضيفة أن التعلم عن بعد وإغلاق المدارس عمق الفجوة بالنسبة للوصول للتعليم النوعي (البرامج الوطنية مقابل البرامج الدولية)، وخلق فجوات متعلقة بالجانب الاقتصادي وعلاقة الفقر بالحرمان من التعليم، والتسرب من المدارس، كما أدى إلى حرمان الأطفال ذوي الإعاقة، وصعوبات التعلم من التعليم وكذلك تعميق الفجوة بين الجنسين في الوصول إلى التعليم بالرغم من إغلاقها منذ سنوات سابقة في الأردن وتفوق الإناث في الكثير من الحالات.
وبينت أنه بحسب دراسة أعدتها مؤسسة درة المنال للتدريب والتنمية حول فاعلية التعليم عبر منصة درسك وشملت 134 عائلة جرى اختيارهم بشكل عشوائي، ظهرت عدة حالات للأسر "تُحرم الإناث فيها من استخدام الانترنت لغايات التعلم لأسباب وقناعات اجتماعية، كما ظهرت حالات أخرى يتم بها إعطاء الأولوية للذكور وفي ظل نقص الأجهزة، مما أدى بالمحصلة إلى حرمان الإناث من حقهن في التعليم".
وكانت قسيسية أشارت خلال تقديمها للحوارية، إلى تقرير البنك الدولي خلال عام 2019، الذي أظهر أن 52 بالمئة من الأطفال الأردنيين في الصفوف الابتدائية يعانون "فقر التعليم".
وفي تقريره في صيف عام 2021، أعاد البنك الدولي التأكيد على ثبات نسبة هؤلاء الأطفال، بمعنى أن نصف طلبتنا في تلك الصفوف لا يستطيعون قراءة نص قصير بشكل سليم، وغير قادرين على فهمه.
ولفتت إلى أن خبراء وكتابا في الشأن التعليمي، يرجحون أن النسبة زادت، خصوصاً أن طلبة الصفوف الأولى، لم يتلقوا تعليماً موجهاً حقيقياً خلال عامي الجائحة، ولم تكن هناك أدوات قياس حقيقية للكفايات مع غياب المعلم أو الميسر، وكذلك الواجبات المدرسية كانت شكلا من أشكال "الضحك على الذقون"، فقد تعاون الأهل والجيران في حلها نيابة عن الطالب.
وقالت إن تأثير الجائحة على التعليم لم يتوقف على عدم تحقيق الكفايات، بل تعداه نحو خسارات مجتمعية عميقة، فالجائحة أثرت في الدخول الاقتصادية للأسر، وألقت بظلالها على الفتيات أكثر من غيرهن.
--(بترا)