الإذاعة في يومها: قرن كامل من الاستحواذ على الأثير العالمي

حجزت الإذاعة قرنا كاملا من الاستحواذ على الاثير العالمي، على الرغم من منافسة شديدة الوطأة وزحام على الفضاء العام شكلته وسائل الاعلام الحديث. قرن الاذاعة اعتبرته منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلم (اليونسكو) عنوانا للثقة المتجددة بهذه المنصة التي استأثرت على البسيطة ومن عليها من البشر الذين يبثون عبرها كل متاعبهم وشجونهم عبر القارات والامم. وبمناسبة اليوم العالمي للإذاعة، الذي يصادف اليوم الأحد، تحت شعار "نعم للإذاعة الثقة"، دعت (اليونسكو) المحطات الإذاعية في جميع أنحاء العالم للاحتفال بالنسخة الحادية عشرة لهذا الحدث والاحتفال بذكرى مرور أكثر من قرن على تأسيس الإذاعة. وبلغ عدد المحطات الإذاعية المرخصة في الأردن نحو 42 محطة، بحسب الموقع الالكتروني لهيئة الاعلام المرئي والمسموع. وقال مراقبون لأداء وسائل الاعلام في أحاديثهم لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، ان الإذاعة تبقى الوسيلة الإعلامية الأوسع انتشارا، وتعني قدرتها الفريدة الوصول إلى جمهور واسع وتشكيل تجربة المجتمع في التنوع، وخلق ساحة للجميع للتعبير عن آرائهم وتمثيلهم وإسماع صوتهم. واستذكر هؤلاء المراقبون إنجازات الإذاعة الأردنية التي استطاعت منذ البث الأول لها، أن تكون مصدر معلومات قوي لتعبئة التغيير الاجتماعي، ونقطة مركزية في حياة المجتمع، مشيرين الى تنوع برامجها لتلبية مختلف الأذواق، ومساهمتها في تعزيز وبناء الثقة بينها وبين المتلقين من خلال المصداقية في المعلومات والتحليلات التي تسهم في دعم ثقة المواطن بإعلامه وثقافته وانتمائه، فضلا عن إحيائها الدراما الأردنية بجدارة. مدير الاذاعة الأردنية مهند الصفدي، اكد أن ما وصلت إليه الإذاعة الأردنية من نجاحات، جاء تتويجا للعمل الدؤوب والمتواصل لإعلاء صوت الحق، انطلاقا من رسالة تنبثق من ثوابت الدولة الأردنية والعربية والثقافية. وأوضح أن الإذاعة الاردنية تعتمد في عملها على أسس وقواعد مضامين الخطاب الإعلامي للدولة الاردنية، ونقل رسالة الأردن وصورته الحضارية، ومحاربة التطرف والإرهاب، وتعزيز قيم الوسطية والاعتدال، كما تبذل قصارى جهدها للوصول الى كل ما يسهم في تعزيز بناء الدولة الأردنية الحديثة. وأضاف، إن الإذاعة تتابع آخر المستجدات وتطوير أدائها في وقت يتسم فيه التسارع الإعلامي الشديد والمنافسة الإعلامية، فتوسعت الإذاعة لتضم حالياً بالإضافة الى اذاعة البرنامج العام، الاذاعة الأجنبية، إذاعة عمان "اف ام"، إذاعة اربد الكبرى، وإذاعة القرآن الكريم، مشيرا الى عمل الإذاعة بروح الفريق الواحد، والحرص على التواصل مع المجتمع المحلي من خلال مراسلينا لتقديم البرامج التي تهمهم، وإبراز متطلباتهم وتطلعاتهم. وأشار في هذا الصدد إلى دور الإذاعة الناطقة باللغة الانجليزية، في مخاطبة المتحديثن بهذه اللغة سواء من أبناء المجتمع المحلي او الجاليات العربية والأجنبية، إضافة إلى الدبلوماسيين، إذ تقدّم على مدار الساعة من خلال برامجها ونشرات الاخبار مواقف الأردن السياسية حيال جميع القضايا المحلية والعربية الإقليمية والدولية، وشرح سياسته المعتدلة ورسالته النهضوية على جميع الصعد، وتغطية التظاهرات والمهرجات الثقافية والفنية للهيئات الدبلوماسية الاجنبية ومراكزها الثقافية، بالإضافة الى ترويج الأردن سياحيا. وقال، إن الإذاعة تعمل بالاشتراك مع الإذاعات الأردنية في العديد من المناسبات الوطنية، في حالة من التعاون بين المؤسسات الوطنية ضمن خطاب موحد وبث مشترك مع 14 أو 20 إذاعة محلية. ولفت الى أن الاذاعة الاردنية عضو مؤسس في اتحاد الدول العربية، وعضو عامل في اتحاد الإذاعات الأوروبية، وعضو مشارك في منظمة الاذاعات الاسلامية واتحاد الإذاعات الآسيوية ومنظمة الإذاعة لدول عدم الانحياز. وقال مدير مديرية البرنامج العام في الاذاعة الأردنية فضل معارك، انه سيتم اليوم الأحد إجراء بث مشترك على الهواء مباشرة مع اذاعة صوت فلسطين حول اليوم العالمي للإذاعة من خلال برنامج (نوافذ) الذي يبث عبر اثير الاذاعة الأردنية، وبرنامج (صباح الخير) الذي يبث عبر اثير صوت فلسطين، وسيدير الحوار عدد من الزملاء والزميلات وهم علم العبادي وميرفت المعايطة وسماح الطلالعة. ويشارك في هذين البرنامجين ضيوف من الاردن وفلسطين، منهم عضو هيئة التدريس في قسم الإذاعة والتلفزيون في جامعة البترا الدكتورة وسن حداد، ورئيس مركز القدس للدراسات المستقبلية في جامعة القدس الدكتور رفيق عوض، فضلا عن انتاج برنامج اذاعي من اعداد وتقديم الزميلة منى الشوابكة عن احد رواد الاذاعة الاردنية وهو الاعلامي الدكتور محمد انيس المحتسب. وأشار كذلك الى أنه سيتم إطلاق العديد من النشاطات الاذاعية، منها إجراء لقاء في برنامج "هنا عمان" المسائي مع مديرة برنامج الاتصال والمعلومات في مكتب (اليونسكو) إخلاص الخوالدة، حول المواضيع الرئيسة الثلاثة لهذا اليوم والمتعلقة بالمحتوى والمنافسة والاستمرارية. وأشار إلى قيامه بإدارة حوار عبر أثير الإذاعة الأردنية في لقاء عربي مشترك حول مستقبل الاذاعة في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، ومواضيع متصلة بهذا اليوم، بمشاركة عدد من الضيوف العرب، وهم الدكتور محمد ابو الرب استاذ الاعلام الرقمي في جامعة بيرزيت، والدكتور ربيعة الكواري استاذ الاعلام في جامعة قطر، والصحفي والاستاذ الجامعي رياض سكمة من اذاعة تونس بمشاركة الزميلتين رزان ابو زنط من اذاعة صوت فلسطين، وبثينة عبدالجليل من اذاعة قطر حيث تم بث اللقاء عبر منصات اتحاد الإذاعات العربية وموقع اليونسكو وأثير الاذاعات الاربعة. وتأتي هذه البرامج الاذاعية والبث المشترك وفق رئيس قسم التبادل البرامجي في الاذاعة الاردنية ليث عكروش، من خلال التواصل والتنسيق بين اقسام التبادل البرامجي في الاذاعات العربية حيث يحرص اتحاد اذاعات الدول العربية كل عام التعميم على الاذاعات العربية لتنفيذ مجموعة من الانشطة والبرامج الاذاعية للاحتفال باليوم العالمي للإذاعة، فضلا عن مشاركة الاذاعة الاردنية في البث المباشر للإذاعات العربية في الثالث عشر من شباط كل عام. من جهته، قال رئيس جمعية المذيعين الأردنيين حاتم الكسواني ان الرقمنة أتاحت فرصا جيدة للإذاعات لتوسيع انتشارها وتفعيل رسائلها، إذ أن إمكانية نقل البث الإذاعي على شبكة الإنترنت بالصوت والصورة منح الإذاعات منصة إضافية لنقل رسائلها غير بثها على الموجات القصيرة (اف ام) والموجات المتوسط والطويلة. كما اتاحت بعض التطبيقات الإلكترونية نقل البث الإذاعي لكافة دول العالم، كما مكنت البرامج الإذاعية من الإعلان عن مواضيعها بشكل مسبق للجماهير وتلقي مشاركاتهم الصوتية او المكتوبة بقبل موعد البث من خلال تحديد صفحات الفيسبوك والإنستغرام والواتساب الخاصة بكل برنامج، بحسب الكسواني. واكد الكسواني أن امتلاك العديد من الإذاعيين لمهارات التعامل مع تكنولوجيا المعلومات مكنهم من مواكبتها واستغلالها في خدمة برامجهم، داعيا إلى تطويع إذاعاتنا لتكنولوجيا المعلومات ومواكبة مستجداتها بشكل كامل ومنتج. وتبقى الإذاعة أهم المنابر لمخاطبة فئة الشباب وتوجيههم وبناء قيمهم بناءً وطنيا وتحصينهم لضمان عدم تأثرهم بأية رسائل سلبية من شأنها التأثير في دافعيتهم ومصداقيتهم، مشيرا إلى مزايا الإذاعة من حيث سرعة انتشارها، لافتا الى ان الثمن الزهيد للمذياع يجعله وسيلة شعبية متاحة لكل طبقات المجتمع، فيما تجعل التطبيقات الالكترونية الحديثة تجعل المحطة المفضلة للمواطن متاحة له في اي بقعة من بقاع الأرض، وفقا للكسواني. وأشار إلى أن من مزايا الإذاعة، قدرتها على مخاطبة قطاع الشباب على مدار الساعة، وتلبية متطلباتهم الفنية والموسيقية، وهو ما يساهم في جذبهم اكثر فاكثر للإذاعة التي تمثلهم، لافتا الى أن هناك ميزة إضافية للإذاعة هي انخفاض كلفة تأسيسها وكلف تشغيلها، إذ لا تتراوح كلفة تأسيس الإذاعة جيدة التجهيزات اكثر من 150 ألف دينار. الأكاديمي والإعلامي الدكتور محمد أنيس المحتسب، يعد شاهدا على تاريخ الإذاعة الأردنية إذ يتوقف في كتابه الصادر عن وزارة الثقافة ضمن إصدارات مئوية الدولة الأردنية 2021 بعنوان " تاريخ الإذاعة الأردنية"، عند كل محطات تاريخ الإذاعة ومهماتها التي نهضت بها عبر عقود خدمتها لأهداف الدولة الاردنية، فكانت خير جندي ينهض بمهام حماية الوطن وشعبه. وقال المحتسب، ان مناسبة اليوم العالمي للإذاعة فرصة للحديث عن المؤسسة الإعلامية الرائدة وأعني بها " إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية من عمان والقدس"، هذا الصرح الإعلامي الذي واكب نمو وتطور المملكة الأردنية الهاشمية، إذ كان المعبر عن طموحات وتطلعات هذا الشعب بقيادته الحكيمة الرائدة، والمدافع عن سياساته بالكلمة الصادقة والحجة الدامغة، والفكر المستنير. وأشار إلى أن الإذاعة حرصت على مخاطبة الجميع بالمنطق والصدق والموضوعية عبر أشكال وقوالب البرامج المختلفة؛ الإخبارية والتنموية والثقافية والدراما، وعبر الأغنية الوطنية واللحن التراثي الجميل. واضاف، ان الاذاعة واكبت الوطن بأفراحه وأتراحه، بانتصاراته وكبواته، وعاشت معه في معسكرات الرجولة والبطولة، وواكبت جلالة المغفور له باذن الله، الملك الحسين بن طلال، طيب الله ثراه، وهو يطلق شعار "فلنبن هذا البلد ولنخدم هذه الأمة". ولفت الى ان الاذاعة كانت مع الوطن في معركة البناء والنماء، وفي معركة الصمود والتحدي في الكرامة الخالدة، وكانت الصوت المجلجل ضد أبواق الدعاية السياسية والتضليل الإعلامي الذي عصف بالوطن العربي ردحا من الزمن، وكانت المنبر الذي انفتح أمام المواطن مثلما هو أمام المسؤول في العديد من البرامج التي كانت من خلاله الصوت المعبر عن قضايا الناس ومشاكلهم وتطلعاتهم، والناقل لآراء المسؤولين وإجاباتهم عن كل ما يعتمل في نفوس المتلقين من آمال وآلام. واستطاعت الإذاعة -مستلهمة ومترجمة للرؤية الملكية- بناء نظام إعلامي أردني يشكل ركيزة لتحقيق التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ويتماشى وسياسة الانفتاح الاقتصادي الاجتماعي والثقافي التي ينتهجها الأردن، ويواكب التطورات الحديثة التي يشهدها العالم، وفقا للمحتسب. وقال، لقد آمنت القيادة الأردنية الرشيدة أن بناء الدولة لا يمكن أن يكون دون بناء إعلام يشجع التعددية واحترام الرأي والرأي الآخر، من خلال عرض وجهات النظر المختلفة في مناخ من الاستقلالية والحرية المسؤولة. وبهذه المناسبة قالت المديرة العامة لمنظمة (اليونسكو) أودي أزولاي عبر الموقع الالكتروني للمنظمة: "تزداد اهمية الثقة بالإذاعة في ظل الظروف الحرجة، باعتبارها وسيلة الاعلام الوحيدة المتاحة في العديد من المنازل سيما في المناطق النائية". واردفت بالقول/ ان الاذاعة ظلت خلال فترة انتشار الجائحة احد اسلم السبل ليعرف المرء من خلالها السلوك الذي ينبغي اتباعه، مبينة أن الإذاعة تقيم علاقة مباشرة وحميمية بقدر اكبر بين المتحدث والمستمع، ولا شك في ان هذه العلاقة الوثيقة لا بد ان تقوم على ضمان الدقة. فالثقة ليست نتيجة للسعي الدؤوب لضمان استقلالية الاذاعة فحسب، بل أيضا نتيجة لتمثيل افضل للغات الفئات، وللأفكار بكل ما فيها من تنوع، وتعمل العديد من محطات الإذاعة بالفعل على معالجة هذه القضايا، ويمكنها التعويل على الدعم القوي من (اليونسكو) مهما كانت معدلات مستمعيها، بحسب أزولاي. يشار إلى أن (اليونسكو) أعلنت في العام 2011 يوم 13 شباط يومًا عالميًا للإذاعة، باعتبارها وسيلة قوية للاحتفال بالإنسانية بكل تنوعها كونها تشكل منصة للحوار الديمقراطي.
--(بترا)