اليوم العالمي للأراضي الرطبة

اليوم العالمي للأراضي الرطبة

يحتفل العالم في الثاني من شباط/فبراير من كل عام باليوم العالمي للأراضي الرطبة حيث يوافق هذا التاريخ اعتماد اتفاقية Ramsarوالتي وقعت في 2 شباط 1971.

ما هي الأراضي الرطبة؟

الأراضي الرطبة هي كل وسط تغمره المياه كليا أو جزئيا أكان ذلك بصفة دائمة أو مؤقتة. تلعب هذه النظم دورا رئيسيا في دورة المياه وهي ذات أهمية حيوية لبقاء البشرية نظراً لفوائدها التي لا حصر لها وللخدمات الإيكولوجية التي تقدمها منذ آلاف السنين.

إن الأراضي الرطبة هي عبارة عن مزيج فريد من النباتات والحيوانات وتشمل مجموعة متنوعة من النظم الإيكولوجية مثل البحيرات، الأنهار، المياه الجوفية، المستنقعات، الأراضي العشبية الرطبة، أراضي الخث، الواحات، مصبات الأنهار، الدلتا، مسطحات المد والجزر، غابات المانغروف وغيرها من المناطق الساحلية، الشعاب المرجانية وجميع المواقع الاصطناعية مثل أحواض السمك وحقول الأرز والخزانات والمستنقعات المالحة.

تتفق الأراضي الرطبة مع المادتان 1.1 و 2.1 من التعريف المعتمد من قبل اتفاقية Ramsar للأراضي الرطبة: «تمثل الأراضي الرطبة مناطق من المستنقعات أو السبخات أو الأرض الخُث، أو المياه، سواء كانت طبيعية أو اصطناعية، دائمة أو مؤقتة، ذات مياه راكدة أو متدفقة، عذبة أو أجاج أو مالحة، تتضمن مناطق بحرية لا يتجاوز عمق مياهها، في مواقع انحسار المياه، ستة أمتار ويمكن أن تشمل المناطق الشاطئية والساحلية المتاخمة للأراضي الرطبة، والجزر أو المسطحات المائية البحرية، التي يتجاوز عمقها الستة امتار عند الجزر، والواقعة داخل الأراضي الرطبة.

اعتمدت اتفاقية Ramsar تصنيفا لأنواع الاراضي الرطبة يشمل 42 نوعا موزعاً على ثلاث فئات:

الاراضي الرطبة البحرية والساحلية

الاراضي الرطبة الداخلية

الاراضي الرطبة الاصطناعية

إن هذا التصنيف يبسط توصيف الأراضي الرطبة وذلك بتقسيمها وفقاً للموقع الجغرافي والإعدادات البشرية، ولكن يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن التداخل قد يحدث لأن الفئات ليست دائما حصرية ولا تتعارض فيما يبنها.

بشكل أعمق، يقسم هذا التصنيف الأراضي الرطبة إلى خمسة أقسام رئيسية هي:

الأراضي الرطبة البحرية (بما في ذلك الأراضي الرطبة الساحلية والبحيرات الساحلية، والشواطئ الصخرية والشعاب المرجانية)

الأراضي الرطبة عند مصبات الأنهار (بما في ذلك مناطق الدلتا ومستنقعات المد والجزر، ومستنقعات المانغروف)

الأراضي الرطبة البحرية (المتصلة بالبحيرات)

الأراضي الرطبة النهرية (المتصلة بالأنهار والجداول)

الأراضي الرطبة المستنقعات (الاهوار والمستنقعات و أراضي الخث)

إن القاسم المشترك بين جميع أنواع الأراضي الرطبة هو الوجود الدائم أو المؤقت للماء مما يخلق تربة ذات خصائص هيدروليكية، ويشجع على نمو نباتات متكيفة تكيفا جيداً. إن هذه الظروف تجعل من الأراضي الرطبة مصدرا هاما للتنوع البيولوجي، فهي تمثل مكانا مناسباً لتكاثر البرمائيات والزواحف التي تحتاج إلى مناطق رطبة وأخرى جافة، وأيضاً مكانا للتناسل والراحة بالنسبة الطيور المقيمة والمهاجرة.

رغم كل الظروف المناخية، إلا أن الأراضي الرطبة تتواجد في كل مكان، من التندرا إلى المناطق المدارية. فقد قدر مركز الرصد العالمي لحفظ الطبيعة (UNEP) أن الأراضي الرطبة تحتل ما يقرب من 6٪ من مساحة كوكب الأرض منها 2٪ بحيرات، 30٪ أراض خث، 26٪ سبخات، 20٪ مستنقعات و 15٪ سهولا فيضيه. مع ذلك، فإنه لا يمكن الجزم بصحة هذه الأرقام لأنها مبنية على تقديرات، حيث أظهرت دراسات أخرى أن الأراضي الرطبة تحتل نسبة أعلى من مساحة الأرض.

أهمية الأراضي الرطبة

1. الأراضي الرطبة هي أكثر الأنظمة البيئية تنوعاً وإنتاجية على سطح الأرض

تعد الأراضي الرطبة من أكثر البيئات الغنية بالتنوع البيولوجي والتي تحتوي على أعداد هامة من الأنواع المختلفة، حيث تأوي الأراضي الرطبة ذات المياه العذبة أكثر من 40% من الاصناف الموجودة في كوكبنا و 12% من جميع الأصناف الحيوانية. كما تمثل أيضاً مصدرا هاما للتنوع الوراثي.

يمثل الأرز في الأراضي الرطبة الغذاء الرئيسي لأكثر من نصف البشرية، في حين استخدمت الحيوانات والنباتات التي تعيش فيها، على نطاق واسع، لغرض الصناعة الطبية. تشير التقديرات إلى أن أكثر من 20 ألف نوع من النباتات الطبية المستخدمة حاليا، يأتي البعض منها من الأراضي الرطبة، وأن أكثر من 80٪ من سكان العالم يعتمدون على الطب التقليدي لتلبية احتياجات الرعاية الصحية.

2 حماية ضد الفيضانات:

عندما يرتفع منسوب المياه بسبب الأمطار الغزيرة، يبطئ الغطاء النباتي من تدفق المياه ويخزن جزءا منها في التربة أو على السطح مما يقلل بشكل طبيعي من خطر الفيضانات والانجراف. بوظيفتها هذه، تمثل الأراضي الرطبة خطوط الدفاع الأولى والطبيعية ضد الفيضانات وخير بديل للهياكل الاصطناعية مرتفعة التكلفة التي يتم انشاؤها.

3. الحماية من تآكل التربة:

يعمل الغطاء النباتي للأراضي الرطبة كمصدر للرواسب التي تساعد على تماسك ضفاف البحيرات والأنهار والشواطئ. إن الفقدان المتزايد للتربة والرواسب هي مشكلة شائعة بسبب ﺍﻷﻧﺸﻄﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ كإزالة الغطاء النباتي وتجفيف الأراضي الرطبة بغرض تحويلها إلى أراض زراعية او مدن سكنية .

4. الحفاظ على نوعية المياه ومكافحة التلوث:

تمثل الأراضي الرطبة خزانات طبيعية، ويمكن اعتبارها نظام صرف صحي طبيعي. إن النبات المائي – نباتات متكيفة تكيفاً جيداً – تبطئ تدفق المياه وتقوم بتنقيتها. يتم فصل الرواسب وجميع الملوثات الكيميائية التي تلج المنطقة الرطبة عن طريق المصادر الزراعية والنفايات البشرية والتصريفات الصناعية. ثم تنساب هذه الرواسب الى القاع ليتم امتصاصها من قبل النباتات، وتحويلها إلى عناصر مغذية، والتي تُمرَّر بدورها إلى الحياة البرية.

إن وظيفة مكافحة الرواسب والمواد الكيميائية وإعادة تدوير العناصر المغذية تمنع انسداد مجاري الانهار وإغناء المسطحات المائية بالمغذيات.

إن ترشيح المياه والسيطرة على التلوث تعتبر من الوظائف الحيوية والفريدة من نوعها للأراضي الرطبة، كما أن بعضها يعتبر مصدرا لتغذية المياه الجوفية، والتي توفر الكثير من المياه الصالحة للشرب في جميع أنحاء العالم.

5. مانع ضد العواصف والرياح:

تساعد الأراضي الرطبة الساحلية على التخفيف من آثار العواصف والرياح عن طريق امتصاص كميات هائلة من الأمواج وقوة الرياح، بينما تثبت جذور النباتات الرواسب في مكانها.

6. التكيف مع ظاهرة تغير المناخ والتخفيف من حدتها:

تساهم الأراضي الرطبة في الحد من أثار تغير المناخ من خلال خاصيتين إثنين: أولا، هي عبارة عن بالوعات هامة للكربون، فهي تخزن الغازات المسببة للاحتباس الحراري، حيث تشير التقديرات إلى أنها تخزن ما يصل إلى 40٪ من الكربون الأرضي على هذا الكوكب (خاصة أراضي الخث والأراضي الرطبة التي تحتوي على الغابات). أما الخاصية الثانية فتتجلى في وظائفها المتمثلة في استيعاب وتنقية المياه وصد العواصف و الرياح، مما يجعل منها خطوط الدفاع الأولى للسواحل والمناطق النائية ضد بعض آثار تغير المناخ كازدياد شدة وتواتر العواصف، تغير أنماط تساقط الأمطار، وارتفاع مستوى سطح البحر ودرجة حرارته.

7. منتجات الأراضي الرطبة:

في واقع الأمر، يمكن للأراضي الرطبة أن تكون مثمرة للغاية إذا ما أديرت بشكل جيد. فالأراضي الرطبة توفر مزايا أخرى للبشر في شكل مجموعة من المنتجات التي يمكن استغلالها على نحو مستدام، نذكر منها، على سبيل المثال، الفواكه، الأرز، الأسماك، المحار، الغزلان، الأخشاب للبناء، الحطب للتدفئة والقصب لتغطية أسقف المنازل، إضافةً إلى الأعلاف الحيوانية وغيرها من المنتجات الأخرى… كما تستغل الأراضي الرطبة في جميع أنحاء العالم في عدة مجالات مثل اقتصاد الكفاف، الصناعات المحلية والأنشطة التجارية.

8. الترفيه والسياحة:

تمثل الأراضي الرطبة، بجمالها الطبيعي وتنوع الحياة الحيوانية والنباتية فيها، وجهة مثالية للسياحة، فبعضها إما مناطق محمية أو مواقعاً للتراث العالمي. يمكن القيام بالعديد من الأنشطة في هذه المناطق مثل صيد السمك، ركوب الزوارق، مشاهدة الطيور إضافةً إلى الصيد… كما يمكن أن تكون ذات فائدة تعليمية كبيرة جدا لأطفال المدارس وأيضا لعامة الناس.

إن الوظائف المختلفة، المذكورة أعلاه، تمنح الأراضي الرطبة أهمية فريدة من نوعها للنباتات والحيوانات، وكذلك للإنسان. إن الأراضي الرطبة مهمة للسكان المحليين، وكذلك لإمدادات المياه العذبة في العالم.

إن الاستخدام المفرط لموارد المياه العذبة المحدودة (التي تشكل 2.5٪ من إجمالي حجم المياه على كوكب الأرض) والزيادة المتوقعة في استغلال هذه الموارد في المستقبل يضفي صورة قاتمة عن مستقبل الأراضي الرطبة مما قد يؤثر على مستقبل البشرية.

لقد بدأنا نلاحظ بالفعل ندرة في المياه في أجزاء كثيرة من العالم، فوفقا لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، في عام 2025، يمكن أن يتعرض ثلثي سكان العالم إلى ظروف الإجهاد المائي. إن عدم وجود المياه العذبة والنمو السكاني المتزايد يشكلان تهديدا حقيقيا للبشرية مما يعني ضرورة إيجاد حلول سريعة، تتمثل أساساً في الحفاظ على الأراضي الرطبة نظراً لما تقدمه من وظائف شديدة الأهمية كتخزين وتنقية المياه وتجديد مصادر المياه الجوفية.

إن للأراضي الرطبة أهمية كبرى كجزء من الموروث الثقافي للبشرية. ربما تكون وظائفها الإيكولوجية قد حجبت أهمية هذا الجانب، لكنه أصبح يحظى الآن بقدر متزايد من الاهتمام. فالأراضي الرطبة ترتبط ارتباطا وثيقا بالمعتقدات الدينية والكونية، وتعتبر أحد منابع الحس الجمالي، وملاذا للحياة البرية وهي ترتبط عادةً بالأشكال التقليدية للحياة. لهذا فأن الحفاظ عليها يساهم في الحفاظ على التقاليد البشرية باعتبارها جزء من الهوية الثقافية لشعوب كثيرة