المقالة الجامعة / الحلقة الثالثة
مروان العمد
من اكثر المواضيع التي اثارت النقاش بين الاردنيين في الآونة الاخيرة هي اضافة كلمة الاردنيات الى جانب الاردنيين في مطلع المادة السادسة من الدستور ليصبح نصها ( الاردنيين والاردنيات امام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق او الدين او اللغة ) . وقد قابلها معظم الاردنيين بالرفض ، فالبعض قال ان كلمة الاردنيين تشمل الذكور والاناث . والبعض قال ان ذلك سوف يترتب عليه تغيير في قانون الجنسية ومنح ازواج الاردنيات واولادهن الجنسية الاردنية ، مما يعني تغييراً في التركيبة السكانية للاردن ، وان هذا الامر هو توطئة لتحقيق الوطن البديل للشعب الفلسطيني . والبعض قال ان ذلك سوف يؤدي الى تغيير قانون الاحوال الشخصية ليتماشى مع بنود اتفاقية سيداو ، بحيث تصبح النساء احراراً في اماكن سكنهن وعلاقاتهن الجنسية ، وان يفقد الاب السيطرة على اولاده ، وان ينتشر الانحلال والعلاقات الجنسية الشاذة . قد يكون للبعض اسبابه لهذه التخوفات بالرغم من انها غير واردة . ولسوف اقدم براهيني على ذلك بداية من الدستور الاردني ثم من القوانين ومصادر التشريع ، ثم سوف اتناول هذه التخوفات بالبحث والتحليل .
وبداية فقد ورد في الفصل الاول من الدستور وفي المادة الثانية منه ان الاسلام دين الدولة . وابسط مفهوم لهذه المادة يعني انه لا يجوز ان يحوي الدستور الاردني اي نص يخالف نصوص الشريعة الاسلامية ، والا اعتبر ذلك غير دستوري .
فكيف يكون اضافة كلمة الاردنيات الى جانب كلمة الاردنيين في المادة السادسة من الدستور يعطيهن حقوقاً مخالفة لنصه ، و مخالفة للشريعة الاسلامية .
كما ورد في الفقرة الرابعة من هذه المادة ( ان الاسرة اساس المجتمع ، قوامها الدين والاخلاق وحب الوطن ، يحفظ القانون كيانها الشرعي ويقوي اواصرها وقيمها ).
وورد في الفقرة الخامسة من هذه المادة ( يحمي القانون الامومة والطفولة والشيخوخة ويرعى النشء وذوي الإعاقات ويحميهم من الإساءة والاستغلال ) فكيف يستقيم ذلك مع القول ان وضع كلمة الاردنيات سوف ينسف كل هذه القوانين والقيم .
وفي باب السلطة القضائية الماده 104 من الدستور تقسم المحاكم الدينية الى
1 — المحاكم الشرعية
2 — مجالس الطوائف الدينية الاخرى
وورد في المادة 105 من هذا الباب / للمحاكم الشرعية وحدها حق القضاء وفق قوانينها الخاصة في الامور التالية .
1— مسائل الاحوال الشخصية للمسلمين
2– قضايا الدية اذا كان الفريقان مسلمين او كان احدهما غير مسلم ورضي الفريقان ان يكون حق القضاء في ذلك للمحاكم الشرعية
3 — الامور المختصة بالاوقاف الاسلامية
ثم ورد في المادة 106 من الدستور ( تطبق المحاكم الشرعية في قضاءها احكام الشرع الشريف ) . فكيف سوف ينسف وضع كلمة الاردنيات كل هذا النصوص الدستورية والذي لا يمكن ان يخرج قانون الاحوال الشخصية عن احكامه ، والا اعتبر غير دستوري ؟
واذا ذهبنا للقانون المدني رقم 43 لعام 1976 تنص المادة الثانية منه على : -
1 — تسري نصوص هذا القانون على المسائل التي تتناولها هذه النصوص بالفاظها ومعانيها ولا مجال للاجتهاد في معرض النص
2 — فأذا لم تجد المحكمة نصاً في هذا القانون حكمت بأحكام الفقه الإسلامي الاكثر موافقة لنصوص هذا القانون . فأن لم توجد فبمقتضى مبادئ الشريعة الاسلامية
3 — فأن لم توجد حكمت بمقتضى العرف ، فأن لم تجد حكمت بمقتضى قواعد العدالة ، ويشترط في العرف ان يكون عاماً وقديماً وثابتاً ومطرداً ولا يتعارض مع احكام القانون والنظام العام او الآداب . اما اذا كان العرف خاصاً ببلد معين فيسري على ذلك البلد
4 — يسترشد في ذلك كله بما اقره القضاء والفقه على ان لا يتعارض مع ما ذكر .
وورد في المادة الثالثة منه بأنه يرجع في فهم النص وتفسيره وتأويله الى قواعد اصول الفقه الاسلامي .
فكيف بعد ذلك نقول ان ورود كلمة اردنيات سوف يعطيهن حقوقاً تخالف الدستور والشرع والقوانين وان مجرد وضعها يعني تنفيذ بنود اتفاقية سيداو المخالفة للشرع الاسلامي دون ان يكون مطروحا الغاء كل هذه النصوص الدستورية والقانونية ؟ .
ثم سوف اقوم بالرد على ادعاءات المعارضين لوضع كلمة الاردنيات في الدستور .
أولاً — فقد قال البعض ان كلمة اردنيين تكفي وانها تعني جميع الاردنيين وانها كلمة لا تؤنث على رأي سيبويه ، وانها تعني ان الاردنيين رجالاً ونساءاً متساوين امام القانون في الحقوق والواجبات .واذا كان ذلك حقيقياً فلماذا يخشى من اضافة كلمة اردنيات وهن يستطعن الحصول على حقوقهن كاملة تحت عبارة الاردنيين ؟ ثم هل ان كل الاردنيين متساوين فعلاً في الحقوق والواجبات ذكورا ام اناثاً ؟ . وعلى فرض انهم متساوين من حيث النص الدستوري والقانوني ، هل هم متساوين في الحياة العملية ؟ كم انثى دفعت حياتها ثمنًا لذنب اتهمت به ولم تكن قد ارتكبته ؟ كم انثى حُرمت من ارثها حتى لا تذهب اموال العائلة لزوج غريب ؟ كم انثى حُرمت من التعليم او العمل لأن تقاليد الاسرة لا تسمح بذلك ؟ كم انثى زوجت من غير رضاها لان ذويها اختاروا لها العريس المناسب من وجهة نظرهم ؟ كم منهن تم بيعهن لعجوز او ثري مقابل مهر كبير لا تحصل هي منه على شيئ ؟ كم واحدة كانت ضحية عنف اسري من اب او زوج او اخ ظالم ؟ كم ام حرمت من رعاية اولادها او حتى مشاهدتهم بعد طلاقها من زوجها وخاصة اذا تزوجت بعد ذلك من شخص آخر ؟ كم واحدة حصلت على نفقة عادلة لاولادها بعد طلاقها ؟ كم انثي حصلت على راتب اقل بكثير من زميلها الذي يعمل نفس عملها مستغلين انها انثى ، او انها بحاجة الى العمل لتعيل اطفالها ؟ وكم تم تجاهل اسمها وهي مولودة ، وهي عروس ، وهي متوفاة ، فيقال طفلة فلان عند ولادتها او ابنة فلان عند زواجها ، وابنة او زوجة فلان عند وفاتها ، وكأنه لا وجود شرعي لها . ثم تقولون ان الاردنيين متساوين في الحقوق والواجبات ، وانه لا داعي لقول الاردنيات في الدستور ؟ ام ان هذا الرفض حتى لا يتمكنْ من المطالبة بحقوقهنّ الدستورية والقانونية والشرعية الاسلامية ، وليس لما ورد في اتفاقية سيداو .
ثانياً — البعض يقول ان ذلك سوف يؤدي الى منح الجنسية الاردنية لازواج وابناء الاردنيات . وكأن وضع كلمة الاردنيات في الدستور سوف يحقق هذه النتيجة مع ان ذلك محكوم بقانون الجنسية الاردنيه لعام ١٩٢٨ وتعديلاته في عام 1954 ، ومحكوم بقرار الجامعة العربية في عدم قبول تجنس احد رعايا دول الجامعة العربية بجنسية دولة اخرى من دول الجامعة العربية بالاضافة لجنسيته ، ومخالف للتوجهات التي تتطلبها حماية حقوق الفلسطينيين في ان يحملوا جنسية دولتهم ، ومخالف للمبادئ التي سار عليها الاردن ان لا للتوطين ولا للتجنيس .
ثالثاً — والبعض قال ان ذلك سيكون مدخلا لتعديل قانون الاحوال الشخصية وبما يخالف مبادئ الشريعة الاسلامية كالسماح بزواج المثيليين او العلاقات الجنسية خارج اطار الزواج بما يتماشى مع اتفاقية سيداو ، وهو الامر الذي سبق وان ذكرت باستحالته لأن الدستور يشترط ان يكون هذا القانون متوافقاً مع احكام الشريعة الاسلامية ، تلك الاتفاقية التي اراهن ان غالبية من تحدث وتهجم عليها لم يطلع عليها ، ولم يطلع على التحفظات الاردنية على بعض بنودها التي لا تتفق مع ديننا وعقيدتنا وعاداتنا .
وحتى قرار مجلس النواب عند اقرار هذا التعديل الدستوري ، باشتراط اغلبية ثلثي اعضاء مجلس النواب والاعيان لإجراء اي تغيير او تعديل على قانوني الجنسية والاحوال الشخصية. ، فأنه يقع في خانة لزوم ما لا يلزم ، لان احكام الدستور تحول دون إجراء اي تعديل عليهما لايتوافق مع شريعتنا الاسلامية .
يتبع في الحلقة الرابعة
مروان العمد
ملاحظة / جميع ما ورد في هذه الحلقة، وسيرد في بقية حلقات مقالتي هذه يمثلني انا ، ويعبر عن رأيي الشخصي . واحترم رأي ووجهة نظر كل من يخالفني في ذلك .